وماذا تقول المرأة في القرن الواحد والعشرين١
العالم ينطلق نحو آفاق في العلم والفن ونظريات المعرفة والسلوك والقيم المادية والروحية على حد سواء، المرأة العربية هي نصف العالم عددًا، عقولًا وأرواحًا، ولا بد أن يكون لها دورها في تشكيل عالم أفضل في القرن الواحد والعشرين، عالم أكثر عدلًا وحريةً وحُبًّا وتعاوُنًا.
هل تظل المرأة العربية غارقة في مشاكل القرن التاسع عشر حائرةً بين العمل أم الزواج، السفور أم الحجاب، الدنيا أم الآخرة … في الوقت الذي تركب فيه المرأة الإسرائيلية الطائرات العسكرية وتتدرب على السلاح النووي لضرب أي بلد عربي يقول لا.
ليس معنى ذلك أن تنخرط المرأة العربية في القوات المسلحة، وتظل عانسًا بغير زواج أو أمومة أو حب، لكن ما أعنيه هو أن تجمع المرأة العربية بين حياتها الخاصة وحياتها العامة … أن تدرك أن هذا الفاصل بين الحياة الخاصة والعامة فاصل مزيف يجب أن يزول؛ فالإنسان «رجلًا أو امرأةً» عضو في مجتمع كبير، وعضو في أسرة في الوقت ذاته، ولا يمكن أن يتفرغ الإنسان لحياته الخاصة فقط.
إن حدث ذلك في القرون الماضية فقد كان الناس غير مدرِكين للترابط الوثيق بين الفرد والمجتمع، كان العمل السياسي منفصلًا عن الحياة الاجتماعية والشخصية لملايين من الناس والرجال؛ لهذا السبب كانت الحكومات قادرة دائمًا على البطش بهؤلاء الملايين واستغلالهم في أعمال السخرة والعبودية، سواء داخل البيت (النساء) أو في الحقول والمصانع والأشغال الشاقة الأخرى. يعملون طول النهار بأقل الأجور، يتم قهرهم ثقافيًّا بالتجاهل الإعلامي، بالتجهيل التعليمي في المدارس، يتدربون على الطاعة العمياء منذ الطفولة، على اعتبار أن الحكام وأولي الأمر هم مندوبو الله فوق الأرض.
هذه بقايا الأفكار العبودية التي حافظ عليها أصحاب السلطة في الشرق والغرب على السواء، في البلاد الإسلامية والمسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية وغيرها.
في القرن الحادي والعشرين يسير الناس نساءً ورجالًا نحو إدراك أكبر، أن طاعة الله في الحرية والعدل والحب، الله في أعماقنا هو الضمير الذي يجعلنا أكثر إنسانية، أكثر تعاطُفًا وتعاوُنًا، وليس هو السيف أو الرصاصة أو القوات البوليسية أو العسكرية.
في القرن الحادي والعشرين يدرك الناس أن العالم أصبح محكومًا بقوة عسكرية نووية دولية تدعمها قوة اقتصادية استعمارية جديدة، تتكلم لغة جديدة، ظاهرها السلام والعدل والمساواة وحقوق الإنسان والديمقراطية، باطنها الحرب والضرب لكل من قال «لا»، بل لكل من اكتشف الخديعة أو الازدواجية.
الأمل في القرن الحادي والعشرين أكبر من القرن العشرين؛ لأن الازدواجية كُشفت دوليًّا وإقليميًّا في بلادنا العربية، ارتفعت الأصوات الوطنية تسأل عن الترسانة النووية في إسرائيل، لماذا لا يفتشها هؤلاء المندوبون عن الأمم المتحدة في مجلس الأمن كما يفتشون البلاد العربية الأخرى؟
إن عملية تزييف الوعي لن تستمر في القرن الجديد كما استمرت في القرون السابقة، إن انعزال النساء عن الحياة السياسية العامة لن يستمر؛ لأن غياب نصف المجتمع العربي عن العمل العام هو غياب للمجتمع العربي كله عن الحياة السياسية الدولية أو المحلية.
أمام الوطن العربي تهديد كبير بسبب التضاعف المستمر لقوة أمريكا وإسرائيل النووية والاقتصادية، هذا التهديد سيفرض على العالم العربي وعيًا جديدًا وإدراكًا جديدًا بأن النساء العربيات قوة كبيرة كامنة لم تلعب دورها بعد … قوة كبيرة يريدون عزلها في البيوت وراء الحجاب … وراء اللاعمل والبطالة أو السخرة بلا أجر داخل الجدران الأربعة، فماذا تقول المرأة العربية في القرن الجديد؟