شمس نيسان
يا شمسَ نيسان في برجٍ لها ثانِ
متى الوصالُ وقلبي عرشُك الساني؟
متى تنعَّم أوطانٌ مروَّعةٌ
حسي ونفسي وإلهامي وسُلواني؟
هيهات تنزل دون الشمس منزلَها
من نلن نائلها أحراس إيوان
متى تحين أمانٍ منكِ شائقةٌ
فيُحمد الظلمُ والإنصافُ في آن
لا ترحميني إذا ما خلتِني فلكًا
يُخشى عليه فإن البعد حُسباني
الشمس تجتذب الأجرام قاتلةً
وربَّ قتل بقربٍ منك أحياني
الله في عاشق شبَّ الغرام به
وحظُّه بلُّ نيران بنيران
إذا الشموس تجنَّتْ لم تضعْ أملًا
بل زادها ثملًا من قسوة عان
أقسى أذاها عناقٌ لا فراق له
يذوب فيه فيحيا الخالد الفاني
ردِّي حنانك إني لم أصر بشرًا
من الهباء سوى من هجرك الجاني!
لا تتركيه بلا جذبٍ ولا سببٍ
إلى اللقاء فأحلى الوصل رُوحاني
سلي خيالك يخطرْ في المنام له
وسرُّه صفو حرمانٍ وإحسان
إذا تجلَّى تهادى اللطفُ في ملكٍ
وعانق الليل شكرًا خاطرٌ هانِ
سليه يبسمْ بآمالٍ يقبلها
فم المعذَّب يا آمالَ نيسان!
سليه يخلعْ عذارَ الدل عن خفر
فذاك أولى بمعبودي وإيماني!
سليه يسفرْ فينشرْ خمرةً كرمتْ
نورًا وعطرًا ووحيًا منه سُكران!
سليه ينطقْ بأنغام يرتِّلها
شعري كأنَّ بها إعجازَ قرآن!
سليه ينزع ثيابَ الكون ليس له
إلا سطوع سنًى لا ستر جُثمان!
سليه ينصفْ فؤادي في عبادته
فدينه دين نشوانٍ وظمآن!
لا تستقيم فروضٌ من تنَسُّكِهِ
إلا على قُبلات بين ألحان!
ومشتهى نظراتٍ غير عاثرةٍ
كأنه جارئًا عبَّادُ أوثان!
وإنما أنا أخشى حكمةً وهوى
أن لا يفيك خيالٌ سجدةَ الراني
فحبذا أنتِ عن برٍّ وعن ثقةٍ
سفيرةَ الطيف يا روحي ورَيْحاني
كوني لمثلي الذي يرضاه مثلك لي
أكن لكِ المثلَ الأعلى بعرفاني
واغتدي ملكًا يرعاك مشتركًا
في الخلد يمرح منا فيه روحانِ
فإن قبلتِ فما أبقيتِ من نعمٍ
وإن عصيتِ فقد أفنيتِ وجداني!