الفن الجميل
ضَاربٌ في الخيالِ مُلْقٍ عِنانَه
مَلَكَ الوحيُ قلبَه ولسانَه
مستفيضُ الجمالِ، أزهرُ كالور
د، إذا كلَّلَ النَّدى أفنانَه
عاشَ بين الأنامِ نِضْوَ غرامٍ
لم يُنَفِّض من الصِّبَا طيلسانَه
ملأ الكونَ من أياديه سحرًا
وبنى ملكه وشدَّ كِيانَه
وحباهُ الخلودَ في العالم الفاني
وأبقى على البلى سلطانَه
هو فجرُ النبوغِ يصدحُ فيه
كلُّ من أطلقَ الهوى وجدانَه
وسماءٌ للشَّاعر الفذِّ منها
يستقي الشعرُ وحيَه وبيانَه
تجتلي ريشة المصوِّرِ منه
كلَّ عذراءَ لا تَرُدُّ بنانَه
وهو قيثارةُ الخلود عليها
يعزفُ الطيرُ في الرُّبى ألحانَه
وأنا الشَّاعر الذي افتنَّ بالحسنِ
وأذكتْ يدُ الحياةِ افتنانَه
معهدي هذه المروجُ، وأستَا
ذي ربيعُ الطبيعةِ الفينانَهْ
وأزاهيرُ حانياتٌ على النهـ
ـرِ يُقَبِّلْنَ، في الضحى شُطآنَه
ناشراتٍ وشيَ الربيع عليها
ساكباتٍ، في لجِّهِ، ألوانَه
يتسمَّعنَ للخرير المناجي
ويرتِّلنَ للرُّبى تَحنانَه
معبدٌ للطيور، راهبهُ الليلُ،
وناقوسه الصَّبا الرنَّانَةْ
ومحاريبُ للعذارى إذا ما
سَكَبَ الغربُ في الدجى أُرجوانَهْ
قام ربُّ الفنِّ الجميلِ عليها
مستَحِثًّا تحت الظلام قِيَانَهْ
يتغنى لحنَ الخلود ويدعو
من وراءِ الغيبِ الرهيبِ زمانَهْ
أيُّها الدهرُ: حسبك الله، ماذا
برجالِ الفُنون هذى المهانَهْ؟
هل تبينتَ في رفاتِ أواليَّ
دفينًا محا البلى عنوانَه؟
قف على الفنِّ بين شرقٍ وغربٍ
وصفِ العالمَ المخلِّد شانَهْ
عرشُ غرناطةَ، إلهُ أثينا
تاجُ روما، سماءُ مجدِ الكنانَهْ
يشرق السحر من تماثيل فيها
ومقاصيرَ كالبروجِ المزانَهْ
وتراءى العذراءُ تُلْهمُ رافائيـ
ـلَ روح الخلودِ وحيَ الديانَهْ
وابنُ حمديسَ في الملا، ولمر
تينِ يفيضانِ صبوةً ومجانَهْ
ناجيَا الروضَ والبحيرةَ حتَّى
لمسَ الفنُّ فيهما عُنفوانَهْ
إنما المجدُ، في الورى، لِمُغَنٍّ
هزَّ قلب الورى وقادَ عِنانَهْ
ولمن ساسَ في الممالكِ عدلًا
وارتضى الحقَّ في العلا بنيانَهْ