صَدَى الْوَحْيِ
بيانُكَ من نبعِ الجمالِ المخلَّدِ
صدى الوحيِ في أسلوبِهِ المتجدِّدِ
سرى لحنُه في كلِّ قلبٍ كأنَّمَا
شدا الحبُّ في نايِ الربيعِ المغرِّدِ
غريبًا على الأسماعِ وهو كعهدِهِ
قديمٌ على ثغرِ الزمَان المردِّدِ
إلى جبلِ النورِ انتهى سرُّ وحْيِهِ
وما هو إلا ملهِمُ اليومِ والغدِ
فغنِّ به الأجيالَ، واهتف بآيِهِ،
ترنُّمَ شادٍ، أو تراتيلَ مُنشدِ
وأرسِلْهُ سمحًا من قريحةِ شاعرٍ
يعيشُ بروحِ الصَّيْدحيِّ المجدِّدِ
•••
عوالمُ شتَّى من جلالٍ، وروعةٍ
حواها فؤادُ الكاتبِ المتَعَبِّدِ
ذكرتُ، وللذكرى حديثٌ مُحبَّبٌ
وقد زرته ليلًا، على غيرِ موعدِ
ولِلَّيْلِ إصغاءٌ، وللريح حولَهُ
رفيفٌ، كهمسِ الروحِ في ظلِّ معبدِ
وقد هدأ المصباحُ، إلَّا مجاجةً
من النورِ، في عَيْنَيْ أديبٍ مُسهَّدِ
ترامى وراء الأفق حينًا، وتنثني
ببارقةٍ من ذهنه المتوقِّدِ
•••
فحيَّيتُه همسًا، فحيَّا، وصافحتْ
يداهُ يدي في رقةٍ وتودُّدِ
وشاعَ جلالُ الصمت بيني وبينَهُ
فأمعَنَ إمعانَ الخيالِ المشرَّدِ
وأمسيتُ أرعاهُ، فلاحت لخاطري
ملائكُ بالنجوى تَروحُ وتغتدِي
تُسِرُّ إليه القولَ في غير منطقٍ
بأجنحةٍ تهفو على غير مَشهَدِ
على صُحفٍ غُرِّ الحواشي كريمةٍ
جرى قلمٌ عفُّ السريرةِ واليدِ
نبيلُ مرامي القولِ في كفِّ كاتبٍ
دعاهُ فلبَّاهُ لأنبلِ مَقْصدِ
يخطُّ لروحانيَّة الشرقِ سيرةً
هي الحقُّ في دنيا الجمالِ المجرَّدِ
تمثَّلها في صورةٍ قرشيَّةٍ
يشيعُ الرضا في طيفها المتجسِّدِ
يبثُّ سناها الأرضَ حبًّا، ورحمةً
ويطوي هداها سطوةَ المتمرِّدِ
حياةٌ نمتْ مجدَ الحياةِ وغَيَّرَتْ
وجوهَ الليالي من وضيءِ وأربَدِ
تنادى بها الراءونَ، فاعجب لما رأوا
جلالُ نبيٍّ، في تواضعِ مُرشدِ
تَسامى عن الدنيا وفيها لواؤُه
يطوفُ بسلطانِ العزيزِ المؤيِّدِ
فما ضفَّر الأكليلَ يومًا بمفرِقٍ
ولا حلَّ منه التاجُ يومًا بمعقدِ
أحب إليه حين يفترشُ الثرى
ويأوي لجذع النخلةِ المتأوِّدِ
ويخصِفُ نعليهِ، وطوعُ يمينِهِ
مصايرُ هذا العالمِ المترغِّدِ
ويمضي إلى الهيجاءِ غرثانَ صاديًا
فللَّهِ دنيا ذلكَ الساغبِ الصَّدِي
ولكنَّهُ دينٌ أفاءَ ظِلَالَهُ
على ملأٍ من شيعةِ اللهِ سُجَّدِ
عفاةٍ، كأن لم يملكوا قوتَ يومهمْ
وهم جبهةُ المُلكِ العريض الموطَّدِ
مَحَوْا لفظةَ الأربابِ من كلماتِهمْ
فما عرفوا معنى مَسودٍ وسيِّدِ
هو المثل الأعلى ومبعوثُ أمةٍ
بناها بناءَ المعجزِ المتفرِّدِ
•••
مُحمَّدُ، ما شعري إليكَ وما يدي؟
وما الشعر من إبداعِكَ المتعدِّدِ؟
ولكنَّهُ حوضُ الشفاعةِ ضمَّنَا
على خيرِ ميعادٍ وأعذبِ مورِدِ
نَمانِيَ إقليمٌ نَماكَ، وأطلعتْ
سماءَكَ شمسٌ أطلعتْ فجرَ مولدي
فإن أشْدُ بالمجدِ الذي شِدْتَ ركنَهُ
فما هو إلَّا ركنُ قومي وسؤدَدِي
محمدُ: ما أُرضيكَ بالشعرِ مِدْحَةً
فحسبُكَ مرضاةُ النبيِّ محمَّدِ