كيمياء كيوبيد
في فبراير ٢٠٠٦، اشتهرتُ لمدة يوم، وكان لي ظهور إعلامي في أرجاء المعمورة، وكل هذا بسبب بيانٍ صحفي أصدرَتْه الجمعية الملكية للكيمياء قبل عيد الحب، بناءً على المقال التالي. ولكن على الرغم من هذا يجب أن أقول إنني كنتُ مسرورًا عندما انتهى عيد الحب وتوقَّفَتِ المحطات الإذاعية عن الاتصال بي.
قد يكون كيوبيد، رامي السهام الصغير اللعوب، في كل مكان حولنا في ذلك الوقت من العام، ولكن لا توجد أدلة علمية كثيرة تؤيِّد الادِّعَاء القديم بأن سِهامَه تجعل الناس تقع في الحب، كما أن تفسيرَ أفلاطون البديع الذي ينطوي على خسارة «النصف الآخَر» لن يصمد أمام آراء فلاسفة اليوم. وإذا حاوَلَ أي شخص أن يبيعك ترياقًا للحب على طريقة تريستان وإيزولده، يجب ألَّا تتوقَّع أيَّ معجزات منه.
على الرغم من فشل التفسيرات الرومانسية، تستمر الظاهرة الرومانسية، وطبقًا للباحثة هيلين فيشر المتخصِّصة في علاقات الحب، فهذه الظاهرة «ثابت ثقافي عالمي أو شبه عالمي». فهي تزعم أنه ما من ثقافة إنسانية على وجه الأرض ثبت عدمُ معرفتها بظاهرة الحب الرومانسي.
يجادِل العلماء بأنها إن كانت عالميةً، فلا بد أن لها أساسًا بيولوجيًّا، بعبارة أخرى: لا يمكن أن تكون مجرد عادةٍ ثقافية مثل الكريكيت أو الأوبرا. وفي السنوات الأخيرة، تخلَّى بعض العلماء بكل جرأةٍ عن خوفهم الطبيعي من الجانب اللاعقلاني للكائن البشري، وشرعوا في دراسة العمليات البيولوجية والكيميائية الكامنة وراء الحب الرومانسي، ودرسوا على وجه التحديد حركةَ الجينات والخلايا العصبية والرُّسُل الكيميائية مثل الهرمونات والفيرومونات.
قصة فأر الحقل
بطبيعة الحال، لو كان نوعٌ ما من الظواهر البيولوجية موجودًا عبر سلالةٍ بأكملها على مستوى العالم، فسيشك المرء في أنه مدموغ في الجينات بشكل أو صورة ما. مشكلةُ الحبِّ أنه ظاهرة معقَّدة، تتحكم فيه على ما يبدو تفاعلاتٌ معقَّدة بين العديد من النواتج الجينية المختلفة؛ وبناء عليه ستكون دراسته صعبةً، لنفس الأسباب التي تنطبق على الأمراض المتعدِّدة العوامل مثل مرض القلب. وعلاوة على ذلك، فإن المشكلة مع البشر هي أن القضايا الأخلاقية تمنع أيَّ تلاعُبٍ بجيناتهم، وهو ما سيكون مطلوبًا لفكِّ تفاعلاتِ العديد من الجينات.
لهذا، بقيَتِ الدراساتُ الجينية للتزاوج والمغازَلة قاصرةً حتى الآن على الحيوانات، وفي مسائل بسيطة نسبيًّا. وقد أُجرِيت أروعُ دراسة من هذا النوع وأكثرها انتشارًا على سلالتين من فئران الحقول في أمريكا الشمالية، وتحديدًا فأر البراري الأحادي الزوج «مايكروتيس أوركوجاستر»، وفأر الحقول الجبلي «مايكروتيس مونتانوس» الشبيه به جينيًّا، ولا يكوِّن أيَّ ارتباطٍ ولكنه يتزاوج عشوائيًّا. اكتشف توماس إنسيل ولاري يونج من جامعة إيموري في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا، غرزًا في جينٍ لفأر البراري الأحادي الزوج الذي يُظَنُّ أنه غير موجود في فأر الحقول الجبلي المتعدد الزوجات.
ليختبر الباحثون إن كان هذا الغرز مرتبطًا بالاختلاف في السلوك الجنسي أم لا، دمجوا الجين المتضمن للغرز في جينوم ذكور فئران الحقول الجبلية. وفي واقع الأمر، نجحوا في «علاج» هذه القوارض من الاختلاط الجنسي العشوائي بهذا التلاعُب الجيني البسيط.
ومؤخرًا، تمَّ تعقُّبُ «جينٍ جنسيٍّ» آخَر في ذبابة الفاكهة «دروسوفيلا». أوضح كين إتشي كيمورا وزملاؤه في جامعة هوكايدو أن البروتينَ الذي يشفِّر لإنتاجه الجين «غير المثمِر» في الدروسوفيلا يتحكَّم في بناء دائرة عصبية خاصة بالذكور يُعتقَد أنها تلعب دورًا رئيسيًّا في سلوك المغازَلة الذكري، وهو ما يحوِّل انتباهَنا من الجينات إلى الخلايا العصبية والمخ.
بصدق وجنون وعمق
تقنيات تصوير المخ الحديثة — مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أو المسح المغناطيسي المتعلِّق برسم الدماغ — ليسَتْ مجرد أداةٍ عادية من أدوات التصوير؛ فقد نجحت في كشف النقاب عن عالَمٍ جديد من الاحتمالات؛ لأنها تمكِّن الباحثين من ملاحظة المخ خلال عمله دون الإضرار بالمريض.
اشتركَتْ هيلين فيشر، عالِمة الأنثروبولوجيا في جامعة روتجرز، مع الباحثَيْن آرثر أرون ولوسي براون من نيويورك ليدرسوا كيفيةَ ظهور الحب الرومانسي في مراحله الأولى بالمخ. وبصفة أساسية، شرعوا في تحديد إن كان الحب يعمل مثله مثل أي شعور أساسي (كالخوف مثلًا)، أو إن كان ينتج عن حلقات التغذية الراجعة لمنظومة المكافأة الموجودة بالمخ (مثل إدمان الكوكايين).
استعان الباحثون بعَشْر نساء وسبعة رجال قالوا إنهم واقعين في الحب بشدةٍ منذ ما يتراوح بين شهر وسبعة عشر شهرًا، وقيَّموهم من خلال المقابلات قبل إخضاعهم للتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي وبعده. وخلال تجربة التصوير، عُرِضت على كلِّ مشارِكٍ صورةُ محبوبه وطُلِب منه استرجاعُ أي ذكريات عزيزة مرتبطة بهذا الشخص. وكنوع من الضوابط السلبية للتجربة، عُرِضت عليهم أيضًا صورُ أصدقاء آخَرين وأفراد أسرتهم وسُئِلوا نفسَ السؤال. وللتخلُّص من أيِّ مشاعر رومانسية فيما بين الصور، طُلِب من المتطوِّعين إجراءُ عملية حسابية عقلية، وهي العدُّ عكسيًّا بدءًا من عددٍ معيَّن مكوَّن من أربعة أرقام يتمُّ اختياره عشوائيًّا مع طرح سبعة أرقام في كل مرة. (جرِّبْ هذا الإجراءَ إذا أردتَ أن تصفِّي ذهنَك من العبء العاطفي؛ إذ يبدو أنه كان فعَّالًا في أقل من دقيقة!)
قارَنَ الباحثون بين صور المخ الخاصة بمتطوِّعيهم الغارقين في الذكريات الرومانسية، وتلك المرتبطة بالصور المحايدة، وتلك التي تمَّ جمعها خلال التمرين الحسابي العقلي، فاستطاعوا أن يحدِّدوا عدةَ مناطق رئيسية في الدماغ تشترك فيما يبدو في المشاعر الرومانسية القوية، ولكنها لا تشترك في التعرُّف على الوجوه، مثلًا. وعلى وجه الخصوص، سجَّلوا نشاطًا في المخ الأوسط الجوفي الأيمن، حول ما يُطلَق عليها اسم المنطقة السقيفية الجوفية والجسم الظهري المذنب والذيل المذنب. جميع هذه المناطق غير مرتبطة بالمشاعر والغرائز البدائية مثل الخوف، ولكنها مرتبطة بمنظومة المكافأة التي بوسعها أن تجعلنا ندمن المخدرات.
استنتج كلٌّ من فيشر وأرون وبراون بعد مراجعة أبحاثهم بالمقارَنة مع أبحاث مماثلة؛ أن «الحب الرومانسي هو منظومةُ مكافآتٍ في المقام الأول، ويقود إلى العديدِ من المشاعر، وليس إلى شعور محدَّدٍ». وبصفة خاصة، لا يوجد تعبير وجهي يمكن ربطه على نحوٍ قاطِع بالوقوع في الحب، كما لاحظوا أيضًا أن الحب الرومانسي العنيف في مراحله الأولى يختلف عن كلٍّ من الإثارة الجنسية ونشأة التعلُّق في المراحل التالية من العلاقة، وهو ما ينشِّط مناطقَ مختلفة من المخ.
في دراسةٍ لاحقة، بدأَتْ فيشر وزملاؤها النظر إلى ما يحدث عندما تفشل علاقةُ الحب، فتقول فيشر: «جميعنا يتعرَّض للهجر في مرحلةٍ أو أخرى، ولهذا أردْتُ أن أرى ما يحدث في المخ عندما يتعرَّض المرءُ للهجر في علاقة الحب.» وبناءً على هذا، استخدمَتْ هي وزملاؤها تقنيةَ تصويرِ الدماغ على مجموعة مكوَّنة من ١٥ متطوِّعًا تعرَّضوا للهجر مؤخرًا. وحسب النتائج المبدئية، توصَّلَتْ فيشر إلى أن «ثمة أمورً كثيرة تحدث في المخ عندما تنظر إلى صورةِ شخصٍ تخلَّى عنك لتوِّه، بما في ذلك حدوث نشاطٍ في مناطق المخ المرتبطة بالألم الجسماني، وسلوكيات الوسواس القهري، والتحكُّم في الغضب، وفي مناطق نستخدمها عندما نحاول التكهُّن بما يفكِّر فيه شخص آخَر.» وبدلًا من أن تتعطَّلَ أنشطةُ المخ المرتبطة بالنعيم الرومانسي السابق، وجدَتْ فيشر أنه «يبدو أيضًا أنك عندما تتعرَّض للهجر، يزداد تعلُّقُكَ بشريككَ الذي هجرك، وتبدأ في الوقوع أكثر في غرامه.»
إنَّ السمة الرئيسية في مناطق المخ التي ربطها الباحثون الأمريكيون بالحب الرومانسي هي أنها تشترك في مسارات إرسال الإشارات باستخدام هرمون الدوبامين. ولكن ما هي الهرمونات الأخرى التي يمكن أن نلومَها على التقلُّبات العاطفية للحب الرومانسي؟
جزيئات الحب
دوناتيلا مارازيتي هي طبيبة نفسية بجامعة بيزا، بدأَتْ دراسة التغيُّرات الهرمونية المرتبطة باضطراب الوسواس القهري، ثم انتقلَتْ إلى تلك التغيُّرات التي تحدث عندما يقع المرء في الحب. في البداية، اكتشفَتْ هي وزملاؤها تراجُعًا في وظيفة ناقلاتِ السيروتونين في دمِ المتطوِّعين الواقعين في الحب، الذين تمَّ اختيارُهم وتصنيفُهم على «مقياس الحب الشديد» على غرار المتطوِّعين الذين شاركوا في الدراسات الأمريكية المذكورة أعلاه. ومثل مرضى الوسواس القهري، فإن المتطوِّعين الغارقين في الحب أظهروا تركيزًا منخفضًا من السيروتونين في الدم، وهو ما قد يفسِّر سببَ تحوُّلِ المرحلة الأولى من الحب الرومانسي إلى هوسٍ.
في أحدث الدراسات التي أجرَتْها مارازيتي بالتعاون مع دومينيكو كانال، قامَا بتوسيع دائرة البحث للتحقُّق من حدوث تغيُّراتٍ في تركيز عددٍ من الهرمونات، بما في ذلك الإستراديول والبروجسترون والديهيدرو إيبي أندروستيرون والأندروستنديويون، التي وُجِد أنها لم تتأثَّر بأي مشاعر رومانسية. وعلى العكس من ذلك، لاحَظَا تغيُّرات في الكورتيزول والهرمون المنشِّط لحويصلات المبيضين والتيستوسترون، وكانت بعض التغيُّرات مرتبطةً بجنس الشخص؛ فعلى سبيل المثال، لُوحِظَ حدوثُ ارتفاع في نسبة هرمون التيستوسترون لدى النساء، بينما تراجَعَ لدى الرجال عند وقوعهم في الحب.
لو أقسَمَ الأحباء أن مشاعرهم ستدوم إلى الأبد، فإن الهرمونات تصوغ بوضوحٍ قصةً مختلفة. اكتشفَتْ مارازيتي وكانال عندما عاوَدَا اختبارَ نفس المتطوِّعين بعد ١٢–٢٤ شهرًا؛ أن الاختلافات الهرمونية قد اختفَتْ كليةً، حتى لو ظلت العلاقات سليمة.
باستخدام نفس الطريقة في اختيار المتطوِّعين، بحَثَ إنزو إيمانويل وزملاؤه من جامعة بافيا فيما إن كانت فئة مختلفة من الرُّسل الكيميائية، وتحديدًا النيوتروفين، تشترك في التجربة الرومانسية، وقد أعلنوا في نهاية عام ٢٠٠٥ أن تركيزَ عامِل النموِّ العصبي في الدم يتخطَّى المستويات الطبيعية لدى المتطوِّعين الواقعين في الحب، وأنه يتزايَدُ كلما زادت قوةُ المشاعر الرومانسية، بحسب مقياس الحب الشديد. ومن غير المعلوم بعدُ في كيمياء الحب، إن كانَتْ هناك حاجة إلى مزيدٍ من عامل النمو العصبي خلال المرحلة الأولى من علاقة الحب، نظرًا لجميع التجارب الجديدة التي تُحفَر في الذهن، أو إن كانت له وظيفة ثانية؛ فإنها لا تزال أمورًا غير مستكشَفة.
اكتشف إيمانويل وزملاؤه أيضًا أنه بعد ١٢–٢٤ شهرًا، اختفَتْ جميعُ جزيئات الحب، حتى مع استمرار العلاقة. ولم تكن قوةُ المشاعر المبدئية على مقياس الحب الشديد ولا تركيزُ عامل النمو العصبي مؤشِّرين مناسبين لمصير العلاقة بعد هذه الفترة.
الفينيليثامين رسول حبٍّ جزيئي آخَر، وهو ناقل عصبي مرتبط من الناحية البنيوية بالأمفيتامينات. تقول جابي فروبوس التي شاركَتْ مع زوجها رولف فروبوس في تأليف كتاب «الشهوة والحب، هل الأمر أكثر من مجرد كيمياء؟»: «الفينيليثامين مسئول عن الحب من النظرة الأولى. ولكن بعد زوال متعته الأولى التي قد تدوم ما بين عامين إلى ثلاثة، فإن تأثيره يتلاشى.»
ولكن إذا كانت جميع الرُّسُل الكيميائية الخاصة بالمشاعر الرومانسية الجياشة تختفي خلال عامين، فما الرابط الكيميائي الذي يُبقِي المتزوِّجين معًا (بعضهم على الأقل)؟
الجزيء الرئيسي الخاص بمرحلة التعلُّق هو هرمون الأوكسيتوسين، الذي هو عبارة عن ببتيد تُساعيِّ التركيب وُصِف لأول مرة بأنه الأساس الكيميائي الذي يحفِّز المخاض وإفراز اللبن، ولكن اكتُشِفت له لاحقًا وظيفةٌ ثانية باعتباره «هرمونَ العناق» البشري، وهو يرتبط بهرمون الفازوبريسين الذي يتحكَّم في وظائف الكُلى، ويشترك أيضًا في تعلُّق فئران البراري السالفة الذكر بعضها ببعض.
أثبتَتِ التجارب أن كلا الهرمونين أو أحدهما يستطيع — بحسب السلالة — أن يجعل الحيوانات تتحاضن. وفي البشر، اتضح أن إنتاج الأوكسيتوسين يرتفع خلال ذروة النشوة الجنسية لدى المرأة؛ مما يفسِّر سبب رغبتها في العناق بعد انتهاء العلاقة الجنسية. بخلاف ذلك، وبخلاف دوره في الولادة، لم يُعرَف الكثيرُ عن دور الأوكسيتوسين في فسيولوجيا الإنسان وسيكولوجيته حتى وقت قريب للغاية.
في عام ٢٠٠٥، أعلنَتْ فِرَق عديدة تطوُّرًا في الدراسات التي أُجرِيت عن دور الأوكسيتوسين في البشر، حيث ربطَتِ الهرمونَ ببداية الاختلاط الاجتماعي والتعارف الاجتماعي والثقة. وقد أثبت مايكل كوزفيلد وزملاؤه من جامعة زيورِخ تحديدًا أن استنشاقَ الأوكسيتوسين في صورة سبراي أنفي جعلَ المشاركين في «لعبة ثقةٍ» صمَّموها بأنفسهم أكثرَ ثقةً تجاه المشاركين الآخرين، ولكن ليس تجاه الكمبيوتر. يتطابق هذا الاكتشاف مع توقُّعات الباحثين الإيطاليين، حيث تقول دوناتيلا مارازيتي التي أتمَّتْ لتوِّها دراسةً عن دور الأوكسيتوسين في الحب الرومانسي، ولكنها تحتفظ بتفاصيلها سرية: «لستُ مندهِشةً بنتائج بحث كوزفيلد.»
سهام كيوبيد
وأخيرًا، ثمة عائلةٌ أخرى من الرُّسُل الكيميائية المرتبطة بالحب — وتحديدًا الفيرومونات — لا يُعرَف عنها هي أيضًا الكثيرَ لدى البشر؛ إذ إن معظم معرفتنا قائمة على الحيوانات. وبحسب التعريف، فإن الفيرومونات موادُّ كيميائية تهدف إلى التواصل بين أفراد من نفس السلالة، ويُعتبَر استخدامها في الحشرات مقبولًا لدرجة أن «فِخاخَ الفيرومون» متاحةٌ تجاريًّا لحماية المحاصيل.
إنَّ معرفتنا عن الثدييات أقلُّ اكتمالًا، ناهيك عن البشر. يخمِّن معظم الأفراد المتعلِّمين أن الفيرومونات التي تفرزها بعضُ الغدد، على سبيل المثال بواسطة العرق، تتعرَّف عليها خلايا مستقبِلة يُفترَض أنها موجودة في ذلك الجزء الصغير من أنفنا المعروف باسم عضو جاكوبسون أو العضو الميكعي الأنفي (انظر مقال «جزيئات جاكوبسون»). ومع ذلك، لم يرصد الباحثون بعضَ مستقبِلات الفيرومون الثديية المفترضة لدى الفئران إلا في عام ٢٠٠٢. وفي أكتوبر ٢٠٠٥، اكتشف فريق بقيادة هيروكو كيموتو بجامعة طوكيو معلومةً مثيرةً في لُغز الفيرومون؛ فقد أوضَحَ الباحثون اليابانيون أن فيرومون الفئران غير المتطاير، الذي أطلقوا عليه إي إس بي-١ (وهو ببتيد تفرزه غدة الإكسوكرين)، تُفرِزه الغددُ الدمعية في ذكر الفأر، وينشِّط الخلايا المستقبِلة — بعد الاحتكاك المباشِر — في العضو الميكعي الأنفي لدى الأنثى.
مجدَّدًا، لا يزال من غير الواضح إن كانَتْ دموع ذكر الإنسان لها نفس التأثير أم لا. في واقع الأمر، ثمة جدل دائر حول إن كان العضو الميكعي الأنفي لدى الإنسان هو في الواقع عضوًا عامِلًا من أعضائنا الفسيولوجية أو عضوًا غير نَشِط باقيًا من التطوُّر البيولوجي الذي تعرَّضَتْ له الثدييات. ويبدو الآن أن الأدلةَ ستجعل الكفة ترجح ببطء لصالح الفريق المؤيِّد لوجود العضو الميكعي الأنفي. بالنسبة إلى أيِّ عالِم كيمياء مهتَمٍّ بالأمور الرومانسية، فلا بد أنه سيسعد كثيرًا إذا استطاع إثباتَ أن الرُّسُل الكيميائية تنقل الشعورَ الرومانسي بين البشر. وفي نهاية المطاف، هذا هو الشيء الوحيد الذي يستطيع العلمُ تقديمَه بوصفه تشابهًا واقعيًّا مع سهام كيوبيد.
أحدث التطورات
لم يتناهَ إلى سمعي أيُّ تقدُّمٍ كبير في هذا الشأن، ولكن إذا وصلني أيُّ شيء، فسأضطر بالطبع أن أنتظر حتى يحينَ عيدُ الحب؛ لأن المقالات «الموسمية» ستحظى بأكبر تغطية في وسائل الإعلام.
قراءات إضافية
-
G. Froböse and R. Froböse, Lust and Love-is it more than chemistry? Royal Society of Chemistry, 2006.
-
H. Fisher, Why we love-the nature and chemistry of romantic love, Henry Holt, 2004.
-
D. Marazziti and D. Canale, Psychoneuroendocrinology, 2004, 29, 931.
-
K.-I. Kimura et al., Nature, 2005, 438, 229.
-
A. Aron et al., J. Neurophysiol., 2005, 94, 327.
-
H. Fisher et al., J. Comp. Neurol., 2005, 493, 58.
-
E. Emanuele et al., Psychoneuroendocrinology, 2005, 30, 1017.
-
A. B. Wismer Fries et al., Proc. Natl. Acad. Sci USA, 2005, 102, 17237.
-
P. Kirsch et al., J. Neurosci., 2005, 25, 11489.
-
M. Kosfeld et al., Nature 2005, 435, 673.
-
H. Kimoto et al., Nature 2005, 437, 898.