رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب
«والحبيب قد يتحوَّل إلى كلمة أو قُبلة أو معنًى من المعاني، إذا أراد محبُّه أن ينقله معه إلى أي مكانٍ وهو باقٍ في مكانه؛ الكلمة والقُبلة والمعنى، هذه هي الجهات الثلاث التي تَنفُذ منها النفس إلى أحبابها، حين يُخفيهم الغمام الفاصل بين الحياة والحياة إذا ابتعدوا أو هجروا، أو الغمام الضارب بين الحياة والموت إذا لحقوا بالأبد.»
بين أيدينا كتابٌ عذْب رقيق، هو مجموعة من الرسائل التي كان يمدُّ بها الرافعي جسورًا من أفانين وَجْده لمحبوبته؛ ليرسلها إلى صديقه «محمود أبو رية» ليشاطره وَجْده بالمحبوبة. وقد برع «الرافعي» في فلسفة الجمال؛ فقسَّم الجمال في كتابه إلى أقسامٍ ثلاثة: جمال تُحِسُّه، وجمال تعشقه، وجمال تُجَنُّ به؛ وقسَّم الفكر إلى: فكر إنساني، وطبيعي، وروحي. وفلسفة الحب والجمال عند «الرافعي» تحملُ في طياتها إبداعًا فريدًا، يمتزج فيه الحب بالأدب ويرتقي إلى معارج الرُّوح؛ فيكتسب مَلمحًا قدسيًّا مهيبًا. والأديب هنا يجمع بين الدين والأدب والسياسة حينما يصف النَّفس الـمُحبة، وهو بهذه الرسائل يُحدِث انقلابًا على المعاني التقليدية التي عُهِدت عن فلسفة الحب؛ إذ يتكلم في رسائله بلسان العاشق، والفيلسوف، والمتأمل في الذات الجمالية.