إشاراتٌ تحذيرية من الطبيعة
أحيانًا يمكن لتجربة غاية في البساطة يستطيع أيُّ طالب في المرحلة الابتدائية تصميمها، بل في الواقع يستطيع حتى إجراءها أيضًا؛ أن تقدِّمَ معلومةً مهمة عن الكيفية التي يعمل بها عالمنا. وإحدى هذه التجارب الشديدة البساطة والذكاء في الوقت نفسه معروضة في المقال الرائع التالي.
في المعمل، يجب أن تحمل جميعُ الزجاجات التي تحتوي على موادَّ سامة ملصقًا تحذيريًّا معروفًا على مستوى العالم. وفي الطبيعة، ثمة أنواع مختلفة تنتج موادَّ سامة لتجعل نفسها غير مستساغة للكائنات المفترسة، وقد اتضح أنها غالبًا تشترك في علامات تحذيرية عالمية، مثل الأنماط الظاهرة زاهية الألوان. ومع أن هذا التوحيد داخل المعمل يرجع إلى التشريعات القانونية ويحافظ على سلامة الشخص الذي قد يبتلع السمَّ، فإن الظاهرة الطبيعية المعروفة باسم المحاكاة المولرية تنشأ عن ميزة تطوُّرية لا تمنحها للآكِل (المفترس) الذي يتم تحذيره، وإنما تمنحها للوجبة (الفريسة) التي تنجو. وإذا تشاركَتْ عدةُ أنواع تكلفةَ الأخطاء التي يرتكبها المفترسون في أثناء تعلُّم قراءة الإشارات التحذيرية، فستكون الخسارة التي يتكبَّدُها كلٌّ منها أقل. ومن خلال تجربة رائعة وبسيطة للغاية، اكتشف الباحثون البريطانيون ميزةً إضافية للأنواع المتشاركة.
قام جون سكيلهورن وكاندي رو من جامعة نيوكاسل بإطعام الدجاج فتات خبز أحمر مُعالَجًا بمادة الكينين أو البتريكس (المادة التي تمنع قضم الأظافر)، أو بمزيجٍ من الاثنتين، إلى جانب فتات خبز أخضر تمَّ رشُّه بالماء فقط. وخلال ست تجارب، تعلَّمَ الدجاج الذي ابتلَعَ مادة واحدة فقط من المادتين الكيميائيتين المُرتين أن يتجنَّبَ الفتاتَ الأحمر. والمثير للدهشة أن الدجاج الذي تعرَّضَ لخليطٍ من الفتات بطعم البتريكس والكينين تعلَّمَ الدرسَ في نصف الوقت. وعلاوة على ذلك، في اختبار استمر لمدة أربعة أيام بعد التدريب، فإن الدجاج الذي تعرَّض لمادتين مختلفتين مُرَّتين، كان أفضل في تجنُّب الفتات الأحمر من كلتا المجموعتين اللتين تعرَّضَتَا لإحدى المادتين المُرتين فقط.
تشير هذه النتائج إلى أنه — علاوةً على ميزة «التكلفة المشتركة» — فإن مشاركة الإشارات التحذيرية بين أنواع الفرائس ذات المواد السامة المختلفة توفِّر حمايةً إضافية؛ لأنها تجعل الإشارة التحذيرية أسهل في تذكُّرها. وهذه من مقومات السلامة المعملية الضرورية التي وفَّرَتْها الطبيعة قبل أن توفِّرها جميع تلك الملصقات الصفراء والسوداء بوقت طويل!
قراءات إضافية
-
J. Skelhorn and C. Rowe, Proc. Roy. Soc. Lond. B, 2005, 272, 339.