تجربة الكيمياء غير العضوية: أنتروبيا، وأمونيا، وأميبا
ثمة سنوات أخرى محمَّلة بدفعات من الزهور والأوراق وطيور العندليب والسُّمنة والحسون، وتأخذ مثلُ هذه المخلوقات الزائلة مواقعَها، التي كانت منذ سنة واحدة فقط مقرًّا لغيرها حينما لم تكن هذه المخلوقات سوى بذورٍ أو أجنَّة وجسيمات غير عضوية.
خذ كوب ماء وبعض قطرات من ملوِّن الطعام المقترَحِ في «قائمة المشتريات والمحاليل». أضف برفقٍ شديد قطرةً من مُلون الطعام إلى كوب الماء، مراعيًا أن تجعل زجاجة ملون الطعام قريبة من السطح بقدر ما تستطيع حتى تُقلل الاهتياج. عندئذٍ استرخِ واستمتع بمشاهدة رقصة الباليه الجميلة التي تُؤدِّيها قطرة ملون الطعام وهي تنتشر في الماء، نجد أن قطرة ملوِّن الطعام تمتزج تلقائيًّا بالماء بسبب الأنتروبيا، التي هي ميل النظام الطبيعي نحو حالة من الفوضى القصوى.
الآن، وبعد أن تتأكد من ارتدائك لنظارة الأمان الواقية، خذ محلول خلات الحديد المذكور في «قائمة المشتريات والمحاليل»، وضَعْه في طبق من السيراميك أو الزجاج بحيث يكون قُطر المحلول نصف بوصة (١سم). راعِ ألَّا تجعل بقعة المحلول الصغيرة تنتشر في الطبق. إذا وجدت أنَّ لبقعةِ المحلول قمةً بارزة لأعلى ومستديرة بسبب التوتر السطحي، فعندئذٍ تكون جاهزًا للخطوة التالية، أما إذا لم تجد ذلك، فإن ذلك يُشير إلى وجود بعض البقايا في الطبق. في هذه الحالة أحضِر طبقًا نظيفًا وجافًّا وحاوِل مرة أخرى.
خُذ بعض القطرات من النشادر، واصنع بقعة أخرى لها نفس البروز لأعلى على بُعد نحو ربع بوصة (نصف سم) من بقعة محلول خلات الحديد. والآن ارسم بحذَر خطًّا من السائل يصل ما بين السائلين عن طريق جرِّ طرف ماصَّة من بقعة إلى الأخرى، على أن تُراعي ألَّا تندمج البقعتان إلا في نقطة اتصالهما.
لاحِظ أن المحلولَين يمتزجان أحدُهما في الآخر، وتكون الأشكال المتكونة غايةً في الجمال والروعة، وكأنها حديقةٌ مُتحرِّكة، ويُمكن جعلُ حرَكة هذه العَملية أبطأ عن طريق إضافة قطرةٍ من الجلسرين أو زيت مَعدِني بين الخليطَين وتوصيل البقعتَين إلى البقعة التي تتوسطهما. ويُمكن مُشاهدة تفاعل دمج للأشكال مُشابه عن طريق إضافة بقعةٍ من محلول كبريتات النُّحاس إلى محلول النشادر أو كبريتات النُّحاس ومحلول بيكربونات الصوديوم.
وأودُّ أن أذكر مرةً أخرى أن هذا الخلط يَحدث تلقائيًّا، لكنَّ ثَمَّة عنصرًا آخرَ للتسلية في مثل هذا التفاعل الكيميائي أيضًا. شاهد الحركة التي تُشبه حركة الأميبا التي يخطو بها المحلولان غير العُضويَّين أحدهما نحو الآخر وموجات التَّفاعل التي تنتشر عبر الطبق في شكلٍ أشبهَ بأصابع اليد، ويُمكن للمرء أن يتخيَّل التكوُّن الأول للأجسام في الحساء الكوني البُدائي كما بوُسعه أن يتخيَّل التقدم ببطءٍ واطِّراد للخروج من هذا الحساء.