مَخْدَعُ مُغَنِّيَةٍ
شَاعَ في جوِّهِ الخيالُ ورفَّ الـ
ـحُسنُ والسِّحرُ والهوى والمراحُ
ونسيمٌ مُعَطَّرٌ خفقتْ فيـ
ـهِ قلوبٌ، ورفرفتْ أرواحُ
وَمُنًى كلهنَّ أجنحة تهفو
ودنيا بها يَدِفُّ جناحُ
ومن الزَّهرِ حولها حلقاتٌ
طابَ منها الشذا ورقَّ النفاحُ
حَمَلتْ كلُّ باقةٍ دمعَ مفتو
نٍ كما تحمل النَّدى الأدواحُ
وهي في ميعةِ الصِّبا يزدهيها
ضَحكٌ لا تملُّه ومزاحُ
وغناءٌ كأنَّ قُمريةٌ سكـ
ـرى بألحانها تشيعُ الرَّاحُ
أخلصتْ ودَّها المرايا فراحتْ
تتملَّى فتشرقُ الأوضاحُ
كشفتْ عن جمالِها كلَّ خافٍ
وأباحتْ لهنَّ ما لا يُباحُ
معْبدٌ للجمال، والسحر، والفتـ
ـنةِ يُغدي لقدسِه ويُراحُ
نام في بابه العزيزُ (كيوبيـ
ـدُ) ولكنْ في كفِّهِ المفتاحُ
إِنْ ينَمْ فالحياةُ شدوٌ ولهوٌ
أو يُنَبِّهْ فأدمعٌ وجراحُ!!
•••
دخَلَتْ بي إليه ذاتَ مساءٍ
حيثُ لا ضجَّةٌ ولا أشباحُ
لم نكن قبلُ بالرفيقين، لكن
هي دُنيا تُتيحُ ما لا يُتاحُ
وجلسنا يهفو السكونُ علينا
ويُرينا وجوهَنَا المصباحُ
هتفتْ بي: تُراكَ من أنتَ يا صا
حِ؟ فقلتُ المعذَّبُ الملتاحُ
شاعرُ الحبِّ والجمالِ؛ فقالت:
ما عليهِ إذا أحبَّ جُنَاحُ
واحتوى رأسيَ الحزينَ ذراعا
ها، ومرَّتْ على جبينيَ راحُ
ورأت صُفرَةَ الأسى في شفاهٍ
أحرقتها الأنفاسُ والأقداحُ
فمضت في عتابها: كيف لم ند
رِ بما برَّحتْ بك الأتراحُ؟
إن أسأنا إليك فاليوم يجزيـ
ـكَ بما ذُقتَه رِضًا وسماحُ
ولك الليلةُ التي جمعتنا
فاغتنمها حتى يلوحَ الصباحُ!!
•••
قلتُ: حسبي من الربيع شذاهُ
ولعَيْنيَّ زهرهُ اللَّمَّاحُ
نحنُ طيرُ الخيالِ، والحسنُ روضٌ
كلُّنا فيه بلبلٌ صدَّاحُ
فَنِيَتْ في هواهُ منا قلوبٌ
وأصابت خلودَها الأرواحُ!!