الأسباراجين والشريط القديم
خلال سنوات مراهقتي، كنتُ قارئًا نَهِمًا للرياضيات العامة، بما في ذلك كتب مارتن جاردنر صاحب أحد الأعمدة الصحفية في مجلة «ساينتيفيك أمريكان»؛ ومن ثَمَّ، فإن أيَّ شيء يمكن أن يربط هذا العالم بالعالَم الذي أصبحتُ أعمل فيه لاحقًا — وأقصد تحديدًا البروتين — سيثير فضولي لا شكَّ في ذلك. لقد اعتاد علماء دراسة البروتين استخدامَ كلمة «طوبولوجيا» في غير موضعها الصحيح، في حين أنهم يشيرون ببساطة إلى البنية البروتينية. ومع هذا، ففي هذا التشابُك بين علمَي البروتين والرياضيات، توجد طوبولوجيا فعلية مُتضمَّنة، نتيجةَ ربط سلاسل البروتين في عُقَد.
توصَّلَ كيميائيو الجزيئات الفائقة إلى طرق ذكية لإنتاج التجمُّعات الجزيئية، مثل: العُقَد والحلقات المتداخلة (مُركَّبات الكاتينان). وبَدَا أنه ابتكارٌ جديدٌ وممتعٌ، بل مفيدٌ أيضًا أحيانًا، ولا مثيل له في الطبيعة، باستثناء الحمض النووي الذي يمكن ربطُه في حالات معقَّدَة طوبولوجيًّا بسبب بنية اللولب المزدوج التي يتسم بها واعتياده على تشكيل الحلقات. بالنسبة إلى البروتينات، التي تُعتبَر أكثرَ البوليمرات البيولوجية تنوُّعًا من الناحية البنيوية، كان يُفترَض أن تظلَّ مستقيمةَ الشريط من حيث المبدأ، ولكن في عام ٢٠٠٠، ثبَتَ أن البروتينات الطبيعية تستطيع تشكيلَ كلٍّ من العُقَد ومُركَّبات الكاتينان.
بمجرد أن يحدث هذا ٤٢٠ مرة، فإن كل جزيء بروتيني لا يجد نفسه مرتبطًا تساهميًّا بحلقة تضمُّ أربعة أو خمسة جزيئات مثله فحسب، بل يجد أيضًا أنه مقيَّد على نحوٍ لا يمكن فكُّه بالحلقات المجاورة له، وبالتالي يكون مقيَّدًا بالتجمُّع بأكمله. لهذا، تشكِّل ٦٠ حلقة سداسية التفاعيل و١٢ حلقة خماسية التفاعيل شبكةً ثلاثية الأبعاد لا يمكن فكُّها إلا بتكسير الروابط الكيميائية؛ مما يفسِّر حالة الاستقرار الاستثنائية التي يتميَّز بها الغلاف الخارجي، والتي تُنتَج بوفرة باستخدام بروتينٍ أقل مما كانت تستدعيه الحاجة.
قبل ذلك بأقل من شهرٍ، أثبَتَ ويليام تيلور من المعهد الوطني للأبحاث الطبية في ميل هيل بمدينة لندن وجودَ سلاسلَ بروتينيةٍ معقودة بقوة، وذلك عن طريق فحص البِنى المعروفة من خلال اللوغاريتمات الجديدة التي طوَّرها بنفسه، والتي تعمل بصفة أساسية على ربط طرفَي السلسلة البروتينية بإحكامٍ ثم تقليص السلسلة. سينتهي المطاف بمعظم السلاسل إلى صورة خط مستقيم بين موضعَي الطرفين، ولكن اتضح أن بعضها يكون معقودًا. وأكثر العُقَد تعقيدًا التي أمكن ملاحظتها كانت عقدةً على شكل الرقم ٨ موجودةً في البروتين المزروع «أسيتوهيدروكسي أسيد أيزوميرورداكتيز».
أحدث التطورات
قراءات إضافية
-
W. R. Taylor and K. Lin, Nature, 2003, 421, 25.