الاستثناء والقاعدة ومحاكمة لوكولوس: مسرحيتان
«إذن أنت معترف بأن الأجير كان على حق في كرهه لك، وإذن فأنت حين قتلته فقد قتلت نفسًا بريئة، لكنك لم تقدم على ذلك إلا لأنك لم تكن تستطيع أن تعرف ما يضمره لك خيرًا أم شرًّا. نعم، نعم. مثل هذا يحدث في دوائر البوليس؛ فأنت ترى عساكر البوليس يطلقون الرصاص على جمهور المتظاهرين، على قوم لا شك أنهم مسالمون، فما الذي يجعلهم يطلقون عليهم الرصاص؟ لماذا يفتكون بهم؟».
هل الإنسانية هي استثناء أم قاعدة؟ يبدو هذا السؤال عبثيًّا إن كنت تنشد المثالية، وتناقش الأمر من منظور فلسفي محض، ولكن في عصر تسيطر عليه الرأسمالية، فإن للسؤال إجابةً أخرى. يناقش «برخت» مسألة العدالة والإنسانية معًا في مسرحيته «الاستثناء والقاعدة»، وذلك في إطار شقاء الطبقة العاملة إزاء المحاولة المستمرة لاستثمار شقائهم من الطبقات العليا، بل حتى العدل نفسه يميل إلى الثروة والطبقات العليا، فالعدل من منظورهم هو عدل طبقي، فليس للعامة عدل إلا ما ينطق به القاضي الذي ينتمي طبقيًّا ومعرفيًّا واجتماعيًّا للطبقة العليا. وفي الجزء الثاني من هذا الكتاب يتناول المترجم عبد الغفار مكاوي كتاب محاكمة لوكولوس، وعلى الرغم من أن محاكمة لوكولوس كُتبت أثناء مجد هتلر، إلا أن هذا لم يمنع برخت من محاكمته واتهامه بأنه صنع مجدًا زائفًا.