يا إلهي!١
يا حياةَ الرُّوحِ يا رُوحَ الحياهْ
يا إلهي!
كم يُعاني الصَّبُّ في ذكرى مُناهْ
غيرَ لاهِ!
غارقًا في نارِ وَجْدٍ لن تَزُولْ
وهُمومٍ وشجونٍ لن تحولْ
قبلَ صَوْبِ الغَيْثِ من فتَّان برِّكْ!
يَسْألُ الأزهارَ في سُكْرِ الصباحْ
عن سلامكْ
حاسبًا فيها بطاقاتٍ وراحْ
من غرامكْ
حَمَلَتْها عن نَسيم لي عليلْ
وضياءٍ من محيَّاكِ الجميلْ
لم يوفَّق سعيُهُ من فَرْطِ سِحْرِكْ!
فتجيبُ بحنانٍ وخُفوقْ
من نزوعكْ
مثلَ وَحْيِ الشمسِ في وقتِ الشُّروقِ
أو طلوعكْ!
«لستُ من يعطيك من مُلكي الجزيل
في حياتي، فهي معبودي البخيلْ!»
فارحمي؛ حتى الضحايا بينَ زهرِك!
إيهِ يا (زَيْنَ) فريداتِ الجمالْ
في الطبيعهْ
كلها جذَّابةٌ منكِ النوالْ
لن تذيعهْ
حِرْصُها حرصي على حُبي النبيلْ
ووفائي يا مُنى قلبي الخليل
لعهودٍ ذاقَها من قبلِ هَجْرِكْ!
لا تقولي: «لم تكن»، رغمَ الحياءْ
في شبابي
فهي شوقي وولوعي والوفاءْ
واضطرابي
وجنوني حين أقصاكِ الرحيلْ
عن فؤادٍ طاهرٍ عانٍ ذليلْ
ذنبُهُ حفظٌ لسرِّي مثل سرِّكْ!
واصفَحي عن ذلك الماضي الأليمْ
صفح طُهر
أنتِ ربُّ الظلمِ والربُّ الرحيمْ
دونَ عذْرْ
واجعلي الغفرانَ إحياءَ القتيلْ
فهواكِ الباعثُ المَوْتَى كفيلْ!
وهو حيٌّ ميتٌ راضٍ بأمْرِكْ!
اصفحي يا مهجتي يا نارَ خُلْدِي
يا جِناني!
واسمحي بالبرِّ يا أنْسي ووَجْدِي
يا بَياني!
كلُّ لفظٍ منكِ للنُّعْمَى دليلْ!
كلُّ سطرٍ ملؤه الشِّعْرُ الجليلْ!
ومَعانٍ للهوى من حُلوِ ثغرِكْ!
١
استصوبنا بعد اطلاعنا على نقد الأستاذ فرحات وملاحظات غيره من أصدقائنا الأدباء
أن نضيف هذه الأغنية البديعة إلى الملحق، وكان قصدنا أولًا إبقاءها مع أغانٍ أخرى
للطبعة الثانية في المستقبل. وهي منظومة فريدة بالجرأة في خيالها، واللطف اللجميل
الجميل في معانيها العصرية، والتفنن في النظم والبيان.