أدوار داوود أفندي حسني
(مذهب — راست)
دور
(مذهب — كردان)
دور
(مذهب — حجاز كار)
دور
(مذهب — نهاوند)
دور
(مذهب — بياتي شوري)
دور
(مذهب — بياتي)
دور
(مذهب — حجاز)
دور
(مذهب — سيكاه)
دور
(مذهب — عشاق)
دور
(مذهب — جهاره) (وهو أحسن ألحانه في الحقيقة)
دور
وقد كنت كتبت شيئًا عن (الموسيقى ومؤلفاتها في مصر) فآثرت أن أضعه هنا لتعلقه بما تقدم من الكلام.
لا خلاف بين أهل الأدب والظرف. والكياسة واللطف. إن بلادنا الشرقية في احتياج عظيم إلى رقيها في الصناعة الموسيقية. ولا يحصل هذا الرقي إلا بنشر النافع من المؤلفات. وإنشاء مدرسة تتكفل الحكومة أو الأغنياء بما يلزم لها من النفقات. بيد أن نشر الكتب المفيدة من السهل الآن. ووجود المدرسة كذلك في الإمكان. متى جاد الموسرون لها بالأصفر الرنان. وما حدا بنا إلى هذا القول إلا كثرة المجموعات القليلة الفائدة. العديمة العائدة. التي شغلت المطابع وملأت المكاتب. حتى مجتها الأدق وعاقتها الرغائب. على إن كل من جمع بعض الأدوار والموشحات. والمبتذل من القصائد والمواليا والمقطعات. مع القصور في التعبير. وعدم الإجادة في التحبير. نسبة إلى هذا الفن الكثير الأدعياء. وعد نفسه من المؤلفين النجباء، حتى تشاكل على الناس العالم والجاهل. واختلط الحابل بالنابل. ولعمرك لا يرضى بهذا الغبن الفاحش إلا من حمل ظلماء أو يتعامى فيجترح في عدم إظهاره للحق إثمًا. وليس — وايم الله — فيما أدعيه من ذلك ليس. كيف وهو ما تجزى به نفس عن نفس. فإن شككت فيه فما عليك إلا أن تتحققه بنفسك. وتختبره عند الفراغ من عملك. فيتضح لك الصدق من المَيْن. ويظهر الصبح لكل ذي عينين.
ولنضرب لك على ذلك مثلاً بمجموع طبعه صاحبه في هذا الباب. وزعم أنه أمثل كتاب، ملأه بأنواع الأغاليط والخلل. والأضاحيك والخطل. سالكًا مسلك سابقيه من جهلاء هذا الفن الذين اندفعوا في طريق التأليف على التخريف. تحت ستار التصنيف، فضرب معهم في الركاكة بسهمين وذهب مذهبهم ثم عاد بخفي حنين. وخيل لها جهلا أن مؤلفه يشتمل على الآيات والسور. بوضعه فيه بعض الصور. فجاء كتابه هذا دليلاً على غباوته وفهاهته. دون فصاحته، وأقرب برهان على ما نقول: إنه غير وبدل في النقول. ففهم وأفهم الحقائق بغير معناها. وأراد أن يؤديها فأزراها. وأغرب في ادعائها، فكان من ألد أعدائها. وترك الناس تارة يضحكون. وأخرى يتأففون ويسخرون، من أوضاعه المختلة الأوضاع. المرصوفة على طريقة تقذي الأعين، وتنبو عنها الأسماع. حيث ترك الجوهر وتمسك بالعرض، فكان أشبه بالهواء الفاسد كله مرض. يزيد علة العليل. وليس في كتابه من ضروب الفن إلا الثقيل. وكيف لا يضحكون إذا رأوا رسمًا حجازيًّا، وتحته أدوار الحمولي. والقباني وبجانبه ما لمحمد عثمان من الألحان. إلى غير ذلك من الخلط في الترتيب. والخبط في التبويب.
ولم يكتفِ حضرة المؤلف الكبير. والمغني المصري الشهير. بما ارتكبه في كتابه الأول من آثام الغلط. وأوزار الشطط. حتى دفعه الغرور مرة أخرى إلى طرق هذا الباب. بما يبعد عن طريق الصواب. وسوّلت له نفسه فثناه بكتاب آخر وضع فيه صور الراقصات. ذاكرًا الأدوار السافلة التي يغني عادة بها في مثل تلك المجتمعات. واضعًا كلاً منهن حسبما يعهده في رباتها من الترتيب في قوة الرقص ودرجة الجمال. وإجادة الخلاعة في سلب عقول الرجال. فدون كل ذلك بيده الأثيمة. وارتكب أقبح جريمة. بما أدى إلى سخط أهل الصناعة من ذلك الصنيع. وتغيظ ذوي المجد الأثيل والشرف الرفيع. فحارب بذلك الفضيلة. لينصر الرذيلة. كأنه لم يقنع بما حلق في بلادنا من الفساد فحام حولها ليزيد ضرر العباد. وأقسم أن يجهز على البقية الباقية من الحياء والآداب، ويقطع بينها وبين طالبيها الأسباب. فأدى بذلك وظيفة الشيطان. في إفساد البنات والشبان. ومن يؤذي إخوانه. ويرضي شيطانه. فقد لؤم في القول والعمل. وخاب فيه الرجاء والأمل.
أليس من المضحك المبكي إن ما يُرى ويسمع ليلاً في حاله السكر واللهو. يقرأ وينظر نهارًا في حالة العقل والصحو. فمثل هذا الكويتب الحقير، أجدر بالتفات الحكومة ورجال الأمن من كتاب المسامير، وحق لهم رد جماح هؤلاء الصبية الأغمار، الذين يبيعون على الناس مفاتيح الفساد السائق إلى وليه جيوش الدمار؛ ليرتدع من ينسج على منوالهم ويزدجر، ويجد العبرة في غيره فيعتبر، وعلى الأمة أن لا تتلقاه إلا بالتمزيق. وذره في عيني صاحبه بعد الحريق. فالامتناع عن مطالعته نعمة جزيلة. وعدم النظر إلى أولئك النسوة من الفضيلة. اللهم ألهمنا جميعًا لما فيه الصواب. ولا تزغ قلوبنا إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
هوامش
فإليكم يا رجال الأدب نفزع لتجبروا أرواح الشبان الزكية من الهبوط إلى مرابض تلك النوادي؛ لما ضمت من تهتك وما وسعت من فجور — وإليك أيتها الحكومة التي تفتخر على ما مضى من الحكومات في مصر بأنها تسهر لتنام الرعية في أمان نرفع إليك شكوانا مملوءة بالحزن والأسف والكآبة ونكتفي بأن نلمح لك بسطر واحد عساك تتنازلين بالنظر إليه. لا تكيدي لذلك اللص الذي يسلب عابر السبيل متاعه في دجى الليل مقدار ما يجب عليك أن تكيدي لفئة على مقربة منك ومسمع، تسلب الأموال وتخلب الأحلام وتعتقل الأحرار وتدنس الأرواح وتعذب الأشباح.
وأنت يا من اتخذ الغناء مهنة له — ألك في أن ترِدَ موارد الرزق الحلال بدلاً من حالتك الحاضرة — أو ترضى لنفسك المذلة والصغار فتضعها حيث ينظر إليك الناقد البصير ويستهزئ بأفعالك الجليل والضئيل فيأنف كل محب لها من الولوج إلى بابها، وهي شريفة لولاك، إنك تجني على الموسيقى وهي مفتاح الحكمة أيها المتدثر بثياب الإنسان ولو كنت بعيد النظر، حر الضمير؛ لعاملتها معاملة الكريم لمن أحسن إليه — ولكنها أحسنت إليك فأسأت إليها، وجازيتها كما جوزي سنمار، قل لي أليست هي مصدر معاشك وينبوع رزقك؟ فما هذا الكسل والخمول والسير في حمأة السفالة؟ إنك بها تعيش وتحيى — وهي بك تذل وتموت، فانظر يا من يقابل الحسنة بالسيئة، أي الرجال أنت — لو كان في مصر من يعرف للموسيقى قدرها إلا قليلاً لما تطفل عليها أمثالك, ولما اندفع إليك أخسّاء القوم يسمعون نعيبك, فتثور عقولهم بالصهباء وتترنح أعطائهم بسمومها الفتاكة فيغازلون ربات الدعارة وأنت ناظر سامع, وكأنك تسر من هذه المنزلة فتزداد نهيقًا يصمّ آذان الإنسانية فتأمل في مركزك واحكم على نفسك بما أنت أهله.
أين أنت من رجل وهبه الله ذلك الصوت الرخيم فشكره على هذه النعمة وأقسم حلفة حر أن يضع نفسه موضعًا تشتاقه الأنفس الأبية وأن لا يجلس إلا حيث كرمه عِلية القوم ممن يميلون إلى السماع لتتأثر نفوسهم من صوت هذا المغني الشريف الذي يحمل إلى الآذان ألفاظًا تسيل رقة وتنم عن معان غاية في العظمة والفخار وآية في شرح العواطف الشريفة يعجز عن الإتيان بمثلها كل عي في الموسيقى والأدب.
وأين أنت من سلطان الغناء وحامل لواء الطرب المحبوب في حياته الموقر في مماته العظيم في مهنته الشريف في قومه الغني بما خصه الله بتلك النعمة السابغة الفقير إليه كل من أتى بعده — ذلك هو المرحوم (عبده) ولا أقصد سواء عاش كريمًا أبي النفس لا يعبأ مهما كان غنيًّا، ولا يمتنع عن وديع مهما بلغ به الفقر مبلغه — ومات خاوي الوفاض من حطام الدنيا، ولكنه كان زهرة ناضرة في فنه ملكًا في طباعه شهمًا في معاملته للناس — كم تبرع الكرام بما في وسعهم ثمنًا له؛ كي لا يختطفه الموت فأنكر الله عليهم هذا الثمن البخس ورفعه إلى حيث يسبح في جنات الخلد ويغرد في دار النعيم المقيم.
رحمة الله عليك يا عثمان فأنت الآن بمآثرك الغراء وطباعك الكريمة وما تركته من ألحانك العديدة البديعة — حيٌ وإن زرت مقابر الأموات. وأما هذه الفئة الضالة التي تحصل على الرزق بكل وسيلة، فأموات وإن ظهروا بمظهر الأحياء — نحن لا ننكر أن في هؤلاء الرهط من لا نبخسه ذكاءه وأشياءه ولكن حبذا لو نظر إلى نفسه فرفع مقامه بالتعالي عن وجوده في محل مبتذل ممقوت — وإذا خالنا نغالي فليصرح للملأ أجمع: أي الأسرات الشريفة تضم أحد هذه الطُغمة في سمرها، ونحن واثقون من تكذيبه إن ادّعى — أليس من العار أن يفضل الحاكي (الفوتوغراف) وهو الآلة الصماء المكونة من جماد لا تحس ولا تشعر عن إنسان لولا سعيه للرزق في سبيل الخسة والدناءة؛ لكان موضوع الإعجاب من عقلاء القوم في خلواتهم ومجالس رياضتهم وأنسهم — وإني لنا اليوم الذي تطهّر الموسيقى من هؤلاء الزعانف الذي يعيشون عالة عليها ووصمة عار لا تمحوها كرور الأيام ونقطة سوداء في صحف أربابها وذويها — تقول ذلك كما تقول الكتاب متى تظهر الأفلاه ممن لا يعرف مقام الكتابة — وكأني بكل مهنة شريفة ينادي يا للعظام الكرام من الظغام اللئام وفي هذه الكلمة كفاية ومزدجر لقوه يعقلون.
وعسى أن شبابنا الأذكياء يتحققون — ثمت — من شرف هذا الفن وإنه لولا وجود مثل هذه الفئة لصار في مدة عشرين سنة شريفًا كغيره من الفنون الجميلة — سيما إذا نظرت إليه الحكومة بعين الإنصاف كما نظرت من قبل إلى فن المحاماة — فتبتني له مدرة يتخرج منها شبانًا يرفعون بأبصارنا إلى السماء ويعملون بنشاطهم وإبائهم على رفع شأنه وبلوغه الغاية المقصودة له من التقدم والارتقاء.