الفصل السادس
في المقولات العشر المنسوبة إلى أرسطو
من المعلوم أن أرسطاطاليس حصر الأشياء المتعقلة في عشر مراتب تسمى مقولات، فجعل
المواد داخلة تحت الأولى، وجعل سائر الأعراض داخلة تحت التسعة١ الأخرى.
- المقولة الأولى: مقولة الجوهر، وهو جسماني وروحاني.
- الثانية: الكم وهو إما منفصل إذا كانت الأجزاء متفرقة مثل العدد، أو متصل إذا كانت الأجزاء مجتمعة، وهو إما متتابع مثل حركة الفلك، أو قار وهو المسمى العظم أو الامتداد للجسم، من الطول والعرض والعمق، فمن الطول وحده تتعقل الخطوط ومن الطول والعرض تتعقل السطوح، ومنها مع العمق يحصل الجسم التعليمي.
- الثالثة: الكيف، وقسمه أرسطو إلى أربعة أقسام؛ فالأول: هو الاستعدادات يعني تهيئات العقل أو الجسم المكسوبة بالأعمال المتكررة مثل العلوم والفضائل، والرذائل، والقدرة على الكتابة والرسم والرقص، والثاني القوى الطبيعية: مثل قوة النفس والبدن؛ كالإدراك، والإرادة، وقوة الحفظ والحواس الخمسة والقدرة على المشي، والثالث القوى المشاهدة: مثل الصلابة، والرخاوة، والكثافة، والبرد، والحر، والألوان، والأصوات، والروائح، والأذواق، والرابع الصور، والأشكال التي ينتهي بها الكم مثل: الاستدارة والتربيع والكروية والتكعيبية.
- الرابعة: مقولة الإضافة وهي النسبة بين شيئين مثل الأب، والابن، والمخدوم، والخادم، والملك، والرعية، وكنسبة القدرة والإرادة لمتعلقيهما، والبصر للمبصر بالقوة وكالنسبة التي تقتضي المشاركة، كالشبيه، والمساوي، والمباين، والأصغر، والأكبر.
- الخامسة: مقولة الفعل، سواء كان قائمًا بالفاعل مثل: المشي، والقيام، والرقص، والمعرفة والعشق، أو واقعًا منه على غيره مثل الضرب، والقتل إلى آخره.
- السادسة: مقولة الانفعال، مثل الانكسار، والانحراف.
- السابعة: مقولة الأين؛ يعني جواب السؤال الذي يتعلق بالمكان مثل قولك: في مصر، في الحريم، في الفراش.
- الثامنة: مقولة المتى، وهو جواب السؤال الذي يتعقل بالزمان، كما إذا قلت: متى كان موجودًا فلان؟ فقيل من منذ مائة سنة، أو متى وقع هذا؟ فقيل: البارحة.
- التاسعة: مقولة الوضع، كحالة الجلوس، والوقوف، وكونه قبل، أو بعد، أو أمام أو على اليمين، أو على اليسار.
-
العاشرة: مقولة الملك، وهو وجود شيء مع الإنسان منسوب إليه؛ كاللباس، والزينة،
والسلاح، فتعلق ذلك به وحوزه له هو هذه المقولة، فهذه المقولات العشر التي
ذكرها أرسطو، وعدت من الأمور الخفيَّة، والإفرنج يقولون إنه ليس في معرفة
هذه المقولات كبير فائدة، بل معرفتها مضرة لشيئين: الأول أن الإنسان يظن
أنها مبنية على حكم عقلي ومحصورة بحصر استدلالي، مع أنها ليست إلا اصطلاحية
جعلية، حصرها بعض الناس في هذه الأقسام ليظهر بها الرياسة على غيره، مع أنه
يوجد في ذلك الغير من يمكنه أن يحصرها حصرًا آخر جديدًا، كما فعل ذلك بعض
الناس من أنه حصر المقالات في سبعة، وسماها المواد العقلية:
- المادة الأولى: العقل أو الجوهر الدراك.
- الثانية: الجسم، أو الجوهر ذو الامتداد.
- الثالثة: القدر أو صغر كل جزء من أجزاء الهيولات.
- الرابعة: وضع الهيولات على التناسب بين أجزائها.
- الخامسة: صورة الأشياء.
- السادسة: الحركة.
- السابعة: السكون.
الشيء الثاني أن متعلمها يكتفي بمجرد ألفاظ وهمية ويظن أنه على شيء، مع أنه لم يعرف بها شيئًا له في الواقع معنى واضح محقق.
١
الصواب: التسع.