ذكرى الحب الأول
سلامَ لقاءٍ بعد فرقة أعوامِ
وقُبلةَ شوقٍ من فؤادِ الفتى الظامي
تقلَّبت الدنيا بحربٍ وثورةٍ
وما زلتِ سلطانًا عليه بأحكام
فيا منبعَ الوحي الذي ذقتُ حلوَه
صبيًّا، حُفظتِ الدهر مطلعَ إلهامي
أخاف على نفسي اللقاءَ كعابدٍ
يخاف دنوَّ الفجر والمشرق الدامي
فحسبي من الأيام وَجْدي ولَوْعتي
صلاتي حزينَ العمرِ توجعُ أنغامي
رحلت رحيلَ الورد قبل أوانهِ
إلى المغرب القاصي ضحيةَ أسقامي
وملئي من الحبِّ الزكيِّ سلافة
تبثُّ من الآلام أعذبَ آلامي
فكنتُ على الذكرى شجيًّا وهائبًا
كلاثم أزهار وراصد أجرام
إذا خفقَ الرطبُ النسيمُ حسبتُه
رسولَ الهوى الباكي الغفورَ لآثامي
وإن خطرتْ من شمس (مصر) رسالةٌ
قرأتُ ثناياها بقيةَ إسلامي
وما شمتُ أُنسا لم تكن أنت روحه
خيالٌ للطْفٍ من جمالك بسَّام
وما اكتأبتْ نفسي لغير اتهامها
بهجرك، والمهجورُ عبدٌ لأوهام
فيا (زينَ) أحلامي ويا مهدَ نعمتي
أأنساكِ والنعمى رهينةُ أحلامي؟
وسيان جدتِ اليومَ عفوًا وتوبةً
أو ازددتِ تيهًا عُدَّ شاهدَ إجرامي
فمنكِ عرفت الشعرَ والحسنَ والهوى
ومن حقكِ الباقي الجلالُ وإعظامي
أعيشُ كعيش النحلِ نفعًا لغيرِهِ
وأعشقُ شهدًا أنتِ مظهرُهُ السامي!