خمرة نهر الرَّين
ليلة ٢٠ أغسطس مهداة إلى فتاة «برن».
كنزُ أحلامِكَ، يا شاعرُ، في هذا المكانِ
سحرُ أنغامِكَ طوَّافٌ بهاتيكَ المغاني
فجرُ أيامِكَ رفَّافٌ على هذي المجاني
أيُّها الشاعرُ، هذا الرَّيْنُ، فاصدحْ بالأغاني
كلُّ حيٍّ وجمادٍ ها هُنَا
هاتفٌ، يدعو الحبيبَ المحسِنا
يا أخا الرُّوحِ، دعا الشوقُ بنا
فاسْقِنَا من خمرةِ الرَّيْنِ، اسْقِنَا
•••
عالَمُ الفتنةِ، يا شاعرُ؟ أم دنيا الخيالِ؟
أمروجٌ عُلِّقَتْ بين سحابٍ، وجبالِ؟
ضحكتْ بين قصورٍ كأساطيرِ الليالي
هذه الجَنَّةُ، فانظرْ أيَّ سحرٍ وجمالِ!
يا حبيبَ الرُّوحِ يا حُلْمَ السَّنَا
هذه ساعتُنا، قمْ غنِّنا
سكِرَ العشاقُ إلَّا أننا …
فاسقنا من خمرةِ الرَّيْنِ، اسقِنَا
•••
ليلةٌ فوق ضِفافِ الرَّيْنِ حُلم الشعراءِ
أليالي الشرقِ يا شاعرُ؟ أم عرسُ السماءِ؟
الدُّجى سكرانُ، والأنجمُ بعضُ الندماءِ
أنصتَ الغابُ، وأصغى النهرُ، من صخرٍ وماءِ
فاسمعِ الآن البشيرَ المعلِنا
حانتِ الليلةُ، والفجرُ دنا
فاملأ الأقدَاح من هذا الجنَى
واسْقنَا من خمرة الرَّيْنِ، اسْقِنَا
•••
ها همُ العشَّاقُ قد هَبُّوا إلى الوادي خِفَافَا
أقبلوا كالضوءِ أطيافًا وأحلامًا لِطَافَا
ملئوا الشاطئَ همسًا والبساتين هُتَافًا
أيُّها الشاعرُ! هذا الرَّيْنُ! فاستوحِ الضِّفَافَا
الصِّبَا، والحسنُ، والحبُّ هنا
يا حبيبي هذه الدنيا لنا
فاملأِ الكأْسَ على شدوِ المنى
واسْقِنَا من خمرة الرَّيْنِ، اسْقِنَا!
•••
يا ابنةَ «الآرِ» حديثُ الأمسِ ما أعذبَ ذكرَهْ
كان حُلمًا أن نرى الرَّيْنَ وأنْ نشربَ خمرَهْ
وشرِبْنَا فسكرنا، وأفقنا بعد سَكْرَهْ
ووقفنا لوداعٍ، وافترقنا بعد نظرَهْ
أين أنتِ الآنَ؟ أم أين أنا؟
ضربتْ أيدي الليالي بينَنَا!
غيرَ صوتٍ طافَ كالحُلْمِ بنا:
اسْقِنَا من خمرَةِ الرَّيْنِ، اسقِنَا