انْتِظَارٌ
طال انتظارُكَ في الظلام ولم تَزَلْ
عينايَ ترقب كلَّ طيف عابرٍ
ويطير سمعي صوبَ كلِّ مُرِنَّةٍ
في الأفق تخفقُ عن جَناحيْ طائِرِ
وترفُّ روحي فوق أنفاسِ الرُّبَا
فلعلَّها نَفَسُ الحبيبِ الزائرِ
ويَخِفُّ قلبي إثرَ كل شُعاعةٍ
في الليلِ تومض عن شهابٍ غائرِ
فلعلَّ من لمحات ثغرِكَ بارقٌ
ولعلَّه وضحُ الجبينِ الناضرِ
ليلٌ من الأوهام طالَ سهادُه
بين الجوى المضني وهجسِ الخاطرِ
•••
حتى إذا هتفتْ بمقدمكَ المُنى
وأصختُ أسترعي انتباهَةَ حائِرِ
وسَرَى النسيمُ من الخمائِلِ والرُّبى
نشوانَ يعبِقُ من شذاكَ العاطِرِ
وترنَّم الوادي بسلسلِ مائه
وتَلَتْ حمائِمُهُ نشيدَ الصافرِ
وأطلَّتِ الأزهارُ من وَرَقاتِها
حيرى تَعَجَّبُ للربيعِ الباكِرِ
وجرى شعاعُ البدر حولَكَ راقصًا
طربًا على المرح النضيرِ الزاهرِ
وتجلَّتِ الدنيا كأبهج ما رأتْ
عينٌ وصوَّرَها خيالُ الشاعِرِ
ومضت تكذبني الظنونُ فأَنْثَنِي
مُتَسَمِّعًا دقاتِ قلبي الثائِرِ
أَقْبَلْتَ بالبسماتِ تملأ خاطري
سحرًا وأملأُ من جمالِك ناظري
وأظلَّنَا الصمتُ الرهيبُ ونحن في
شَكٍّ من الدنيا وحلمٍ ساحرِ
•••
حتى إذا حانَ الرحيلُ هتفتَ بي
فوقفتُ واستبقتْ خطاك نواظري
وصرختُ بالليلِ المودِّع باكيًا
ويداكَ تمسك بي وأنتَ مغادري
يا ليتنا لم نَصْحُ منكَ وليتها
ما أعجلتكَ رحَى الزمانِ الدائرِ
•••
ولقد أتت بعدُ الليالي وانقضت
وكأننا في الدهر لم نتزاوَرِ
بُدِّلْتُ من عطفٍ لديك ورِقَّةٍ
بحنين مهجورٍ وقسوةِ هاجرِ
وكأنني ما كنتُ إلفَكَ في الصِّبَا
يومًا ولا كنتَ الحياةَ مشاطرِي
ونسيتَ أنتَ، وما نسيتُ، وإِنَّنِي
لأعيشُ بالذكرى … لعلَّكَ ذاكرِي!!