المواطنون سواء في الظلم١
يُذكِّرُني قانون الصحافة الجديد بقانون العيب الذي دخلنا به السجون في سبتمبر ١٩٨١م.
تذكِّرني كلمة «تكدير» و«ازدراء» في قانون الصحافة الجديدة بكلمات من نوع «العيب» والتقاليد العائلية وأخلاق القرية، والتي دخلنا بها السجون منذ أربعة عشر عامًا، ثُمَّ تغير العهد وخرجنا من السجون أبرياء وبريئات بلا ذنب ولا جريمة ولا يحزنون.
قضينا في السجن ثلاثة شهور، ثُمَّ خرجنا دون تعويض أدبي أو مادي عن الظلم الذي وقع علينا.
وهذا هو الحبس الاحتياطي الذي يتم جزافًا وتعسُّفًا، والذي يدافع عنه المسئولون في مجلس الشعب اليوم تحت اسم المساواة والعدل؛ لأن توزيع الظلم على المواطنين بالتساوي هو العدل.
والمفروض رفع الظلم وإلغاؤه وليس تعميمه.
لقد تم اكتشاف مادة في الدستور (رقم ٤٠) تنص على أن المواطنين متساوون أمام القانون.
لهذا يجب تطبيق مبدأ الحبس الاحتياطي التعسُّفي على الجميع دون تفرقة بين حمَلة الأقلام وحمَلة المطاوي قرن غزال أو الجنازير.
وأنا بالطبع مع الدستور، وخاصةً هذه المادة التي تساوي بين البشر بصرف النظر عن الجنس أو الطبقة أو العقيدة … إلخ، وأطالب بتطبيق هذه المادة على الجميع فعلًا وليس من يكتبون في الصحافة فقط.
المفروض أنه كلما زادت السلطة زادت المسئولية والمحاسبة والعقوبة على الأخطاء أو المعلومات الخاطئة المنشورة على الناس.
ونحن نعرف أن الصحافة ليست إلا السلطة الرابعة، وهناك ثلاث سلطات أخرى، وهي السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية، والمفروض تطبيق الحبس الاحتياطي على هذه السلطات الثلاث قبل تطبيقها على سلطة الصحافة.
المفروض أيضًا تعديل جميع القوانين في مصر لأنها كلها غير دستورية ولا تنطبق عليها المادة ٤٠ التي تساوي بين المواطنين، فهل يساوي قانون الزواج والطلاق بين المواطنين بصرف النظر عن نوع الجنس؟!
وهل يساوي قانون الجنسية بين الأب والأم في منح الجنسية المصرية لأطفالهم؟
لماذا لا يدافع المسئولون في مجلس الشعب عن هذه المساواة الدستورية لجميع المواطنين وليس فقط لفئة واحدة من الناس؟
المفروض أن القانون خُلق ليحمي الشعب ضد أصحاب السلطة وليس العكس، وأنه كلما زادت السلطة زادت المسئولية والمساءلة وقلَّت الحماية والحصانة وليس العكس.
منطق معكوس يؤكد لنا أن العدالة في بلادنا عمياء معصوبة العينين.
وأن القوة هي التي تغير وتعدل القوانين وليس الحق.
إن قضية الصحفيين أصبحت اليوم هي قضية الساعة، فالصحافة لها صوت عالٍ، وهي السلطة الرابعة في الدولة، وهم قادرون على الدفاع عن حقوقهم بما لهم من مساحات كبيرة في الصحف.
لكن هناك فئات أخرى مظلومة في بلادنا، ومنها «النساء والزوجات والأمهات والأطفال» ما زالوا بلا حول ولا قوة في هذه الساحة التي تنتصر فيها القوة على الحق دائمًا.