خصلة شعر
خَلوتُ إلى مهجتي في الظلامْ
أخفف من حظها العابس
فقالت: حرامٌ، حرامٌ، حرامْ!
فما الأنس في البين عن مؤنسي
وهل طاب للعاشقين المُدامْ
إذا احتجبتْ (زينةُ) المجلس
فباللهِ دعْني لدمعي الحزينْ
فقد شاء ربي لمثلي الأنينْ
وكن راحمًا، إنَّ لومي عذاب!
وحاولتُ جُهدي بغير انتفاعْ
أعلِّمها حكمةَ الصابرِ
فقالتْ — وما قولُها ما يُذاعْ —
من العُذْر ما لم يَزَلْ آسِري
كأنَّ الوفاءَ لها الامتناعْ
عن الصفوِ في الأمسِ والحاضرِ
إلى أن يحينَ اللقاءُ الضَّنينْ
إلى أن يعودَ الغرامُ الدفينْ
إلى البعثِ من برِّها المستطاب!
وما هو إلا خفوق الفؤاد
على الذكْر في ساعةٍ من زَمَنْ
وفي الأفقِ خَلْفَ الرُّبى والوهادْ
أتى البدرُ في صُفْرَةٍ من وَهَنْ
يروعُ بمطلعِهِ في حِدادْ
ويُسْلي الشجيَّ إذا ما فَتَنْ
فراقبتُهُ والضياءُ الثمين
يفيض على الكون فيضَ الأمين
عَزَاءً، ولكن لنفسي السرابْ!
وأسكَرَني حبُّها نائمًا
فلم أستفق قبل شمسِ الصبَّاح
فقلتُ أيا مُهجتي ظالمًا
أمانيه مَنْ خالَها ما يُباحْ
فما العيشُ إلا المنى دائمًا
وما الموتُ إلا الرِّضى لا الكفاح
فهل أكتفي من غرامي بدينْ
هو الوجدُ في باقيات السنينْ
وشعرُ الغناء لقلبي المذابْ؟
فناولني حاملٌ للبريد
كتابًا يرفُّ عليه الحنان
كأنَّ به للفؤاد الشهيد
حياةً تعيد إليه الأمان
فحنَّت له مُهجتي من جديدْ
وكانت على يأسِها في تَفانْ
فقبَّلْتُه قُبْلَةً من حنينْ
هو الحبُّ من كل حِسِّي الرهين
بما ألهمتْ من شُعور مجابْ!
وذقتُ به من معاني الجمالْ
شهيًّا من الحسنِ لا ينتهي
وألفَيْت من شِعْرها كاللآل
ومِنْ شَعْرها خصلةً تزدهي
بما بلغتْه وكان المُحال
من الوصل للعاشق المشتهي
فيا ليتَ شِعْري أشَعْرُ الجبينْ
سيتبعُه كالصباحِ المُبين
شروقُكِ، أمْ ذاك داجي السحاب؟