الحكاية الثانية: الأوبي المسحور

كان لساموراي غنيٍّ نبيل ابنةٌ اسمها هانا (الساموراي هو اسم الفرسان اليابانيين القدماء مثل بويار).١ كانت موسمي هانا (موسمي تعني فتاة في اليابانية؛ مثل المودموازيل الفرنسية أو فراولين الألمانية) ذات عينين سوداوين جميلتين، وشعر لامع، وصوت رقيق ولطيف.

كانت موسمي هانا تتمتع بروح طيبة، وثَمة حكاية رائعة عنها في اليابان.

سمعتُ هذه الحكاية من نسر رمادي عجوز طار إلى صخرة بالقرب من جبل فوجي المقدَّس، بالقرب من مدينة يابانية كبيرة.

غالبًا ما كان النسر الرمادي العجوز يطير إلى الصخرة العارية بالقرب من شاطئ البحر ويروي القصص الخيالية. وقد حكى في المرة الأخيرة عن الفتاة هانا ابنة الساموراي.

حفظت حكاية النسر الرمادي القديم وسأقولها لك من أول كلمة إلى آخر كلمة.

كانت موسمي هانا في الخامسة عشرة من عُمرها. خمسة عشر عامًا فقط. عندما تبلغ من العمر ستة عشر عامًا، سيأتي والدها، الساموراي النبيل، إلى زارا، إلى زارا كبيرة دافئة — وزارا تعني الغُرفة باللغة اليابانية — وفقًا للعُرف المتَّبَع في اليابان، وسيُحضر لها أوبي. هل تعرف ماذا تعني كلمة «أوبي»؟

إنه حزام. حزام عريض منسوج من حرير ملون أو وردي، رقيق وجميل، مثل صباح مشرق أو كقطعة من الفجر الوردي فوق بلدٍ نائم. مع خيوط ذهبية تنحدر من طرفَي الحزام.

الفتيات اليابانيات يعرفن أهمية الأوبي. فكلما كان أصل الفتاة أكثر نُبلًا، كان تصميمه أكثر روعة وأناقة. جميل، رائع، عليه أزهار وطيور ومراوح مطرَّزة، لا يمكن أن يكون لعامة الناس؛ فهم يلبسون أكثر الأحزمة تواضعًا. لكن بنات الساموراي الأثرياء والنبلاء وكبار الشخصيات يتفاخرون بالأوبي الحريري غالي الثمن.

وكلما كانت الفتاة اليابانية أكثر نبلًا، كانت أكثر فخامة وثراءً، تتحدث عن النبلاء، عن المناصب الفخرية لأسلافها، وعن قربهم من عرش ميكادو نفسه؛ الإمبراطور الياباني.

لطالما حلمت موسمي هانا بمثل هذا الأوبي. يجب أن يكون لونه ورديًّا ناعمًا، مثل انعكاس الشمس عند شروقها على السطح الأزرق للبحر. يجب أن يكون فريدًا وخفيفًا، مثل تنهُّد اللوتس، وليِّنًا وناعمًا، مثل بتلة الأُقحوان الملكي؛ نبتة اليابان الحبيبة.

كانت موسمي هانا تأمل أن يكون لديها مثل هذا الحزام. كان والدُها رجلًا نبيلًا وغنيًّا للغاية، ولا يمكن لابنته إلا أن تمتلك أوبيًا فاخرًا وباهظَ الثمن. في كل مرة تحدثوا فيها عن الأوبي، ذكَّرت هانا والدها بأنها تريد أن يكون لها حزام أقل قليلًا من أوبي الإمبراطورة نفسها.

مرَّ عامٌ.

هاج البحر وأظلم، ثم هدأ، وبحلول الربيع استعاد الهدوء واللين والجمال.

ازدهرت زهرة اللوتس في الوديان، بيضاء ورقيقة وكأنها شفافة، مثل خدود الفتيات الجميلات. بلغت موسمي هانا ١٦ عامًا.

مع أول شعاع من أشعَّة الشمس، دخل والدها إلى الزارا وأعطاها شيئًا ملفوفًا بعناية في ورق وردي.

«أوبي! أوبي!»

بكت هانا، وسرعان ما بدأت في فك غلاف الهدية.

ليس لديها أدنى شك في أن الأوبي الذي أحضره لها والدها سيكون أكثر فخامةً وأجمل وأكثر ثراءً من كل تلك التي رأتها مع صديقاتها.

ثم ماذا؟

بدلًا من الهدية الأنيقة المتوقَّعة، رأت حزامًا داكنًا بسيطًا للغاية، يربط به عامة الناس فساتينهم المحتشمة. علاوة على ذلك، كان الحزام مصنوعًا من الحرير القديم، وقد انتشر منذ زمن في عدة أماكن، وبدا أشبه بقطعة قماش مُتَّسخة مثل الكيمونو (ثوب نسائي ياباني على شكل مِعطَف كبير) الذي ترتديه أفقر النساء اليابانيات.

صرخت وانفجرت باكية:

«ما هذا؟ هل تسخر مني يا أبي؟»

لكن الساموراي النبيل ابتسم فقط، وأخذ الأوبي بين يديه، ولفه حول الكيمونو الحريري الفاخر لابنته وقال: «هديتي ليست بسيطة ومتواضعة يا فتاة. هذا الأوبي لديه قوًى خارقة. ما دُمتِ تلبسينه ولا تخجلين من مظهره البائس، سيظل خادِمَك المخلص. بمجرد أن تقومي بلفِّ نهاية هذا الأوبي المتواضع بإبهامك، فإن كل ما تريدينه سوف يتحقق في لحظة. والدتك ورِثت هذا الحزام من الساحرة سواتو، التي كانت معلمتها وراعيتها. لكن تذكري؛ في اللحظة الأولى التي تخجلين فيها من الأوبي المتواضع وترغبين في الحصول على أوبي لامع وجميل بدلًا منه، سيفقد قُوته السحرية على الفور ويتحول إلى مجرَّد قطعة قماش لا قيمة لها. هل فهمت يا ابنتي؟»

فهمت هانا تمامًا كل ما قاله لها والدها. كانت هانا فتاة ذكية ومتفهِّمة. والآن لم تعُد حزينة؛ فبين يديها ثروة لا تنضب، وكانت سعيدة تمامًا.

•••

بعد بضعة أيام، تجمَّع حشد من الآنسات الصغيرات المرِحات على شاطئ البحر. جمعن الأصداف الجميلة وزينَّ رءوسهن السوداء بالطحالب الخضراء. كُنَّ يرتدين كيمونوات ملوَّنة وأوبيات فخمة، لا يمكن العثور عليها إلا في اليابان؛ لأن كل هؤلاء الفتيات كُن بنات كبار الشخصيات النبيلة من داي نيبو، كما يُسمَّى البلد الياباني.

فقط موسمي هانا كانت ترتدي حزامها المتواضع المتهالِك الضعيف فوق الكيمونو الجميل.

قالت ابنة جميلة لإحدى الشخصيات المرموقة: «اسمعي يا هانا! أنتِ تبدين كمُتسوِّلة في هذا الأوبي القديم والمتَّسخ والمتهالك. انزعيه وألقِه في الماء.»

قالت ابنه أخت قائد نبيل: «لماذا ترتدين تلك الخِرقة القَذِرة؟»

ثم قالت فتاة تُسمَّى الزهرة الوردية، وهي قريبة الميكادو نفسه: «يبدو أن موسمي هانا فقيرة! ترتدي خرقة بالية بدلًا من الأوبي. هل نسِيَت أنها ابنة إحدى أهم الشخصيات! لا أدري لِمَ ترتدي هذا الحزام، هل هي مغفلة؟»

كان هذا كثيرًا، ومثل أي ياباني، كانت هانا عزيزة النفس. لم تتحمل تلك السخرية. نظرت لصديقاتها بازدراء وأمرتهن بصوت مرتفع أن يضعن كل الأصداف التي وجدنَها على الشاطئ.

هزت الآنسات الرقيقات رءوسهن الجميلة بلا مبالاة، لكنهن وضعن الأصداف التي عثرن عليها في الرمال بطاعة وتَنحَّين جانبًا، وهمسن بعضُهن لبعضٍ بهدوء.

قامت هانا بلف طرف الأوبي بإصبع يدها اليسرى دون أن يراها أحد و… معجزة!

تحولت الأصداف الصغيرة متعددة الألوان على الفور إلى عُملات ذهبية تلمع تحت أشعة الشمس.

قالت هانا بكبرياء: «خذن هذا الذهب وقسِّمنَه بينكن.»

ثم ابتعدت عن الفتيات بزهو ملكة.

بدأت الآنسات الصغيرات في التقاط العملات الذهبية، وألقين نظرات حسودة على هانا. لقد قررن أن موسمي هانا ليست مجرد يابانية بسيطة، بل هي مُشعوِذة قوية.

حل الصباح، الصباح الذهبي المشرق. كانت الشمس تغمُر كل شيء بسعادة، كطفل يلهو، تغمره المياه الكريستالية للمحيط الأزرق.

سارت هانا على طول طريق بين شريطين من حقول الأرز. خلفها حشد كبير من صديقاتها. منذ أن علمن بقوة هانا، لم يتخلَّفن عنها خطوة واحدة. كانت هانا غنية، وكانت نبيلة، وكانت تمتلك قوة خارقة. يضع الناس الثروة والنبل فوق كل شيء، ولا عجب أن حُشودًا كاملة من جيلها يتبعونها.

مَشَين عبر الحقول الواسعة التي أحرقتها الشمس. كانت حقولًا جرداء، لم ينمُ فيها شيء. فَسَدت المحاصيل في البلاد، ولم تنتج الحقول الصفراء التي أحرقتها الشمس ثمرةً واحدة.

وبينما كانت تمر الآنسات الصغيرات بين الحين والآخر ببعض الجياع الفقراء ذوي الملابس الممزَّقة، الذين يصرخون بأصوات خشنة: «أنتن يا بنات الأغنياء والنبلاء! أعطونا بعض الخبز! نكاد نموت جوعًا.»

وكان لهانا قلب طيب ورُوح حساسة.

قامت بتوزيع جميع العُملات الذهبية التي معها على الجوعى والفقراء، وعندما لم يتبقَّ معها ين واحد (الين عُملة يابانية)، قامت بهدوء بلفِّ طرف الأوبي الأسود حول إصبعها، وفي لحظة غُطِّيت الحقول الصفراء بالأرز الناضج.

يحب اليابانيين الأرز، وهو يمثل الغذاء الرئيسي لهم. وها قد صار لديهم الكثير منه؛ لدرجة أنهم يستطيعون إطعام دولة أخرى معهم.

اندفع الجياع لجمع المحاصيل، لكن قوتهم كانت ضعيفة، وأجسادهم هزيلة مُنهَكة من الجوع، ولا يستطيعون الحركة، ولا تستطيع الأيدي الضعيفة العمل.

ثم، مع صرخات تهديدٍ وبقبضات مرتفعة اندفعوا إلى هانا.

صرخوا: «أنتِ ساحرة! ساحرة شريرة! لقد أعطيتِنا طعامًا لمضايقتنا، لكننا لا نستطيع جمعه، وليس لدينا القوة لذلك! سنقتلك!»

كانت وجوههم غاضبة وشرسة، وأعينهم تتلألأ بالكراهية والحِقد، حتى إن الآنسات الصغيرات هربن في خوف، وبقيت هانا وحيدة.

لم تشعر هانا بالحرج على الإطلاق، لفَّت طرف الأوبي مرة أخرى حول إصبعها الوردي، وماذا حدث؟

ظهر حشد كامل من العبيد في وسط حقل الأرز. جمعوا المحصول على الفور في حَزم، وحملوه من الحقل. والآن توقف الجياع المساكين عن توبيخ هانا، وعن تهديدها.

قالوا: «يا ربَّ النور، ارحمها وساعدها، إنها فتاة طيبة.»

واندفعوا بسرعة وراء العبيد الذين حملوا الأرز. هانا تُركت وحدها.

وفجأة سمعت هانا صوت أُغنية جميلة كالحلم. تجمَّدت الموسمي الصغيرة في مكانها. ملأت البهجة رُوحها.

جاءت الأصوات من بُستان قريب، ليس بعيدًا عن مكان وجودها.

وقفت هانا بلا حراك لفترة طويلة، مندهشة، مفتونة بالأغنية العجيبة. تنبعث من الأغنية إما موجةٌ هادئة ولطيفة، أو همسة من حقول اللوتس، أو أصوات «شي» (الآلة الموسيقية المفضَّلة لدى اليابانيين).

اندفعت الموسمي الشابة إلى البستان، ووقفت مندهشة أمام شجرة ضخمة عُمرها مائة عام، يجلس عند جذورها شاب وسيم في ثيابٍ فقيرة لمُغنٍّ متجوِّل. كان هو الذي غنى بلطف؛ بحيث كانت الأذن تسمع أغانيه بشكل لا إرادي.

قالت هانا بعيون واسعة وهي تنظر إلى العازف: «مرحبا أيها الشاب.»

أجابها بلطف: «مرحبا يا أيتها الموسمي الجميلة.»

سألت هانا: «ماذا تفعل هنا وحدك؟»

أجاب: «أؤلف الأغنية التي سأغنيها في قصر الميكادو في يوم العيد الكبير، كما تعرفين أيتها الموسمي الجميلة، الميكادو الكبير حاكمنا يريد تزويج ابنه وريثَ العرش. في القمر الجديد التالي ستجتمع جميع جميلات داي النبيلات في قصر الميكادو، وسيختار الأمير من بينهن زوجته. لهذه المرأة المحظوظة يجب أن أغني أُغنية مديحٍ.»

صرخت هانا: «أوه شكرًا لك أيها العازف! شكرًا مقدمًا! سوف يختارني أنا زوجةً له!»

تلألأت عينا المغني الزرقاوين بسخرية. ضحك بمرح وصاح قائلًا: «أنتِ موسمي جميلة جدًّا؛ لكنه سيختار من هؤلاء الفتيات اللاتي لديهن أفخم أنواع الأوبي، أي أنبل الآنسات فقط سيدخلن قصر الميكادو.»

صرخت هانا: «وسأكون بينهن، سوف ترى!»

لكن العازف هز رأسه غير مصدق. لقد وقع في حب موسمي هانا على الفور بسبب جمالها، لكنه لم يعرف على الإطلاق أن أمامه فتاة من عائلة نبيلة للغاية، علاوة على أنها تمتلك مثل هذه القوة لسحرية.

ظل يهز رأسه ويضحك قليلًا، فقالت له هانا: «سأقطف زهرة الأقحوان الأصفر الآن وأعطيك إياها. سوف يتحول الأقحوان الأصفر إلى قِرمزي مثل الدم بمجرد أن أدخل قصر الميكادو. سوف تتعرف عليَّ من خلال هذا الأقحوان. الآن قل لي ما اسمك أيها العازف؟»

قال بلطف: «اسمي هيرو.»

قالت هانا: «وداعًا يا هيرو، حتى نلتقي في قصر الميكادو.»

«وداعًا أيتها الموسمي الجميلة.»

غادرت وظل هيرو يبحث عن المكان الذي اختفت فيه. بدت له مثل شعاع الشمس، ولم يستطع أن يفكر في اللحن من بعدها.

•••

مع أول قمر جديد تجمع حشد كبير من الجميلات النبيلات في قصر الميكادو.

كانت هانا تقف أمام القصر، رأت كيف أن العربات ذات الأعداد الضخمة (الحمالون اليابانيون يحملون الأثرياء على نقالات خاصة تحل محل العربات في اليابان) تتحرك بقماش مخملي أنيق، وقد قفزت منها الآنسات السعيدات مثل الطيور الرقيقة.

صحبهن الحُراس إلى القصر. وهناك التقين بشخصيات نبيلة وأُخِذن إلى غرفة العرش؛ حيث استقبلهن الميكادو نفسه بصحبة ابنه.

أرادت هانا أيضًا دخول القصر، لكن الحراس القاسين لم يسمحوا للفتاة بالدخول.

موسمي هانا لديها أوبي فقير وبسيط، ولا يمتلك مثله إلا عامة الناس.

ثم قامت هانا بلف الأوبي البسيط حول أصبعها، وعندئذٍ صار أمام الحراس المذهولين نحو اثنتي عشرة خادمة ذات شعر ذهبي، وعشرات من عازفي البوق، وحاشية كاملة من الخدم.

احتشدوا جميعًا حول هانا، التي وجدت نفسها على الفور في ثوب فاخر بجمال غير مسبوق، منسوج بالأحجار الكريمة. توَّج رأسها تاج ثمين. ولم يبقَ سوى الأوبي وحده المتواضع دون تغيير، مما أفسد شكل ملابسها الفاخرة بالكامل.

لكن لم يُعِر أحد الأوبي المتواضع أي اهتمام بسبب جمال الفتاة النبيلة.

طالبت بالدخول إلى القصر وهي محاطة بتلك الحاشية الرائعة.

سمح الحراس لهانا بالمرور وخفضوا أقواسهم، وبعد دقيقة ظهرت أمام الميكادو وابنه.

كان المغني هيرو موجودًا بالفعل، لكن هانا لم تنظر حتى إلى العازف المسكين. طلَّتها شغلتها عن النظر حولها. وبالكاد عرف هيرو أن هذه الأميرة الرائعة هي الموسمي الجميلة التي التقى بها مؤخرًا؛ ولو لم يتحول الأقحوان الأصفر المعلَّق على صدره فجأة إلى اللون القِرمزي لمَا تعرَّف على هانا قط.

قال ابن الميكادو: «من أين أتت هذه الجميلة المذهلة. ربما تكون أميرة نبيلة للغاية. أختارها لتكون زوجتي.»

أومأ الميكادو برأسه باستحسان لابنه.

أمسك الأمير بيد هانا وأجلسها بجانبه وسط همهمة عامة بالموافقة والفرحة. أشار الميكادو للعازف إلى أنه يجب أن يُغني أغنيته تكريمًا للفتاة التي اختارها الأمير. وبدأ هيرو المسكين يختنق بالحزن؛ لأنه وقع في حب هانا وتمنى أن تكون زوجته. بدأ أغنيته. مدح جمال هانا، وأثنى على مظهرها الرائع وحاشيتها الفخمة. قارن عينيها بنجوم الليل، وجلدها الرقيق ببتلة اللوتس، وفمها بأقحوان دموي، وساقيها الصغيرتين بأصداف وردية، وشعرها الأسود اللامع بضباب الليالي الشرقية، الذي لا يمكن اختراقه.

فقط الأوبي الداكن المتواضع لم يمتدحه هيرو. أراد هيرو رؤية حبيبته لابسةً أوبيًا فاخرًا ملونًا، كما يليق بمرتبتها العالية. لم يدَّخر أي فكرة، وغنى عن هذا الأوبي الخيالي الفاخر بشكل رائع، وهو الذي يمتلك كل مقومات الجمال والإبهار.

كانت الأصوات تتدفق مثل الأمواج وتغمغم مثل الجداول وتتنهد مثل الرياح وتذوب في أعماق قلب الموسمي. كان قلب الموسمي — تحت تأثير هذه الأصوات — مليئًا برغبة مُلِحة في امتلاك مثل هذا الأوبي. لمست حزامها بإصبعها بشكل غير محسوس. وفجأة … أوه، ما هذا الرعب؟!

اختفت الحاشية الأنيقة، واختفى عازفو الأبواق وعازفو التيمباني، واختفت الخادمات ذوات الشعر الذهبي واللباس الأنيق وأغطية الرأس. وجدت هانا نفسها ترتدي ملابسَ متواضعة بدلًا من كونها أميرة أنيقة في مواجهة الميكادو والأمير.

لكن بدلًا من الأوبي الداكن القديم، أحاط خصرها حزام فاخر من ألمع الألوان. كان الميكادو والأمير، اللذان رأيا هذا التحول الغريب، قلِقَين بشكل لا يوصف.

قالا في صوت واحد: «أين حاشيتك يا أميرة؟ أين فستانك الفاخر؟ أين تاجك؟»

أمسكت الموسمي هانا بسرعة بطرف الأوبي لتستعيد عظمتها السابقة بحركة واحدة، لكن للأسف! لم يكن لدى الأوبي الفاخر القوة الخارقة التي كان يمتلكها حزامها المتواضع السابق.

عندها فقط تذكرت هانا كلمات والدها قبل أن يعطيها الحزام المسحور. تذكرت وبكت بمرارة.

قال الأمير بغضب: «مخادِعة! غشاشة! تتجرأ على خداعنا! إنها مجرد عامية بسيطة تتظاهر بكونها نبيلة، اخرجي أيتها الكاذبة!»

بكت هانا أكثر. أدركت أن الأمير لم يُحبَّها هي شخصيًّا، ولكن الجواهر والحاشية التي أحاطت بها. تحركت بخطوات متسارعة إلى المخرج، وغطت وجهها بيديها تحت وابل من السخرية من الضيوف المبتهجين. وفجأة شعرت أن هناك من يمسكها بقوة من يدها.

رفعت رأسها ووجدت هيرو.

قال: وهو يحدق بمودة في عينيها السوداوين: «انتظري! دعينا نخرج من هنا معًا أيتها الموسمي الجميل. لنذهب معًا. سآخذك إلى الزارا الخاصة بي وستكونين زوجتي؛ لأنني أرى روحًا طيبة في عينيك، قلبًا رقيقًا في ابتسامتك! لا أحتاج إلى ملابس ثمينة. أنا معجب بك كما أنتِ. هل تريدين أن تكوني زوجتي أيتها الجميلة؟»

نظرت هانا بصمت وامتنان إلى هيرو وأعطته يدها. لم تكن تريد أن تفكر كيف ستكون ابنةُ ساموراي نبيل زوجة لمُغَنٍّ متجول. لكن كان عزاؤها هو لطف روح هيرو.

•••

سمعت هذه الحكاية من نسر رمادي عجوز جلس على قمة صخرية بالقرب من فوجياما. وعندما انتهى من القصة أضاف بهدوء: «كم هم غريبون! كم هم أغبياء هؤلاء البشر!»

النسر الرمادي العجوز كان أذكى منهم. لكن النسر الرمادي العجوز تمنى لهم السعادة.

النسر الرمادي العجوز تمنى لهم السعادة الأبدية.

١  بويار هو لقب نبيل، كان يُستخدم قديمًا في المقاطعات الروسية والبلغارية ومولدوفيا وصِربيا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤