إدخال الأسلاك النانوية إلى الخلايا العصبية
أعرف أنني كثير الحديث حول الإلكترونيات البيولوجية، وكيف أن الحدود بين النظامين الإلكتروني والبيولوجي آخذة في التلاشي تدريجيًّا، ولكن من بين جميع الأبحاث التي صادفتُها في هذا المجال، فإن هذا المثال تحديدًا أثارَ إعجابي أكثر من غيره؛ لأن في هذه الحالة — للمرة الأولى — كانت المكونات الإلكترونية تعمل على نفس مستوى الطول الخاص بالخلية العصبية التي تدخلها. هذا هو حقًّا طريق التقدُّم.
بدأ عصر الإلكترونيات البيولوجية الجديد — حيث تستطيع الأجهزة الإلكترونية أن تدخل بصورة مباشرة وسهلة إلى الكائنات الحية — بفضل أبحاث بيتر فرومهيرتس وآخَرين ممَّن نجحوا في توصيل أجهزة إلكترونية بخلايا عصبية معيَّنة. وقد ابتكر الآن فريق بقيادة تشارلز ليبر من جامعة هارفرد — الذي لعب دورًا رئيسيًّا في تطوير إلكترونيات الأسلاك النانوية على مدار السنوات الماضية — مصفوفاتٍ من ترانزستورات الأسلاك النانوية تستطيع الاتصال ليس فقط بخلايا عصبية معينة، ولكن أيضًا بشجيرات ومحاور عصبية بعينها (وهي تفرعات من الخلية العصبية) في مواضع متعددة.
صمَّمَ ليبر وزملاؤه مصفوفات من ترانزستورات الأسلاك النانوية المصنوعة من السليكون، وكبتوا فاعليةَ الوصلات لتجنُّبِ التآكل خلال فترات التحضين الممتدة اللازمة للمستنبت الخلوي (عشرة أيام عند درجة حرارة تبلغ ٣٧ درجة مئوية). وبدلًا من الاعتماد على اللقاءات العشوائية بين الخلايا العصبية والأسلاك النانوية، صمَّموا أغشيةً متعدِّدةَ الليسين على الركيزة لتحديد المناطق التي أرادوا أن تنتشر فيها الخلايا العصبية. في التجارب النمطية، أضافوا الخلايا إلى الركيزة، وأمهلوها ساعةً لكي تلتصق، ثم أزالوا أية خلايا غير ملتصقة، ثم حضَّنوها لمدة تتراوح ما بين أربعة وثمانية أيام ليتيحوا للخلايا العصبية نشرَ محاورها وشجيراتها بطول المسارات المحددة سلفًا التي تؤدي إلى ترانزستورات الأسلاك النانوية.
حتى الآن، لا تزال هذه التجارب مجرد تجارب معملية، إلا أنه بالنظر إلى روعة هذه الطريقة ونسبة نجاحها وملاءمة حجمها، فمن المرجَّح أنه خلال بضع سنوات ستعمل الأسلاك النانوية على إعادة ربط المسارات العصبية المقطوعة لدى المرضى المصابين بالعمى أو الشلل الرباعي؛ وهو ما يعني أن الدمج بين علم الأحياء والإلكترونيات وشيكُ الحدوث.
قراءات إضافية
-
F. Patolsky et al., Science, 2006, 313, 1100.