طابعات نافثة للخلايا
لا بد أن ننظر إلى الطابعات النافثة للحِبر بصفتها أحدَ أعظم اختراعات العصر، حتى ولو لأن الطابعة في حد ذاتها — عندما تكون جديدة تمامًا وبخرطوشة حبر، وتحتوي على آلة نسخ وماسِح مدمجين بها — يكون سعر شرائها أرخص من استبدال خرطوشتين بديلتين دون الطابعة. بالنظر إلى هذا الوضع غير المعقول، سيبدو من المنطقي أن نستبدل بالحبر شيئًا أرخص، مثل الخلايا الحيَّة. ولكن هل ستدفع فكرةُ الطباعة بالخلايا العلماءَ إلى الجنون بما ستقدِّمه من جميع أنواع رسائل الخطأ غير المفيدة؟
أثبتت الطابعات التجارية النافثة للحِبر فائدتها في تصنيع مصفوفات الحمض النووي وغيرها من التطبيقات المعملية، ولكن هل تستطيع خلايا كاملة أن تنجو خلال رحلتها عبر فوهة الطابعة؟ نجح فريق توماس بولاند من جامعة كليمسون بجنوب كاليفورنيا، في طبع أول خلايا بكتيرية، بل ثديية أيضًا.
على الرغم من أن الطباعة باستخدام أنواع شتى من الجزيئات بدلًا من الحِبر قد أصبحت بالفعل إجراءً روتينيًّا مُعترَفًا به في الكتب الأكاديمية، فإن الطباعة بواسطة الخلايا أمر مختلف تمامًا؛ إذ إنه بناءً على نوع الطابعة النافثة للحِبر التي يتم اختيارها، قد تتعرض الخلايا لاهتزازات أو الحرارة أو الضغط بمستويات مدمِّرة. استعان فريق بولاند في تجاربه بكلٍّ من الطابعة الكهربائية الإجهادية والطابعة الحرارية النافثتين للحِبر، ولكنه اكتشف أن الاهتزازات في الحالة الأولى كانت قوية للغاية. أما في حالة الطابعة الحرارية، فيمكن أن ترتفع درجات الحرارة حتى تصل إلى حوالي ٣٠٠ درجة مئوية، إلا أن الباحثين كانوا يأملون أن يضمن التدفق السريع للمحلول ألَّا تستغرق الخلايا وقتًا طويلًا في منطقة الحرارة الخَطِرة.
بعد أن أثبت بولاند وفريقه سابقًا أن الخلايا البكتيرية تظل قابلةً للحياة بعد مرورها بفوهة الطابعة النافثة للحِبر، خاضوا التحدِّي الأكبر المتمثِّل في الخلايا الثديية، من خلال خلايا مبيض فأر هامستر صيني وخلاياه العصبية الحركية. في كلا النوعين من الخلايا، صمَّموا خصوصًا مادةً هلامية مائية — كبديلٍ لورق الطباعة — تتيح للخلايا الاستمرارَ في حياتها بعد انتهاء عملية الطباعة. وفي وجود الطابعة، و«الحبر» الحيوي، و«الورق» المناسب، بدأ الباحثون الطباعة؛ فاكتشفوا أن ما يزيد عن ٩٠٪ من الخلايا نجَتْ من هذه العملية. وبعد رعاية الأنماط المطبوعة على مدار عدة أسابيع، لاحظوا أن كلا النوعين من الخلايا يسلك السلوكَ المعتاد المتوقَّع منه، فعلى سبيل المثال عقدت الخلايا العصبية روابطَ جديدة بعضها مع بعض.
حتى الآن، لم يطبع الباحثون الخلايا إلا بنمطٍ حلقي الشكل، وسيكون التحدِّي القادم بالنسبة إليهم هو تطبيق هذه الطريقة على أنماط مهمة بيولوجيًّا، بما في ذلك بِنى الأنسجة وتنسيقاتها، التي تتضمن أكثر من نوع خلية واحد. وباستخدام خرطوشة نافثة للحِبر رباعية اللون، يمكن تحويل رسمٍ تخطيطي مصنَّف بحسب اللون على شاشة الكمبيوتر إلى نسيجٍ حيٍّ على ركيزة المادة الهلامية مباشَرةً.
أحدث التطورات
تُعتبَر هندسة الأنسجة تحدِّيًا مهمًّا في مجال الأبحاث الطبية البيولوجية في الوقت الحاضر. وبحسب فهمي للأمر، فإن إنتاجَ الركائز التي يمكن طباعةُ أنماط الخلايا شبه الحيَّة عليها هو التحدِّي الأساسي؛ لذا احتفِظ بطابعتك القديمة النافثة للحِبر، وانتظر حتى يصبح الورقُ متاحًا.
قراءات إضافية
-
E. A. Roth et al., Biomaterials, 2004, 25, 3707.
-
T. Xu et al., Biomaterials, 2005, 26, 93.