الْمَلِكُ الْبَطَلُ
نُظِمَت على أثر وفاته فجأة في مدينة برن عاصمة سويسرا عام ١٩٣٣، وقد كانت فجيعة العرب فيه أبعد أثرًا من كل الفجائع التي توالت عليهم من أيام الحرب الكبرى الماضية.
وقد كان — رحمه الله — أول ملك عربي عمل جهده لاستقلال «العراق» بلاده المحبوبة، ومن أعظم الرجالات الذين كرَّسُوا حياتهم لخدمة القضية العربية.
تألَّق كالبرقة الخاطفَةْ
وجلجل كالرِّعدة القاصفَهْ
مُبينٌ من الحقِّ، في صوته
صدى البطش والرحمةِ الهاتفَهْ
يخوضُ الغِمارَ دمًا أو لظًى
ويركبُ للمأربِ العاصفَهْ
يطير على صَهَوات السحاب
ويمشي على اللجِّةِ الرَّاجفَهْ
ويقتحمُ الموتَ في مأزقٍ
ترى الأرضَ من هوله واجفَهْ
تَمَزَّقَ في جانبيه الرياحُ
وتنفطرُ السُّحُبُ الواكفَهْ
وتشتجرُ الرُّجُمُ الهاوياتُ
وتعتنقُ الظُّلَمُ الزَّاحفَهْ
عَشيَّةَ لا القلبُ طوعَ النُّهى
ولا العقلُ تأسِره العاطفَهْ
ولكنها وثباتُ الجريءِ
على عثراتِ المنى الخائفَهْ
شعوبٌ تعالِجُ أصفادَها
وتأبى الحياةَ بها راسفَهْ
صحَتْ بعد إغفاءة الحالمين
على لُجَّةِ الزمنِ الجارفَهْ
وحسبكَ بالدهر من منذرٍ
كَرَبِّ يعاقبُ من خالفَهْ
رأيتَ السفينة في بحره
تنَازعُها اللججُ القاذفَهْ
مددتَ يديك فأرسيتها
أمانًا من الغمرةِ الحائفَهْ
وخلفك من يَعْرُبٍ أمةٌ
إلى النور فازعةً شاعفَهْ
نَضَتْ فيصلًا من صقال السيوف
يُقَبِّلُ فيه الضحى شارِفَهْ
أعدتَ لها مجدها المجتبَى
وبوَّأتها الذروة الشائِفَهْ
بناءٌ من السؤدد الْيَعْرُبِيِّ
دَعمْتَ بتالده طارفَهْ
جَلَتْ فيه (بغدادُ) عهدَ الرشيد
وأحيتْ لياليَّهَا السالِفَهْ
وأرسلتَها بعد نسيانها
حديثَ النباهةِ والعارفَهْ
فوا أسفًا، كيف روعتَهَا
بفقدك في الليلةِ السادفَهْ
صَحَتْ (برنُ) منكَ على نبأةٍ
تسيل البروقُ بها راعفَهْ
رمى الغربَ بالشرق إيماضَها
فردَّ الشموسَ به كاسفَهْ
أناخَ على سَرَوَات العراق
فقصَّفَ أفنانَها الوارفَهْ
طوى فجرُها بسماتِ المنى
وأسكتَ أوتارَها العازفَهْ
ومُصطبحينَ هوتْ كأسهم
حُطامًا على الشفةِ الراشفَهْ
أفاقوا على حُلُمٍ رائعٍ
كأنَّ بهم فَزَعَ الأزفَهْ
يردُّون بالشكِّ صوتَ اليقينِ
وتصدقُه الأعينُ الذارفَهْ
وإني لأسمعُ ما يسمعونَ!
صدى الويلِ في صخَب العاصفَهْ!
وكيفَ؟ وقد كنتَ نجمَ الرجاءِ
إذا قيلَ: ليس لها كاشفَهْ
وما عرفوا عنك نقصَ التمام
وبيعَ الصحيحةَ بالزائفَهْ
تحفك أبَّهةُ المالكين
ونفسُك عن زهوها صادفَهْ
سَرَتْ بالوداعة في بأسها
سُرَى النَّسْمِ في الليلة الصائفَهْ
وتحملُ عنهم من العبء ما
تخرُّ الجبالُ له خاسفَهْ
تَهزَّأُ من صرعات الردى
وتُمسي على أمرهم عاكفَهْ
إلى أن طوتْها وأودتْ بها
غوائلُ تطوي الدجى خاطفَهْ
فراحتْ ترفُّ على كفِّها
رفيفَ النَّدى في اليد القاطفَهْ
وما هيَ إلا دموعُ الأَسى
هَمتْ من جراحاتها النازفَهْ
وما نَسِيَتْ دجلةً إنَّها
بشطَّيْهِ حائمة طائفَهْ
تباركهم من سماء الخلود
وتدعو لغازيهمُ هاتفَهْ