تجربة ١٨: كيمياء الضوء الأسود، وكيمياء المشابك
أولئك الذين يُشكلون الأرستقراطية الطبيعية، لا تجدهم في الواقع أرستقراطيين، أو بالكاد يكونون أرستقراطيين، مثل الطاقة الكيميائية للطَّيف؛ لا تكون أقوى إلا بالقرب منه.
في مناقشتنا عن العوامل التي تُؤثر على أداء محرك السيارة، من الأشياء التي لم نذكرها هي شدة ضوء الشمس؛ لأن التفاعلات التي تحدث داخل المحرك لا تتعرض لأشعة الشمس، لكن ضوء الشمس يُؤثر على السيارات، فالموادُّ الكيميائية الموجودة في دهان السيارة والإطارات والتركيبات المصنوعة من اللدائن تفسد من الشمس. في الواقع، الضوء يُمكِنه أن يكون عاملًا مهمًّا لتفاعلات عديدة، ويُمكن أن يكون الضوء أيضًا عاملًا غامضًا؛ لأنه في أوقاتٍ كثيرة لا يتوقف الأمر على الضوء فحسب، بل على نوعه أيضًا، ولكي نُبين تأثير الضوء على التفاعلات الكيميائية، راجع التجربة التي طرحناها في الفصل الأخير التي قمنا فيها بقياس معدل التبييض باستخدام محلول دليل.
ارتدِ نظارتَك الواقية، ثم ضع مادة التبييض في الأكواب تمامًا مثلما فعلنا من قبل، لكن في هذه المرة عَرِّض أحد المحاليل للضوء الأسود المقترح شراؤه ضمن قائمة المشتريات والمحاليل. يجب أن يُقرب الضوء الأسود لمسافة بوصة من سطح المحلول لضمان أكبر تأثير. فالضوء يجب أن يُسلَّط فوق السطح مباشرة وليس عن طريق جانب الوعاء الزجاجي أو البلاستيكي. ويجب أن يدوم التعرض لما يقرب من خمس عشرةَ دقيقة. احرص على ألَّا يتعرض المحلول الآخر للضوء. الآن أضف قطراتٍ متساويةً من الدليل إلى كِلا الكوبَين اللذَين يحويان مادة التبييض، ثم احسب الوقت الذي يستغرقه اللون حتى يتلاشى منهما. عندئذٍ ينبغي أن يحدث التفاعل في المحلول الذي تعرَّض للضوء الأسود أسرع جدًّا من تفاعل المحلول الذي لم يتعرَّض؛ ذلك لأن مادة التبييض تفكَّكَت ضوء كيميائيًّا، بمعنى أن الضوء الأسود تسبَّب في تفتيت مادة التبييض كيميائيًّا إلى أنواع أكثرَ قدرةً على التفاعل.
والآن وأنت لا تزال مرتديًا نظارة الأمان، صُب نحو نصف بوصة (١سم) من محلول كبريتات النحاس (المعدة كما هو مشار في قائمة المشتريات والمحاليل) إلى كوب من الزجاج أو البلاستيك على أن تتخلص من الكوب بعدها. فكِّك مشبك ورق واغمس أحد طرَفَيه في المحلول، ثم ضع طرَف مسمار مطليًّا بالخارصين في المحلول على ألَّا يَلمس المشبك، ضع أيضًا طرف سلك ألمنيوم طويلًا في المحلول بحيث لا يلمس المعادن الأخرى. انتظر ساعة ثم أخرج المعادن من المحلول وافحصها جيدًا. ينبغي أن يتغطى المشبك بطبقة رقيقةٍ من النُّحاس، والمسمار المطلي بالخارصين يصبح لونه أغمق في الموضع الذي لمس المحلول، أما سلك الألمنيوم فينبغي أن يظل كما هو بلا تغيير. في حالة المشبك المعدني والمسمار المطلي بالخارصين، فإن الإلكتروناتِ الموجودةَ على سطح المعدن تنتقل إلى أيونات النحاس في المحلول تُكوِّن النحاس الفلزي عندما قبلت الأيونات الإلكترونات. وترسب النحاس على المشبك المعدني وعلى سطح المسمار؛ لأن الحديد الموجود في المشبك والمسمار تأيَّن وانحلَّ. غير أن الإلكترونات مرَّت بوقتٍ أصعبَ بتركها الألمنيوم. ويُطلَق على تبادل الإلكترونات عبر المحاليل أو عبر المعادن مصطلحُ «الكيمياء الكهربائية». ولَسوف نفحص المزيد من هذه التفاعلات — وأسبابها وعواقبها — في الفصل التالي.