تجربة ١٥: عندما تتكافأ جميع الأشياء
دون حدوث أي تغير موضوعي أيًّا كان هذا التغير، يحل التنوع محلَّ الرتابة والملل. مضيفه وأهل مضيفه … بدءوا في تمييز أنفسهم كما يحدث في العمليات الكيميائية.
ارتدِ نظارة الأمان الواقية. خذ محلول كبريتات النحاس كما هو معدٌّ في «قائمة المشتريات والمحاليل»، وصب نحو بوصتَين في كوب زجاجي شفاف أو كوب بلاستيكي شفاف يُمكن الرؤية من خلاله بوضوح. ضع في زجاجة مياه غازية شفافة نصف كوب من الماء (١٢٠ مليلترًا)، ثم استخدم القُمع لتُضيف ملعقتَين كبيرتَين من بيكربونات الصودا إلى الماء. رج المحلول. صبَّ من اثنَين إلى ثلاث بوصات (٥سم) من الخل في زجاجة صودا شفافة أخرى في أثناء الوقت المنقضي حتى يستقر المحلول.
أضف من ثلاث قطرات إلى أربع قطرات من محلول بيكربونات الصودا إلى كبريتات النحاس، وتأكد من عدم انتقال بيكربونات الصودا غير المذابة إلى المحلول وأنت تُضيف القطرات. يُمكنك تجنُّب انتقال بيكربونات الصودا غير المذابة باستخدام قطارة العين أو ماصة يُمكنك أن تسحب المحلول من خلالها بسد إحدى طرفَيها بإصبعك حتى يُمكنك سحبُ بعض القطرات من أعلى المحلول، وكن حذرًا من أن تُثير الراسب في قاع الزجاجة.
بمجرَّد أن تُضيف بيكربونات الصودا إلى محلول كبريتات النحاس، يتكون راسب خفيف ملون بلون باهت ويترسب في قاع الكوب. ولأنك كنت حذرًا في عدم إضافة أي موادَّ صلبة، يجب أن يكون هذا الراسب هو ناتجَ تفاعل كبريتات النحاس مع بيكربونات الصودا الذي هو كربونات النحاس.
إذا أضفت مرة أخرى قليلًا من قطرات محلول بيكربونات الصودا، تُلاحظ أن حجم الراسب يزداد، ويظل المحلول الذي يعلو الراسب ملونًا باللون الأزرق الذي يُشير إلى وجود كبريتات النحاس التي لم تدخل في التفاعل.
الآن أضف العديد من قطرات الخل إلى الكوب، ثم لاحظ حدوث الفوران الذي يُوضح زوال الكربونات من المحلول. تذكر أن الخل حامضي وأن بيكربونات الصودا قاعدية؛ لذا فهما يتفاعلان معًا ليُكوِّنا حامض الكربونيك الذي يذوب على التوالي إلى ماء وفقاعات ثاني أكسيد الكربون.
إذا لاحظت بعناية فسوف ترى أن الفوران يحدث على سطح المحلول بمجرد إضافة قطرات الخل. استمر في إضافة قطرات الخل إلى أن يتوقف المحلول عن الفوران. قد تحتاج إلى تقليب المحلول قليلًا في الكوب بعد كل مرة تُضيف فيها قطرات الخل، وعندئذٍ ينبغي أن يبدأ الراسب الذي في القاع في الاختفاء بسبب إضافة الخل وزوال أيون الكربونات.
وعند توقف الفوران واختفاء الراسب، أضف محلول بيكربونات الصودا مرة أخرى إلى أن يتكون الراسب. عندئذٍ أزل الراسب مرة أخرى عن طريق إضافة قطراتِ الخل. وهكذا تستمرُّ عملية التقدم والتراجع ما دمتَ مستمرًّا في إثارة الوضع عن طريق إضافة أو إزالة أيون كربونات بإضافة الخل (أو حتى يُصبح المحلول مخففًا للغاية، لكن من المحتمل أن يمتلئ الكوب قبل حدوث هذا).
عند إضافة بيكربونات الصودا في بادئ الأمر، تخرج كربونات النحاس من المحلول حتى يحدث توازن للنظام، بمعنى أن النظام أصبح مستقرًّا ومتوازنًا مع أقصى كميات يُمكن أن يتشبَّع بها المحلول من أيونات النحاس والكربونات. غير أن التفاعلات الكيميائية ليست شوارعَ ذاتَ اتجاه واحد، لكن معدل التدفق يحدث في الاتجاهَين؛ ومِن ثَم عندما حدث خلل لهذا النظام المتعادل عن طريق إزالة بعضٍ من أيونات الكربون بالسماح لها بالتفاعل مع الخل، حدث التفاعل العكسي، واستعاد النظام توازنه عندما أُعيد بعضٌ من الراسب إلى المحلول مرة أخرى، وعندما أُضيف المزيد من أيونات الكربونات، استجاب النظام عن طريق تكوين المزيد من الراسب مرة أخرى.
إن فهم عملية تقدم وتراجع التوازن الكيميائي في غاية الأهمية لفهم فنِّ التلاعب في التفاعلات الكيميائية، وهو موضوع المناقشة التالية.