عَاصِفَةٌ في جُمْجُمَةٍ
ضَجَّت الأنجمُ في آفاقها
ذاتَ ليلٍ تشتكي طولَ الأبَدْ
فمضتْ تصرخُ من أعماقها
أيُّهذَا الليلُ نَبِّهْ مَنْ رقدْ!
أطلِقِ الجنَّ يرفرفْ لائذَا
بالرُّبى يصرخُ من خلفِ الرءوسْ
أيها الأحياءُ، ما الكونُ إذا
تُنثر الشُّهْبُ وتندكُّ الشموسْ؟
أحياةٌ سَمْتُها صخرٌ ونارْ
حَفَّتِ الأشواكُ من يسلكُه؟
تنقضي الآجالُ فيه والسِّفارْ
أبديٌّ، ويحَ من تُهلكُه!
احملوا أمسِ إلى حفرتِهِ
وتَخَطَّوا هوَّةَ الوادي السحيقْ
واحفزوا النجمَ إلى ثورتِهِ
واحطموا أنوالَ ليلٍ لا يُفيقْ
أيقظوا في الليلِ ثاراتِ الرعودْ
إنَّها ثاراتُ جبَّارِ السماءْ
إن يشَأْ أرسلَها فوق الوجودْ
فإذا الكونُ هشيمٌ وهباءْ
لو تَمَشَّتْ بمناياها الرجومْ
لاستحال الخلقُ والكونُ سُدى
ورأيتَ الأرض حيْرى والنجومْ
تذرع الجوَّ على غير هدى
أيها الأحياءُ، يا أسرى القضاءْ
كيف أمسيتم بدنيا الحدَدِ؟
وعليكم في غياباتِ الشقاءْ
ضَرَبَتْ آفاقُها بالسدَدِ؟!
صرخةٌ في الكون دوَّتْ! يا لَها
خَلَعَتْ أصداؤُها قلبَ الزمنْ
قفَّ منها الشوكُ وارتجَّ لها
مَعبَدُ الليلِ على شُمِّ القُننْ
صرخةٌ منها السماواتُ انثنتْ
وقد استعصت على طارِقها
صاحَ منها الوحش ذعرًا والتفتْ
يسألُ الوديانَ عن خالقها
وإذا الموتى يَشُقُّونَ الوهادْ
كالضواري كلُّهم عاري البدَنْ
رحمةَ الله!! أتى يومُ المعادْ
فنسوا من هولِهِ حتى الكفنْ؟
أين منكَ الشمسُ، يا مشرقَها
أتُراها خلف أسوارِ الأبدْ
حجبتها فهيَ لن تطلقَها
يومَ لا يبقى على الأرضِ أحدْ!
هبَّتِ الجنُّ تنادي بالثبورْ
في كهوف الأرضِ، يا أهلَ الكهوفْ
احشدوا الريحَ على ظهر الصخورْ
وابعثوها ذاتَ نقسٍ وزفيفْ
انزعوا الصخرَ من الطَّودِ المنيعْ
واجعلوه زادَكم عند الكفاحْ
واصعقوا قُنَّةَ واديه الرفيعْ
تتهدمْ تحت أقدامِ الرياحْ!
لا تُصيخوا، دقَّ ناقوسُ القضاءْ
فاحملوا أشلاءَ هذا العالمِ
احملوها، واعبروا جسرَ الفناءْ
واسبحوا فوق العماء الحالمِ