في الطريق إلى المؤتمر العالمي للمرأة في نيروبي١
تتحرك نساء العالم اليوم للإعداد للمؤتمر العالمي للمرأة الذي يُعقَد في يوليو القادم في نيروبي عاصمة كينيا، وأكثر النساء حركةً الآن هي المنظمات الصهيونية العالمية، وأبرزها المجلس القومي للنساء اليهوديات، النساء اليهوديات الأمريكيات (ويزو) والمجلس العالمي اليهودي والمنظمة الصهيونية الأمريكية.
وقد اجتمعت في باريس مؤخَّرًا أكثر من ١٦٠ مندوبة عن هذه المنظمات للإعداد لمؤتمر المرأة في نيروبي، وفي هذا الاجتماع قررت النساء الصهيونيات إرسال أكبر عدد منهن إلى مؤتمر نيروبي من أجل التصدي لنساء العالم الثالث (في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط) اللائي جعلن من مؤتمر المكسيك ومؤتمر كوبنهاجن (السابقَيْن) مِنبرًا عالميًّا لإدانة الصهيونية كحركة عنصرية، وكذلك حكومة جنوب أفريقيا العنصرية.
وقرَّرت النساء الصهيونيات أنهنَّ لن يسمحن بتكرار ما حدث في المكسيك وكوبنهاجن، وأن أي إدانة لإسرائيل أو الصهيونية ليست إلا نتيجة كراهية اليهود ومعاداة السامية. ووضعت هؤلاء النساء خطة من أجل ضرب أي قوة نسائية تحاول إدانة الصهيونية أو إثارة المشكلة الفلسطينية. وأعلن في باريس سفير الولايات المتحدة في اليونسكو «هون جان جيرالد» أن الولايات المتحدة لن ترسل وفدًا رسميًّا إلى مؤتمر نيروبي إذا ما تكتلت نساء العالم الثالث ضد الحركة الصهيونية.
وسبق ذلك أيضًا اجتماع ريجان نفسه مع ممثلات المنظمات الصهيونية وإعلانه انسحاب أمريكا من مؤتمر نيروبي إذا ما تكررت مأساة مؤتمر كوبنهاجن والمكسيك، وهذه المأساة هي سيطرة نساء العالم الثالث على المؤتمرين السابقين وإدانة الصهيونية واعتبارها حركة عنصرية مثلها مثل حكومة جنوب أفريقيا.
باختصار شديد: إن جميع المنظمات الصهيونية النسائية وغير النسائية تتحرك ليل نهار من أجل الإعداد لمؤتمر المرأة في نيروبي، فماذا نفعل نحن النساء العربيات لمواجهة هذا؟ الملاحظ أن المنظمات النسائية العربية لا تفعل شيئًا محسوسًا حتى الآن.
والدليل على ذلك أنني لم أجد من النساء العربيات في مؤتمر فيينا (أكتوبر ١٩٨٤م) إلا اثنتين فقط، رغم الأهمية الشديدة لهذا المؤتمر العالمي، والذي عُقد تحت إشراف الأمم المتحدة للإعداد لمؤتمر نيروبي، وحضرتْه أكثر من مِائتي مندوبة عن المنظمات النسائية في العالم، كان معظمهن من المنظمات الصهيونية.
ومثل ما حدث في مؤتمر كبنهاجن حدث في مؤتمر فيينا؛ فقد حاولت المنظمات الصهيونية استبعاد كلمة «الصهيونية» تمامًا من التقرير النهائي، وعدم اعتبارها حركة عنصرية. وحدث صراع طويل على مدى يومين كاملين انهزمت فيه المنظمات الصهيونية أمام تكتل نساء العالم الثالث (من أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية) معنا نحن النساء العربيات، وكنا ثلاث نساء عربيات فقط: عصام عبد الهادي وليندا مطر ونوال السعداوي. ونص التقرير النهائي على أن الصهيونية وحكومة جنوب أفريقيا حركات عنصرية استعمارية تَستخدم العنف من أجل اغتصاب حقوق الغير. وتحاول المنظمات النسائية الصهيونية إبراز المشكلة وكأنها معاداة اليهود أو العداء ضد السامية، وهي خدعة سياسية ودينية يحاولن بها التغطية على الحركة الصهيونية كقوة استعمارية سياسية واقتصادية، بالإضافة إلى اغتصابها الوطن الفلسطيني والأراضي العربية، وقيامها بعدد من المذابح التاريخية (صبرا وشاتيلا) في لبنان وغيرها.
والسؤال الآن: ماذا أعدَّت المنظمات النسائية العربية والهيئات الشعبية والأحزاب لمؤتمر المرأة العالمي في نيروبي؟ إن قضية المرأة ليست منفصلة عن قضية تحرير الوطن والاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة والوحدة العربية. لقد حاولنا بفضل حماس وتعاون الاتحاد العام للمحامين العرب أن نُجهِّز لندوة عربية دولية للمرأة تُعقَد في القاهرة خلال فبراير للإعداد لمؤتمر المرأة في نيروبي، لكن ندوة واحدة لا تكفي، وحماس هيئة عربية واحدة لا يكفي …