المعرفة ونصف المعرفة
جلست أربع ضفادع على قُرْمة حطب عائمة على حافة نهر كبير، فجاءت موجة هوجاء، واختطفت القرمة إلى وسط النهر، فحملتها المياه، وسارت بها ببطء مع مجرى النهر، فرقصت الضفادع فرحًا بهذه السياحة اللطيفة فوق المياه؛ لأنه لم يسبق لهن أن أبحرن من ذي قبل.
وبعد هنيهة، صرخت الضفدعة الأولى قائلة: «يا لها من قرمة عجيبة غريبة! تأملن أيتها الرفيقات كيف تسير مثل سائر الأحياء، والله إنني لم أسمع قط بمثلها!»
فأجابتها الضفدعة الثانية وقالت: «إن هذه القرمة لا تمشي ولا تتحرك أيتها الصديقة، وهي ليست عجيبة غريبة كما توهمت، ولكن مياه النهر المنحدرة بطبيعتها إلى البحر تحمل هذه القرمة معها، وتحملنا نحن أيضًا بانحدارها!»
فقالت الضفدعة الثالثة: «لا لعمري! لقد أخطأتما أيتها الرفيقتان في خيالكما الغريب، فإن القرمة لا تتحرك والنهر أيضًا لا يتحرك مثلها، وإنما الحقيقة أن فكرنا هو المتحرك فينا، وهو الذي يقودنا إلى الاعتقاد بحركة الأجسام الجامدة.»