خاتمة
أنا أحتفي بنفسي وأُشيد بها، وما أفترضه أنا تفترضونه أنتم؛ لأنَّ كل ذرة تخصني تخصُّكم أنتم أيضًا.
إذا أثار موجز علم الكيمياء المختصر هذا كل قرائنا، فحتمًا سينهضون معًا نهضة امرئ واحد ويهتاجون كالعاصفة بحثًا عن مزيد من الاستنارة، صارخين: لا شيء يُمكنه أن يبهجنا أكثر من هذا، فهذا الكمُّ من المعلومات هائل جدًّا.
لقد ذهبنا في رحلة رائعة، وفحصنا تركيب الجسيمات الدقيقة للمادة وسلوكها، وشاهدنا كيف أن خواصَّها البالِغةَ الصِّغرِ تتكاثر كي تكون العالم من حولنا، ودرسنا الكيمياء القديمة وشرحنا هذه التفاعلات الحية باستخدام موادَّ عادية، ورأينا كيف أن الكيمياء ترتبط بخبرات الحياة اليومية، وطورنا فهمًا بديهيًّا لأساسيات الكيمياء عن طريق الأمثلة والتشبيهات، ورأينا كيف أن المبادئ والنظريات المستمدة من الماضي قد انهالت علينا بوابلٍ من ثروات التكنولوجيا والمواد، وقد رأينا التحديات الموضوعة أمامنا. وفي هذه الألفية الجديدة، سيكون هناك أدويةٌ جديدة ومداخلُ ابتكارية للشفاء، وسيكون هناك كَبارٍ قابلةٌ للثَّني دون أن تنكسر حينما تهتز الأرض، وسيكون هناك مصادرُ جديدة للوقود غزيرة غزارةَ ضوء الشمس وطعامٌ كافٍ لإطعام العالم المتضوِّر جوعًا، وسيكون هناك أيضًا فَهمٌ جديد لكل العلوم، وسوف نتعلم كيفية حماية هذا الكوكب والحياة بأشكالها كافة.
لكن من أين نبدأ؟ ومن الذي يُحدِّد أين نستخدم مواردنا؟ وإذا وجدنا شكلًا جديدًا للحياة في المحيط يُمكنه أن يُنتج دواءً فعالًا جديدًا، فإذن سيخص مَن هذا الدواء؟ ولمن سيُسمَح بالحصول على فوائده، وتطويره، وضمان الحفاظ عليه؟ الإجابة هي الناس، كل الناس، فكيمياء المستقبل سوف تعتمد على أكثرَ من مجرد كيميائي؛ إنها سوف تتطلب تضافر الجهود الدولية التي تستقطب مواهب الفلاسفة، والباحثين، وعلماء البيئة، وأخصائيِّي علم الأخلاق والاقتصاد والإحصاء، ورجال القانون ومُنفِّذيه، وعلماء النبات والبكتيريا والأعشاب، والمؤرخين من كتاب وجمهور، وعلماء التكنولوجيا العاملين في المعامل والمختبَرات وفي مجال الكهرباء والحاسب الآلي، وكل أولئك المستعِدِّين لصُنع قرارات مستنيرة ومُطَّلعة.
فلا يَزال هناك الكثيرُ من العمل الذي يحتاج إلى إنجازه والكثير من الأسباب لإتمامه، فالعمل بعيدٌ كلَّ البعد عن بلوغ نهايته، وليس للمتعة منتهًى أبدًا.