حَنَانُ
الحوريات
(يخاطبن هرميس)
:
لكَ الحبُّ فيما أتاحتْ لنا
سريرتُكَ السَّمْحَةُ الطاهرَهْ
ومن مَلَك مِثْلُ هذا الحديثِ
طُمأنينَةً المُهَجِ الحائِرَهْ
عَطَفْتَ على قَلْبِ هذا الفَتَى
قلوبًا على فَنِّهِ ثائِرَهْ
وصَوَّرَتْهُ مَلَكًا ناقمًا
على آدميتِهِ الجائِرَهْ!!
هرميس
:
أجل هُوَ ذاكَ ولو زِدْتُكُنَّ
لزِدْتُنَّ عطفًا على فَنِّهِ
وما ذنبُ روحٍ نَمَتْهُ السماءُ
إذا ضجَّ في الأرضِ من سِجنِهِ
تَعَلَّقَ مهواهُ فوق النجومِ
وَحَوَّمَ وَهْنًا على كنِّهِ
لينعمَ في ظِلِّهِ لَحْظَةً
ويملأَ عينَيْهِ من حُسْنِهِ
لَهُ وَلَعٌ بخدورٍ النجومِ
إذا ما تَخَلَّصَ من طيفِهِ
ويا رُبَّ لَيْلٍ كوادي الخيالِ
دَعَتْهُ الحقيقةُ من جَوْفِهِ
فسار يَضُمُّ صُدُورَ الغَمَامِ
ويستضحكُ النُّورَ في سُدْفِهِ
وغاب كأعجوبةٍ في الدُّجى
تحارُ الأساطيرُ في وَصْفِهِ!
(هرميس ينظر إلى غمائم بيضاء قريبة وكأنما يترقب شيئًا عندها.)
على الأرضِ شيطانُهُ الحائِمُ
وفي الكون وجدانُهُ الحالِمُ
مضى سابحًا في عُبابِ الأثِيرِ
كما يَسْبَحُ النظرُ الساهِمُ
يدورُ فلا أفقٌ يَنْتَهِي
إليهِ، ولا كوكبٌ هائِمُ
وحيثُ هو الآن فيمَنْ أَرَى
هناكَ على سِرِّهِ جاثِمُ
سافو
:
هُنَاكَ!
بليتيس
:
هناك! كأنِّي أراه!
هرميس
(مشيرًا بيده)
:
نعم خلفَ هذا الغمامِ الرقيقْ
إذا ما عطفتنَّ ناديتُهُ
عسى الآن من رَوْعِهِ أن يُفِيقْ
ألا أيُّها الروحُ مني السلامْ
وأنتَ بحبِّ العذارَى خليقْ
عرائِسُ أحلامِكَ الماثلاتُ
وما أنا إلا مَلاكٌ صديقْ!
(صمت … الحوريات يبدو عليهن القلق، ويترقبن في لهفة حديث هرميس.)
هرميس
:
لقد طَلَعَ الفجرُ، يا شاعري
وكادتْ تزولُ نجومُ الصباحْ
وحان الرواحُ فودِّعْ خباءَكَ
وادنُ أحدِّثْكَ قبل الرواحْ
الشاعر
:
أتهتفُ بي أنتَ؟ أم هُنَّ؟ أمْ
نذيرُ الردى والقضاءُ المتاحْ؟
بليتيس
:
تُراكَ سمعتَ أحاديثَنَا؟
الشاعر
:
لقد نَقَلَتْهَا إليَّ الرياحْ!
عجبتُ لحوريَّةٍ في السماءِ
ويأخذ أهلَ السماءِ العجبْ
أتحلُمُ بالأرضِ مخمورةً
من الدمِ، راقصةً في اللهَبْ!؟
وتُغْرِي بيَ الموتَ، لا جانيًا،
ولكنها ثورةٌ من غَضَبْ
برئِتُ من الإِثْمِ حوريَّتِي
فَرُدِّي الظُّنونَ وخَلِّي الرِّيَبْ!