جَزِيرَةُ الْعُشَّاقِ
«ذكريات رحلة في سبتمبر عام ١٩٣٨ بين بركان الفيزوف وجزيرة كبرى والجرونا المشهورة بها.»
لَيَالي الصيف في كَبْرِي
أم الفتنةُ في البحرِ
وجنِّيَّاتُ بحرِ الرُّوم
أم دُنيا من السِّحْرِ
على شطٍّ من الأَحْلَا
مِ والأنغامِ والزَّهْرِ
تَنَفَّسَ جَوُّهُ عطرًا
يُفَضِّضهُ سَنَا البَدْرِ
أريجُ البرتقال بهِ
ونَفْحُ العنَبِ النَّضْرِ
أم الآلهةُ العشَّاقُ بيـ
ـن الموجِ والصخرِ
أهلُّوا تحت أشْرِعَةٍ
تُقِلُّ عَرَائِسَ الشِّعْرِ
نَشاوى الحسن والنُّورِ
وبعضُ النُّورِ كالخمرِ
تَنَهَّدَ حينَ أْبْصَرَهُمْ
مُحِبٌّ مُوغَرُ الصَّدْرِ
أَقَامَ الدَّهْرَ مَوْتُورًا
من الحِرْمَانِ والْهَجْرِ
بأَنْفَاسٍ تُضِيءُ الأُفـ
ـقَ بركانيَّةِ الجمرِ
قَصَدناهُ على الليلِ
وَجُزْنَاهُ مع الفجرِ
فَلَمْ تَغْمضْ لَهُ عَيْنٌ
تُصيبُ النَّجْمَ بالذُّعْرِ
وباتَ الموجُ في فرٍّ
حواليْهِ، وفي كرِّ
فقالوا: قَدْ دَنَا الموعـ
ـدُ أو آذن بالثأْرِ
فَعُدْنَا مثلَمَا جِئنَا
من العِبْرِ إلى العِبْرِ
ويَمَّمنَا بجوفِ الصَّخرِ
دهليزًا مِنَ التِّبْرِ
سَرَى زورقُنا في ما
ئِهِ الغافي سُرَى السِّرِّ
تَرَامَى حَوْلَنَا الأَضْوَا
ءُ أطواقًا من الدُّرِّ
فمن زُرْقٍ، إلى صُفْرٍ،
إلى خُضْرٍ، إلى حُمْرِ
كأَنَّ الشَّمْسَ حينَ رَأَتْ
صِبَاهَا أوَّلَ الدَّهْرِ
زَهَاهَا العُرْيُ فاستَحْيَتْ
عيونُ الناسِ في البَرِّ
فَجاءَتْهُ محجَّبَةً
على تيَّارِهِ تَسْرِي
ونضَّتْ من غلائِلِهَا
وألقتْها على الصَّخْرِ
وخانَت عَيْنَهَا سِنَةٌ
فنامت، وهي لا تَدري!