الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

حانة «الملاح التائه» حانة صغيرة أنيقة، مزدانة بالقناديل الزجاجية الملونة، رفعت على جدرانها صور تمثل مغامرات العشاق في العصور الأولى. ذات باب عريض مواجه لرصفة البحر بميناء «بيبلوس». أرسطفان الخمار وزوجته أنتجونا في صدر الحانة منهمكان في تجفيف الأقداح وصفها بعناية، وقد أخذ ظل المساء يمتد على الشاطئ.

(يمر في هذه اللحظة باتوزيس وهو يتأمل ما حوله فيسترعي انتباهه منظر الحانة، فيقف ببابها ويعتمد قيثاره ويسترسل في الإنشاد):

(أنتجونا في شبه حلم لذيذ، تنظر إلى زوجها وقد كفت يدها عن الأقداح، وهي تقول):

(أرسطفان يملأ قدحًا ويضعه على المائدة، أنتجونا ترفعه وتقدمه إلى باتوزيس، وهي تقول):

(تخرج أنتجوتا من الباب الخلفي كأنها متضايقة.)

(يقترب موكب الملاحين وهم ينشدون نشيدهم حتى يدخلوا الحانة بأزيائهم البهجة، وهم مستمرون في نشيدهم ويأخذون أماكنهم.)

(أرسطفان يسرع بالأقداح والأباريق.)

(الجميع يملئون أقداحهم ويرفعونها وهم ينشدون مع الإعادة وبالطرق على الموائد.)

(أحدهم يغني الشطر الأول والجميع يرددون الشطر الثاني.)

(ضحك متواصل.)

(يرتقي باتوزيس مائدة ويشير إلى أرسطفان فيناوله قدحًا فيرفعه عاليًا، وهو ينشد.)

(الرجال يرفعون أقداحهم والنساء يصفقن رافعات الأقداح.)

(يميل عليها حرشاف فيقبلها والجميع يهتفون):

(ثم تثب فجأة واقفة ملقية بمعطفها نازعة وشاحها، وتبدأ في رقصة خلابة مثيرة تشرئب إليها الأعناق، وتتردد صيحات الإعجاب. ثم تنتهي رقصتها فتقف حانية رأسها، مضمومة اليدين على صدرها، بين التصفيق والهتاف، وتلمع الفتنة في عيني داريوس فينحني مقبلًا قدميها مادًّا ذراعيه لضمها، وهو يصيح):

(ويحتضنها داريوس وينزل بها وهي مغمضة العينين موسدة رأسها صدره، وهو يناجيها):

(ويقبلان بعضهما.)

(وفجأة يدخل أزمردا الحانة بزيه العجيب ومشيته المهيبة دون اكتراث بالجميع، فيسترعي منظره الأنظار، ويأخذ مكانه بانحراف في آخر الحانة بينما ينظر إليه باتوزيس من طرف خفي، وهو يقول لنفسه):

(ويسري المرح في جو الحانة من جديد ويسرع أرسطفان بأباريق الخمر فيهتف سرنبال):

(يعتمد باتوزيس قيثاره ويأخذ في الإنشاد حينًا والغناء حينًا آخر ويشترك معه الجميع في بعض أبياتها):

(ويغادر الجميع، ما عدا أزمردا، وقد ألقوا بنقودهم، ثمن الشراب، على الموائد فيسرع أرسطفان إلى جمعها مبتهجًا.)

(باتوزيس يتصنع الدهشة والفرح معًا، يحمل قدحه ويخف به إلى أزمردا وهو يقول):

(وفجأة تعلو ضجة بباب الحانة حيث يبدو «أزيرو» متعلقة بذراعه «شيلا» ومن ورائه جماعة من الرجال والنساء بينهن «سمارا»، ويأخذ أزيرو مكانه مواجهًا لأزمردا وهو يقبل شيلا فيندفع رجل من الجماعة إليه):

(ويسرع أرسطفان بالأقداح بادئًا بأزيرو وشيلا واضعًا أمامهما صحفتين من العنب والتين، ويمر بالجميع موزعًا الأقداح فيرفعونها وهم يهتفون):

(تغمض عينيها وتقرب وجهها منه فيضع في عنقها عقدًا مصاغًا من دنانير ذهبية صغيرة، والجميع ينظرون بلهفة بينما تنهض سمارا من مكانها في غيظ وكمد):

(وينهض أزيرو حانقًا فيصفع سمارا ويدفع بها بقوة بين قدمي أزمردا وهي تتشج بكاء، فيرفعها أزمردا ويجلسها على كرسيه بينما يتقدم أزيرو منه صائحًا):

(فيستل أزيرو سيفه وفي لمحة خاطفة يجرد أزمردا سيفه، ويضرب به سيف أزيرو فيكسره ويقف أزيرو عاجزًا.)

(وتتردد صيحة من جوانب الحانة.)

(ويتراجع الرجال والنساء متلاصقين خوفًا وهم يرددون هذا الاسم في رعب وفزع، بينما يغمد أزمردا سيفه ويتناول قلنسوته، ويشير إلى باتوزيس فيهرع إليه طائعًا، ويسير إلى جانبه كالمسحور، وهما يغادران الحانة تتبعهما سمارا بين هذه الصيحات والهمسات!)