الفصل الثاني عشر

كيمياء البلورات النقية

لقد كان الطريق شاسعًا ومستقيمًا وبراقًا مثل البلورة، وينتهي بالشمس.

فيودور دوستوفسكي، «الإخوة كارامازوف»، ١٨٨٠

يُمكن أن تستحضر كلمةُ كيمياء إلى الذهن صورًا لموادَّ لزجةٍ، وأشكالًا كرويةً وسوائلَ هُلامية، وليست صورًا لتركيباتٍ بارعة ومتقَنة ومنظمة، لكن المواد الكيميائية في الحالة الصلبة يُمكن أن تكون ذات تماثل رائع وتركيبات شديدة الكياسة، ويتضح التماثل الجميل والرياضي في تجرِبة بلورات الحديقة، وتظهر حتى في حُبيبات الملح المتماثلة، وهنا سوف نفحص القُوى التي تُحدث مثل هذا التركيب، والظواهرَ الأخرى المرتبطة بالحالة الصلبة للمادة.

وحتى هذه اللحظة، لم نَخُض بعد في الطبيعة ثلاثية الأبعاد للجزيئات؛ لأننا لم نكن في حاجةٍ إلى هذه الدرجة المزيدة من التعقيد، ومن الناحية التاريخية، كان هذا التدرج الطبيعي للأحداث أيضًا، ليس إلا. ولم يكن حتى منتصفِ القرن التاسعَ عشر، أي ما يقرب من نحو نصف قرن بعد أن أصبحت نظرية دالتون للذرات مقبولةً بشكل عام، لم يكن عددٌ كبير من العلماء الأوروبيين قد بدَءوا التعاطيَ مع احتمالية الترتيب ثلاثيِّ الأبعاد لذرات الجزيئات وعواقِبه.

ويأتي أحد الأدلة الأولى على أنه قد يكون هناك شيءٌ ما له أهمية جوهرية في الطريقة التي تُرتب بها الذرات نفسها في المركبات — من اكتشاف الإيسوميرات، وهي الجزيئات التي لها الصيغة الكيميائية نفسُها ولكنها ذات خواصَّ مختلفة، وكما ناقشنا من قبل، كلٌّ من كحول الحبوب والميثيل إثير لهما الصيغة الكيميائية نفسُها، C2H6O، لكن أحدهما سائل في درجة حرارة الغرفة والآخر غاز، ورائحتهما أيضًا مختلفة بوضوح، ومع ذلك فلا يُوصى أن نستنشق أيًّا منهما، حيث يُمكن أن تُسبب الغازات المتصاعدة منهما — في تركيزات معينة — الموت. ويتكون كلٌّ من الجليكوجين والسليلوز من سلاسل طويلة من جزيئات الجلوكوز المرتبطة معًا، لكن في حين يخزن الجليكوجين الطاقة في جسم الإنسان، فإن الرابطة في أيسومر السليلوز، هي تلك الرابطة التي لا يستطيع الجهاز الهضمي في الإنسان أن يُحللها إلى غذاء، ففي أثناء النُّدرة التي حدَثت في محصول البطاطس بأيرلندا منتصفَ القرن التاسعَ عشر، اضطُر الناس إلى أن يأكلوا العشب، لكنهم مع ذلك ماتوا جوعًا على كل حال؛ لأنهم لم يستطيعوا أن يهضموا سلاسل الجلوكوز الموجودةَ في العشب.
وفي القرن التاسع عشر، حتى عندما عُرف أنه من الممكن أن يكون مركبان لهما الصيغة نفسُها لكن ترتيب ذراتهما مختلف، استغرق الأمر بعض الوقت حتى اعتُرِف بشكل عام أن الزوايا ثلاثيةَ الأبعاد والفراغاتِ بين الذرات يُمكِنهما أن يُؤثِّرا على سلوك الذرات الكيميائي. وقد اكتشف لويس باستير، منقذ صناعة الخمور في فرنسا في القرن التاسعَ عشر، أن ملح حامض الطرطريك الموجود في الخمور، يُوجَد في شكلَين متمايِزين.1 ويُمكن فصل هذَين الشكلَين بحذر، بملقاط إذا رُئِيا بعدسة مكبرة. ولأن البلَّورتَين هما حامض الطرطريك، فإن العناصر في الجزيئات تكون مرتبطة بنفس الترتيب؛ ومِن ثَم يكمن الاختلاف في الطريقة التي رُتِّبت بها الروابط في الفراغ.

إلا أن هذا التفسير المنطقي لم يلقَ الاستحسان العالمي الفوري عندما طُرح لأول مرة، وقد نُعِت المؤيدون للفكرة بالحماقة، أو بما هو أكثر من ذلك، وكان عليهم تحملُ هذا النقد، وبمرور الوقت، اتضَحت صحة أقوالهم. ولتفسير تركيب البلورات التي لُوحظت في الملح والسكر وبلورات الحديقة سنتعرض الآن لطبيعة الذرات والجزيئات والأيونات ثلاثية الأبعاد في عالمنا ثلاثي الأبعاد.

ولكي نفهم القوى الكامنة وراء تركيب الجزيئات ثلاثية الأبعاد، نحتاج إلى أن نرجع إلى الوراء لتشبيهٍ استخدمناه من قبل؛ قلنا إن نواة الذرة، لكونها مؤلَّفة من بروتونات ونيترونات، فإن كتلتها تُعادل كتلة الإلكترونات المحيطةِ بها آلاف المرات، وقد تابعنا القول بأن الإلكترونات تُشبه البرغوث الذي يقف على الفيل، لكن مع أن البراغيث صغيرة جدًّا فإنها تُؤثر بالطبع على سلوك الفيل. ويُعتبَر التركيب ثلاثي الأبعاد للجزيء أحد الأماكن التي فيها تشعر بهذا التأثير، ويرجع التركيب ثلاثي الأبعاد للبلورات إلى حقيقة واحدة أساسية، ألا وهي: أن الإلكترونات تميل إلى أن تُوجَد في أزواج، وهي تزاوج أحادي على نحوٍ صارم، وما إن تتزاوج الإلكترونات حتى تحتفظ بمسافة لائقة بينها وبين الأزواج الأخرى، ويُسمَّى هذا بلغة الكيميائيين «تنافر أزواج الإلكترونات». ولكي ترى كيف يحدث هذا في الجزيئات، تأمل معي الماء.

كما قد تتذكر من مناقشتنا حول القوى البينجزيئية، يأخذ جزيء الماء شكل حرف V الذي يقع الأوكسجين فيه عند مركز حرف V والهيدروجين عند كل طرف، ولم نُناقش في ذلك الحين لماذا يأخذ الماء هذا الشكل، لكننا نستطيع أن نتناول هذا الأمر الآن. كما يتبين من الجدول الدوري، المُبيَّن في شكل ١٢-١، يملك الأوكسجين ثمانية إلكترونات حول نواته، لكنَّ اثنَين منها يُوجَدان في الطبقة الأولى القريبة منه، ويُوجَد في الطبقة الخارجية ستة إلكترونات، وهي إلكترونات التكافؤ، التي تُؤثر فعليًّا في السلوك الكيميائي للذرة، وكما قد نتذكر أن الأوكسجين يكون في حالة السعادة عندما يكتسب إلكترونَين آخرَين ليملأ غلافه الخارجي، ويملك الهيدروجين إلكترونًا واحدًا ويسعى نحو الحصول على إلكترون آخر ليملأ غلافه الأول، كما يُمكن أن يتحدد عن طريق الرجوع إلى الجدول الدوري الموضح في شكل ١٢-١ مرةً أخرى.
fig23
شكل ١٢-١: يحتاج الهيدروجين القائم في بداية الصف الأول إلى إلكترون آخر ليملأ غلافه، ويحتاج الأوكسجين الواقع بعد اثنَين من نهاية الصف الثاني إلى إلكترونَين ليكمل غلافه.
يستخدم الكيميائيون وسيلة بصرية تُسمَّى «أشكال لويس ذات النقطة» (نسبةً إلى الكيميائي الأمريكي جي إن لويس) لتوضيح الطريقة التي تُرتب بها الأنويةُ في الجزيئات نفسها بحيث يكون أكبر قدر ممكنٍ من الأنوية مُحاطًا بطبقات ممتلئة بالإلكترونات.2 تبدأ هذه الوسيلة بوضع نقطة لكل إلكترون تكافؤ (لذا سُمِّي بتركيب لويس النقطي) حول رمز العناصر، يُمكِن تقديم الهيدروجين والأوكسجين على النحو الآتي:

في تركيب لويس النقطي هذا، يأخذ الهيدروجين نقطة واحدة لتُعبر عن إلكترونه الوحيد، ويأخذ الأوكسجين ست نقاط لتُعبر عن تكافُئِه بستة إلكترونات.

ويُسهل العرض بهذه الطريقة رؤية الكيفية التي تتحد بها ذرتا هيدروجين وذرة أوكسجين، فهما يشتركان في الإلكترونات؛ ومن ثَم تملك كل ذرة هيدروجين غلافًا ممتلئًا بإلكترونَين، ويملك الأوكسجين غلافًا ممتلئًا بثمانية إلكترونات.

إلا أن هذا الترتيب يظل لا يُشبه كثيرًا شكل حرف V. ولكي نُفسر كيف يأخذ الجزيء شكل حرف V، من الضروري إثارة تنافر زوجَين من الإلكترونات، وإثارة انشغالات طبقات التكافؤ أيضًا من خلال نظرية رئيسية تُناسب تمامًا ما نُريده، تُسمَّى نظرية «تنافر زوجَي الإلكترونات في طبقة التكافؤ». وفي هذه النظرية تُصنَّف الإلكترونات على أنها أزواج مترابطة بمعنى أنها إلكترونات تُوجَد في روابط، أو تُصنَّف على أنها أزواج وحيدة (أو أزواج غير مترابطة) بمعنى أنها أزواج إلكترونات لا تُوجَد في روابط، فعلى سبيل المثال، تُعتبَر الأزواج المترابطة، أزواج الإلكترونات المتشاركة بين الأوكسجين والهيدروجين في جزيء الماء الموضح سابقًا عن طريق تركيب لويس النقطي، أما الأزواج الوحيدة فهي تلك الأزواج التي تُوجَد على جانبَي ذرة الأوكسجين التي لا تدخل في عملية المشاركة.
وهذه هي أنماطُ نظرية تنافر أزواج الإلكترونات في طبقات التكافؤ:
  • أزواج وحيدة (أزواج غير مترابطة) يتنافر بعضُها مع بعض.

  • أزواج وحيدة (أزواج غير مترابطة) تتنافر مع الأزواج المترابطة، وهي أقلُّ تنافرًا من السابقة.

  • تنافر الأزواج المترابطة مع الأزواج المترابطة، وهي أقل تنافرًا من السابقة أيضًا.

ويُمكِننا فهمُ هذه المبادئ من تحليل شكل جزيء الماء كالآتي:

ترغب جميع أزواج الإلكترونات، سواءٌ تلك التي تُوجَد في روابط أو الوحيدة، في أن يتباعد بعضُها عن بعض بقدر المستطاع، إلا أن الزوجَين الوحيدَين الموجودَين في الأوكسجين يرغبان في ذلك بأقصى درجة؛ لذا تتباعد الأزواج الوحيدة، وتُجبر بهذا الصنيع أزواج الهيدروجين المترابطة على أن يقترب بعضها من بعض كما هو موضَّح في شكل ١٢-٢.
fig24
شكل ١٢-٢: الإلكترونات في الأزواج الوحيدة يتنافر بعضها عن بعض أكثرَ من تنافر الإلكترونات في الأزواج المترابطة؛ ومِن ثَم تنبسط الأزواج الوحيدة وتتقارب أزواج الهيدروجين معًا، مما يجعل الماء يأخذ شكل حرف V.
إلا أن شكل ١٢-٢ لا يزال لا يعرض سوى بُعدَين حيث إننا اضطُرِرنا أن نرسمه على ورقة ثنائية البعد. ولكي نُصور الموقف في شكل ثلاثي الأبعاد، جرب استخدام البالونات: اختر بالوناتٍ لها الشكل والحجم نفسُهما لكن بلونَين مختلفَين مثل الأحمر والأخضر. انفخ بالونتَين من البالونات الحمراء وبالونتَين من البالونات الخضراء حتى يصلا إلى الحجم نفسِه، ثم اربط أطرافها كلها معًا (سيسهل عليك عمل ذلك إذا لم تنفخ البالونات على نحوٍ زائد). ينبغي أن ينتهيَ الحال بشكل عنقودي ثلاثي الأبعاد، بحيث تخرج البالونات عنوة في أربعة اتجاهات مختلفة، ويُسمَّى الشكل الذي قمت أنت بتصميمه ثلاثي الأبعاد «الشكل الرباعي الأوجه».

الآن انفخ أربعة بالونات أخرى (لكن اجعل كل البالونات الحمراء بالحجمِ نفسِه وأكبر من البالونات الخضراء). وعندما تربطها معًا مثل المرة الأولى تحصل على الشكل الأكثر تمثيلًا لجزيء الماء: فالبالونات الأكبر حجمًا سوف تُقصي نفسها بعيدًا بأقصى درجة عن الأخرى وتعصر البالونات الأصغر معًا. والشكل ثلاثي الأبعاد للجزيئات كما هو محدَّد من نظرية «تنافر زوج الإلكترونات في طبقة التكافؤ»، والمقايضة بين الانجذابات الأيونية والروابط التساهمية وقوى الجذب البينجزيئية، كلها تُفسِّر مجتمعةً التركيبَ ثلاثي الأبعاد للبلورات.

وتُعتبَر بعض البلورات أيونية، بمعنى أن الشبكات الأيونية الطويلة تتماسك معًا بانجذابات أيونية. ويُعتبَر كلوريد الصوديوم أو ملح الطعام ملحًا أيونيًّا. وفي بلورات كلوريد الصوديوم، يُحاط أيون الصوديوم بستة أيونات كلور — أيون من أعلى وأيون من أسفل وأيون في كل اتجاه من اتجاهات البوصلة — ويُحاط كلُّ أيون كلور بستة أيونات صوديوم بالطريقة نفسِها. ومن ناحية أخرى، تتماسك بلورات السكر معًا عن طريق قوى الجذب البينجزيئية. وهي تنسجم بعضها مع بعض لتحقيق الدرجة القصوى من التوازن بين قوى التجاذب والتنافر، مما يُفضي إلى تركيب من البلورات منظَّمٍ إلى حد ما. والفلزات النقية هي مجموعات كبيرة من الذرات المتطابقة؛ ومِن ثَم لا يُمكن أن يشوب الترابطَ بين أي زوج أيُّ اختلاف عن الترابط بين الزوج الذي يليه. وعليه، يستحيل أن نقول إن إلكترونات الترابط الخارجية تنتمي إلى أية ذرة بعينها، وينعكس هذا الاستقلال على التوصيل الكهربي الرائع للفلزات، فعند توصيلها بأي مصدر كهربائي مثل بطارية، فإن الإلكترونات تنتقل بحرية من إحدى الذرات إلى الأخرى في تيار.

وتُشكِّل المواد الصلبة التي ترتبط بروابط تساهمية مثل الكوارتز والماس والجرافيت، فئةً أخرى من البلورات، والكوارتز هو سلسلة متواصلة من ثاني أكسيد السليكون المرتبط في ترتيب بلوري منتظم، والرمل هو خليط من الكوارتز والصخور الأخرى. والزجاج هو كوارتز صلب كُسِي بمادة معدنية وأُعيدَ تقسيتُه، لكن دون أن يأخذ الشكلَ البلَّوري المنتظمَ نفسَه قبل عملية الإذابة، بنفس الطريقة التي تحدث مع الزبدة عند إذابتها حيث تأخذ شكلها نفسَه قبل الذوبان بعد أن تبرد وتتجمد مرة أخرى، ومن المعروف أن الزجاج يتكون بشكل طبيعي عندما يضرب البرق الرمال.

fig25
شكل ١٢-٣: الماس هو شبكة من ذرات الكربون المرتبطة تساهميًّا في تركيب رباعيِّ الأسطح لكل ذرة كربون.
والماس هو شبكة من ذرات الكربون، فكلُّ جزء من الكربون يرتبط بالجزء الذي يليه برابطة تساهمية في ترتيب رباعي الأسطح، كما هو موضَّح في شكل ١٢-٣. أما الجرافيت الصلب الذي ينتمي إلى نفس عائلة الماس فهو مصنوع أيضًا من الكربون النقي، لكن في حالة الجرافيت يرتبط الكربون في ألواح تنزلق بعضها فوق بعض، كما هو موضح في شكل ١٢-٤. لكن الفرق بين الماس والجرافيت في الخصائص وفي السعر يُعتبَر كبيرًا بشكل مذهل، يُعبِّر الجرافيت فعليًّا عن الشكل الأكثر ثباتًا للكربون الصلب، كما سنُناقش بعد قليل، إلا أن الفترة الزمنية المطلوبة لحدوث عملية التحويل هي فترة ممتدة امتدادَ عمر كوكب الأرض تقريبًا.
fig26
شكل ١٢-٤: الجرافيت هو كربون مرتبط تساهميًّا في شكل ألواح سداسية.
وثمة نوعٌ جيد من الخلط بين الجزيئات التي ترتبط برابطة أيونية والجزيئات التي ترتبط برابطة تساهمية يُمكن أن نجده في أملاح الأيونات المتعددة الذرات. والأيونات المتعددة الذرات هي مجموعات مشحونة تحتوي على العديد من الأنواع المختلفة من الأنوية الذرية مثل CO32−، وهو أيون أصبح مألوفًا لدينا من بعد تَجارِب بيكربونات الصودا. وبيكربونات الصودا هي بيكربونات الصوديوم وصيغتها الكيميائية هي NaHCO3. وثمة أيون متعدد الذرات آخَرُ قد تعاملنا معه، لكن ليس بشكل صريح؛ هو أيون الكبريتات SO42−. وكما ذكرنا من قبل، الرقم الذي يُكتَب أعلى الرمز ٢−، الذي يُقرأ «سالب اثنَين»، يُشير إلى أن الأيون له شحنتان سالبتان. ويتكوَّن ملح كبريتات النحاس — المركب الذي يُعطي لون المحلول الأزرق الجميل الذي استخدمناه في تَجارِب عديدة — من أيون النحاس وأيون الكبريتات. ويُعتبَر نوع الرابطة التي تُوجَد في كلٍّ من أيونات الكربونات والكبريتات رابطة تساهمية، أما التي تُوجَد بين الأيونات الموجبة (سواء الصوديوم أو النحاس) والأيون متعدد الذرات فهي رابطة أيونية. وقد استُخْدِمَت هذه الأملاح البلورية للأيونات المتعددة الذرات في منتصف القرن التاسع عشر للإجابة عن التساؤل القائم منذ زمن بعيد وهو: كيف يُمكن قياس وزن الذرة؟

من الواضح أن السؤال غايةٌ في الصعوبة، لكن لطالما كان سؤالًا غايةً في الأهمية أيضًا، وتنبع أهمية هذا السؤال من حقيقة أن الذرات تتفاعل بمعدل ذرةٍ واحدة إلى ذرة واحدة، فإذا أردت أن تُفسر أفعالها فأنت على مقربة من أن تحسب وزنها، لكنها غايةٌ في الصغر حتى إنك لن تستطيع. كل ما يُمكنك فعله هو أن تقيس مجموعة كبيرة من الذرات معًا مثل ملء ملعقة كبيرة أو ملء كوب، ثم احسب كم عدد الذرات الموجودة في ملء الملعقة أو ملء الكوب، لكن لكي يتسنَّى لك معرفة عدد الذرات التي في الملعقة أو في الكوب، يجب عليك أن تعرف كتلة إحدى الذرات. بدأ العلماء يعملون بالطريقة المطلوبة في هذا الأمر عندما أدركوا أن ثمة معادنَ مختلفة تُكوِّن أملاح الكبريتات وأن جميعها تتبلور بنفس الطريقة تقريبًا. وكيف يُمكن أن يُفيد هذا في موضوعنا؟ إن هذا الأمر يرتبط بالكثافة.

والكثافة كما قد ذكرنا من قبل، هي مقدار كتلة المادة لكل وحدة من الحجم، وتتنوع الكثافة من مادة إلى أخرى؛ فعلى سبيل المثال، تختلف كثافة حقيبة مملوءة بالريش بشكلٍ ملحوظٍ عن كثافة الحقيبة ذاتها عندما تكون مملوءةً بالطوب. ومن إحدى ميزات الكثافة التي تجعلها مفيدة للغاية أنها لا تحتاج إلى كمية معينة كي يتسنَّى لك قياسها، فكثافة الطوب لا تتغير إذا نظرت إلى قالب طوب واحد أو إلى حائط طوب بأكمله، وكثافة ملء ملعقة من ملح الطعام هي نفس كثافة ملء كوب من ملح الطعام؛ لأن الكثافة لا تعتمد على حجم عينة المادة، ولقياس الكثافة لا تحتاج سوى قياس كتلة حجم معين.

أما بلورات الكبريتات، فلقد افتُرِض أن كل قالب من البلورات يحتوي على العدد نفسِه من وحدات الكبريتات، ووحدات المعدن؛ سواءٌ كان المعدن نُحاسًا أو مغنسيوم أو غير ذلك؛ ومن ثَم ينبغي أن يكون أي اختلاف في الكثافة يرجع إلى اختلاف في كتلة المعدن، وعند تحديد كتلة أحد هذه المعادن يُمكننا أن نُحدد الأوزان النسبية للعناصر الأخرى. ولقد كانت هذه الفكرة ملائمة ومفيدة في الوقت الذي استُنبِطت فيه، لكنها تطورت منذ ذلك الحين، فاليوم تُستخدَم أشعة X لتحديد ترتيب الذرات وعددها في الحجم المعين من البلورات، وتكون النتائج التي نحصل عليها أكثر دقة.
إلا أن تِقنية أشعةِ X المستخدمةَ مع البلورات لا تكون هي نفسها المستخدَمة في مجال الطب البشري أو في مجال طب الأسنان؛ ففي حالة الطب البشري أو طب الأسنان، يُسمَح لأشعة X أن تتخلَّل الجسم وتكون الصورة الناتجة هي صورة لظل الغشاء الكثيف — أو العظام أو الأسنان — التي لا تتمكَّن أشعة X من اختراقها. وتبحث دراسات أشعة X المعنيَّة بالبلَّورات (تُسمَّى علم البلورات) في أشعة X المنعكسة بدلًا من أشعة X النافذة، وتحلل الأنماط في الأشعة المنعكسة.
وتعكس إلى حدٍّ ما البلورات أشعة X مثلما تعكس الأقراص المضغوطة الضوء المرئي، وينعكس هذا الضوء المرئي على المحزوزات الموجودة على القرص المضغوط بنفس الطريقة التي يتشتت بها الضوء إلى ألوان كثيرة معطيًا شكل قوس قزح على القرص. وتتصرف الطبقات المتعددة على البلورات ثلاثية الأبعاد بطريقةٍ ما مثل شكل المحزوزات الصغيرة جدًّا الموجودة على القرص المضغوط، وتنعكس أشعة X على تركيبات البلورات البالغة الصغر، وتكون نمطًا على فيلم أشعة X. وبرؤية التفاصيل الدقيقة للشكل يُمكننا أن نُدرك حجم وحدة واحدة من البلورات وتركيبها، ونستخلص موقع الأجزاء — الذرات أو الأيونات أو الجزيئات — التي تُشكِّل البلورة من هذه المعلومات. وبمجرد معرفة حجم أصغر وحدة من البلورات وعدد الذرات التي تحتويه، يُمكننا أن نُحدد كتلة الجزء الواحد أو الذرة الواحدة أو الجزيء الواحد عن طريق الكثافة.

وبالطبع، ليس كل ما يلمع ذهبًا، وليس كل ما هو صلب بِلَّورًا. ويُشار عامة إلى المواد الصلبة التي ليست بِلورية إلى أنها غير متبلورة (أي لا شكل لها). وتتضمَّن هذه الموادُّ الصلبة المطاطَ والبلاستيك والشمع والزجاج، مع بعض الجدل حول التحديد الفعلي لسِمات هذه الفئة. ويُعتبَر المسمَّى «موادُّ صلبة غير متبلورة» محاولةً بشرية لتصنيف طبيعة المواد غير الطيِّعة، وتتميز المواد الصلبة غير المتبلورة عن المواد الصلبة البلورية بأن الأولى ليست لديها نقطةُ ذوبانٍ واضحةٌ مميزة، في حين تحظى الثانية بنقطة ذوبان محددةٍ تمامًا إذا كانت نقية، وعليه يُعتبَر حدوث عملية الذوبان عند النقطة المحددة الدقيقة مؤشرًا على نقاوة المادة.

ويُعتبَر الماء أشدَّ المواد الصلبة إثارةً لسببَين؛ أولهما أنه يُعتبَر إحدى المواد الصلبة القليلة التي تتمدَّد عندما تتجمد، بدلًا من أن تنكمش، ويُعلل هذا التمددُ سببَ طفو الثلج على سطح مشروباتنا، فالماء الصُّلب المتمدد أقلُّ كثافة من الماء السائل؛ فهو يملك عددًا أقلَّ من الجزيئات لكل وحدة من الحجم، وسبب هذا التمددِ هو الرابطة الهيدروجينية، فعندما يتجمد الماء، يصل إلى ذروة متعته عندما يصطفُّ الأوكسجين مع جيرانه من الهيدروجين، مثل ألعاب تينكر تويز التركيبية التي تُركَّب بعضها في بعض، والتينكر تويز هي مجموعة من العصي المصنوعة من الخشب التي تُجمَع معًا عن طريق توصيلات وتُكوِّن أشكالًا عديدة (والطواحين الهوائية والمنازل هي أمثلة عامة ومُفضَّلة) فهي تُوضَع كقِطَع منفصلة في صندوق، ولا تأخذ مكانًا كبيرًا داخل هذا الصندوق، لكن عند تركيبها وتجميعها في تركيب صارم، فإنها تأخذ الكثير من الفراغ. ولأن جُزيء الماء يأخذ شكل حرف V، وبسبب حاجته إلى أن يصطفَّ في الرابطة الهيدروجينية القصوى، فإن الماء يتصلب شاغلًا فجواتٍ كبيرةً تُملَأ طبيعيًّا في الحالة السائلة التي تتسم بحرية الحركة (انظر شكل ١٢-٥).

يتمدد الماء عندما يتجمَّد بسبب الفجوات، ويُسبب تمددُ الماء عند تجمده تحطيمَ الأرصفة في فصل الشتاء، وهو ما يُعَد جزءًا من خطة الطبيعة لتفتيت الصخور إلى تربة. ويكون الماء مخادعًا إلى درجة أنه يستطيع أن يستوفيَ احتياجات الرابطة الهيدروجينية بأشكال بلورية مختلفة عديدة، وأحد أشهر هذه الأشكال هو التركيب السداسي الذي يُعطي القشرة الثلجية تَماثُلَ الأضلاع الستة.

وتتكون القشرة الثلجية عندما تضرب جزيئاتُ ماءٍ سطحَ البلورات الصغيرة، التي تنمو إلى تركيب سداسي الأذرع؛ حيث إن الجزيئات التي تضرب أطراف البلورة تُفضل أن تلتصق بها، فتبرز الحافة إلى الخارج وتجعل الجزيئات الطليقة تعلق بها بالطريقةِ نفسِها التي يعلق بها الركام المتطاير في غُصن ناتئٍ نحو نبع مياه.

fig27
شكل ١٢-٥: الثلج السداسي هو الأساس الذي يُبنى عليه تكوين القشرة الثلجية.

وتُعتبَر الأسطح كائناتٍ مختلفةً عن الأجسام التي تحوي هذه الأسطح، فعلى سبيل المثال، تتخذ قطرة الماء نفسها شكل كرة؛ وذلك لأن جزيئات الماء الموجودة بداخل قطرة الماء تحظى بجميع فرصها في تكوين رابطة هيدروجينية، وتكون في حالةِ امتلاء، في حين أن جزيئات الماء التي تُوجَد على السطح تملك بعض الأطراف الهيدروجينية غير الممتلئة؛ حيث ينقصها الرفيقُ الأوكسجيني من الجزيء المتاخِم، والعكس صحيح. ويُحدِث هذا الموقف توترًا يُسمَّى «التوتر السطحي»، ويكون ردُّ فعل النظام الطبيعي لتقليل هذا التوتر هو أن تتخذ القطرة نفسها شكل كرة، ويعمل شكل الكرة على تقليل مساحة السطح إلى أقصى درجة، وبذلك يُقلل عدد الجزيئات المعرضة للهواء، ومن ثَم للتوتر السطحي. لا تملك الموادُّ الصلبة القدرةَ على أن تلف نفسها في شكل كرة؛ ومِن ثَم لا يُعبَّر دائمًا عن الموقف المتفرد لأسطح المواد على نحوٍ دراماتيكي، لكن مع ذلك تختلف أسطح المواد الصلبة أيضًا عن جسم المادة، ولها تفاعلٌ خاص أيضًا.

وأكثر الأمور الشائعة التي تُهِمنا فيما يتعلق بالأسطح التي نتعرض لها في حياتنا اليومية هو جعل الأشياء تلتصق بالأسطح عندما تريد ذلك، وجعل أشياء لا تلتصق بالسطح عندما لا تريد ذلك، وغالبًا تُستخدَم المواد اللاصقة أو الغِراء لجعل المواد تلتصق بالأسطح، ولولا هذه الموادُّ الرائعة لما حَظِينا ببعض الأشياء الضرورية بكل هذا التنوع، مثل الخشب الرقائقي (خشب مصنوع من طبقات رقيقة مُغرَّاة) أو لما استطعنا لصق الكتب والمذكرات، ولا كان لدينا الكيمياء القديمة قِدمَ الزمن. يُصنَع الغِراء في الأصل من بروتين الحيوانات، مما يعني أنهم كانوا فعلًا يُرسلون الأحصنة الكبيرة في السن إلى مصانع الغراء. وثمة ارتباط بين كلمة غراء وكلمة الجلوتين، وهي مادة لزجة تُستخرَج من القمح والدقيق يُصنَع منها عجينة لزجة كافية لتشكيل كرات، وعضلات الألوية وهي كرات عضلية تُشكِّل الأرداف التي نجلس عليها. وقد ترجع قدرة نوع معين من الغِراء على اللصق إلى الرابطة الكيميائية أو قوى الجذب البينجزيئية، أو كِلَيهما معًا. ويعمل بعض الغراء أفضل من الآخر بِناءً على أصل المادة — هل هي مادة حيوانية أو معدنية أو نباتية — حيث إنه يُستغَل نوع الرابطة أو الانجذاب، ويُرغَب أحيانًا في إلغاء تأثير الغراء أو إزالة الغراء، وفي هذه الحالة من الجيد أن نستخدم مادة تُقحِم نفسها بين الغراء والمادة المُلصقة بها لكسر روابط السطح، وغالبًا تُفيد الزيوت، مثل زيت الطعام، في مثل هذا الأمر، يُستخدَم الزيت لإزالة العلكة من معظم الأسطح؛ وذلك لأن الزيت يُمكنه أن يُكوِّن غشاءً على الأسطح، وفي الواقع يُغير الزيت خصائص روابط السطح، ويُصنَّف الزيت من ضمن مجموعة من المواد تُسمَّى «مخفضات التوتر السطحي»؛ وذلك بسبب تفاعلات السطح هذه التي يقوم بها الزيت.

ومن أشهَر هذه المواد الصابون؛ فهو يحتوي على سلسلة طويلة من الكربون تنجذب إلى المواد العضوية مثل القاذورات والدهون والأطراف الأيونية التي تنجذب إلى الماء. فالصابون يُمكنه أن يتدخل في انجذاب السطح، كما يُفيد في إزالة الأشياء اللاصقة مثل الأشياء العالقة على خاتم الزواج أو السدادات اللاصقة في الزجاجات. تُعَد مواد التشحيم أيضًا المستخدَمة لتشحيم الماكينات من المواد الخافضة للتوتر السطحي؛ لأن موادَّ التشحيم تتدخل في الانجذاب الحادث بين الأجزاء المعدنية العارية.

وتطرح الأسطح المسامية مشكلة مختلفة؛ لأن مساحة السطح الفعليةَ، بما فيها الجزء الداخلي من المسام، تكون ضِعفَ مساحة السطح الظاهرة عدة مرات. وعليه يُعتبَر السطح المساميُّ أصعبَ كثيرًا في تنظيفه، وقد يُقاوم المحاولات المضنية التي تبذلها المنظفات لتنظيفه، وهذا العناد الذي تتسم به الأسطح المسامية هو الذي يجعل المواد الطبيعية، مثل الخشب والعظم والأسنان، ميالة إلى أن تجذب البقع إليها، وتتضمَّن الطرق الحديثة لإزالة البقع من الأسنان استخدام المواد الخافضة للتوتر السطحي؛ كي تحتفظ بمادة مطهرة لطيفة لحماية الأسنان. ولأن كلًّا من العظام والأسنان والعاج تتشابهُ في تركيبها، فتُستخدَم نفس المنتجات المبيضة للأسنان في تنظيف مفاتيح البيانو القديمة المصنوعة من العاج الطبيعي المبقعة (وغير القابلة للاستبدال).

وتُعلل الخصائص المميزة للسطح أيضًا أداءَ العوامل الحفازة الصلبة، فغالبًا يعتمد أداء العامل الحفاز على قدرته في أن يُوجِّه الجزيئات في الاتجاه الذي سيُسهل التفاعل، أما العوامل الفعالة في الحالة الصلبة أو السائلة فتكون الإصابة في الاتجاه الصحيح هي مسألة حظ، فإذا جرى توجيهُ الجزيء، الذي نهدف إلى توجيهه، في الاتجاه الذي نصبو إليه على السطح، فإن فرص حدوث مواجهة فعالة تتزايد.

والركيزة في حالتها الصلبة هي نوعٌ من العوامل الحفازة التي تسمح للكثير من التفاعلات أو طبقات الناتج بالنمو على سطحها، وقد ذكَرنا في مناقشتنا للحالة الغازية أنه يُمكن استخدام الركيزة في إنماء المواد العضوية الطويلة السلسلة للشمع والزيت. تستخدم الركيزة أيضًا في إنماء المنتجات البلورية مثل الماس.

على سبيل المثال: يبقى الماس للأبد (تقريبًا)

استُخدِمَت العديد من المواد على مدى عصور من المحار إلى تلك الأنواع التي استُخدِمت كوسيلة للتبادل، إلا أن أكثر المواد الشائعة هي تلك المواد القابلة للتحمل التي يتوقف غلوُّ قيمتها على مدى نُدرتها، وكذلك مدى الانتفاع بها، ويُعتبَر الذهب خير مثال على ذلك، وكذلك الأحجار الكريمة، ولا سيما الماس، وقد أسهمت قدرة الذهب على التحمل ومقاومته للصدأ في نفعه في الاستخدامات مثل استخدامه في عمل الأسنان وفي الوصلات الكهربية، وبالمثل، أسهمت قوة تحمل الماس في الانتفاع بهذا المعدن الخاص في قطع الأدوات، مثل مِثْقاب الحفَّار والسحَّاجات.

وأفضى الطلب المتزايد على الذهب في أوروبا في العصور الوسطى، إلى محاولات فُضولية ومبدعة عديدة لتصنيعه من معادن أكثر توفُّرًا مثل الرَّصاص والنُّحاس، وكما ذكرنا من قبل فإن هذه الصناعة التي تُسمَّى الخيمياء لم تنجح، إلا أنها عزَّزَت الكثير من المعرفة الجديدة الكافية عن التفاعلات الكيميائية حتى يتسنَّى لها الصمود كمرحلة هامة في تاريخ الكيمياء، وثمة طريقة وحيدة لتخليق الذهب صناعيًّا عن طريق تفاعل نووي، إلا أن تكلفة هذه العملية تُعتبَر أضعافَ أضعافِ ثمن الذهب الذي تُنتجه، إلا أن ثمة طرقًا عديدة لإنتاج الماس المُخلَّق المُجدي اقتصاديًّا منذ منتصف القرن العشرين.

تتضمن إحدى الطرق إزالة الهيدروجين من الميثان (CH4، غاز المستنقعات) استخدام الموجات الميكروية المستحثة، في الحالة الغازية الخفيفة للغاية؛ لذا يتسنَّى لذرات الكربون المعرَّاة من معظم الهيدروجين، أن تترسب على المادة الأساسية، وتبدأ في بناء بلورات الماس، وكان الماس المتكون بهذه العملية في الماضي غايةً في الصغر ولا يصلح إلا للاستخدامات الصناعية، لكن ازدادت جودة الأحجار الكريمة في الآونة الأخيرة. وعمليًّا، لا يُمكن تمييز الماس الصناعي عن الماس الطبيعي؛ لأن كِلَيهما شكل بلوري من الكربون.

تصنيع الماس — بدلًا من استخراجه من المناجم — هل سيُبهت بريقه في عيون محبيه؟ على الأرجح، سيُقلل هذا من بريقه بعض الشيء! لكننا نَأمُل يومًا ما أنه يُمكن أن تُصنَع الموادُّ أشباه الموصلات ذات الخصائص الهامة على نفس الوتيرة من الماس المُخلَّق الأقلِّ ثمنًا والأكثرِ نقاوة، وإذا وُجدت فائدة للماس في أدوات أشباه الموصلات، فإن هذا سيُعطي معنًى جديدًا تمامًا لرقائق الماس.

ويُعزى الاهتمام بالماس، سواءٌ كان طبيعيًّا أو صناعيًّا، إلى خصائصه المتفردة، التي مِن بينها متانتُه، لكن هل الماس غير قابل للتلف؟ ليس تمامًا، فكما ذكرنا في مناقشتنا حول برهان لافوازيه لبقاء الكتلة، أن الماس يحترق في وجود الأوكسجين عند تسخينه بما يكفي، وكما سنرى لاحقًا، أنه في العلوم كما في المواقف الاجتماعية ثمة أشياءُ غريبة تحدث عندما تتفاقم الأمور.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤