مع الثورة العرابية
كان الشيخ محمد عبده ثائرًا ولكنه لم يكن عُرَابيًّا؛ لأنه كان على خلافٍ مع الزعيم أحمد عرابي في برنامجه العملي، ولم يجمع العزم على تأييد العُرَابيين إلا لتوحيد الصفوف في وجه الاحتلال الأجنبي، بعد التجاء الخديو توفيق إلى الدولة البريطانية.
كان يؤيد الثورة في أمرين: «أولهما» تنبيه للرأي العام وجمع كلمته للمطالبة برفع المظالم وإصلاح الحكم، وإسناد المناصب الكبرى ووظائف الحكومة عامة إلى الوطنيين، و«ثانيهما» — وهو أحوج إلى الوقت والأناة — هو التعويل على إنهاض الأمة وإقامة نهضتها على أسس التربية والتعليم، وإعدادها للحكم النيابي المستقل برغبتها الصادقة وقدرتها على صيانته من عبث الولاة والمتسلطين؛ لأنه — كما تقدَّم — كان سيئ الظن بالنُّظُم التي تأتي من جانب الملوك والأمراء بعد تجربة هذه النظم في سائر البلاد الشرقية، ولا فرق عنده بين المجالس النيابية وبين دواوين الحكومة إذا لم تكن للأمة قدرة على حماية مجالسها.
غير أنه كان يخالف زعماء الثورة في اتباع الخطة التي تؤدي إلى الشطط، وتفتح الباب للتدخل العسكري من جانب الدول الأجنبية.
وكان يؤيد الخديو في سعيه إلى الاستقلال عن رقابة الدولتين — إنجلترا وفرنسا — ولكنه كان ينكر عليه نفاقه في اتباع هذه السياسة، واستخدامها لتعزيز سلطته والرجوع بسياسة القصر إلى مثل ما كانت عليه في عهد أبيه إسماعيل وعهود أسلافه من قبله.
وكان يؤيد وزارة رياض باشا في برنامج الإصلاح، ولا سيما رفع السخرة وتحريم الجلد «أو الكرباج»، والتشديد في محاسبة المديرين على سوء المعاملة، ويؤيد أكبر التأييد في توسيع نطاق التعليم، وتشجيع العاملين على نشر الثقافة من علماء هذا البلد أو العلماء الوافدين إليه من الأقطار الشرقية.
ولكنه كان يأخذ عليه أن شهوة الحكم غلبته على مشيئته، فلم يعتزل الوزارة حين وجب اعتزالها.
وكان يؤيد الشكوى العامة ويشترك فيها بقلمه ولسانه، ولكنه كان يعيب على بعض الشاكين أنهم يمزجون بين الشكوى العامة وبين شكاواهم الصغيرة من قبيل فوات الوظائف والعلاوات ورفض المطالب والشفاعات، وقد كان بعض هؤلاء ينقم على الوزارة خير أعمالها وأجدره بالمؤازرة والثناء، وهو رفع السخرة وتحريم الكرباج؛ لأن مصالحهم في زراعة أرضهم والانتفاع بموارد الري في جوارهم كانت تقوم على تسخير الفلاحين وتخويفهم بالضرب وسوء المعاملة بموافقة المديرين وأعوانهم، وقد جلبت الوزارة عليها سخط العلية من أصحاب الأموال بتقرير الضريبة التي تُحصَّل للإنفاق على تحسين الصحة العامة، وتدبير وسائل العلاج على الأصول الطبية، ولم تكن أمثال هذه الشكاوى بالقليلة بين أصوات الشكوى التي ترتفع باسم الإصلاح، ومن ورائها أشباه هذه الأغراض واللبانات.
ولهذه الشوائب التي امتزجت بالحركات العامة في ذلك الحين، كما تمتزج بها في كل زمن، لم يتيسر لذلك العقل الناقد أن يختار له حزبًا بين الأحزاب يؤيده كل التأييد ويخذل ما عداه كل الخذلان، ولم يكن متحيزًا في ثورته إلى فريق دون فريق، إلا حين بدرت بوادر الاحتلال الأجنبي بمشايعة الخديو وحاشيته، ووجب أن تتفق الأمة فريقًا واحدًا على مقاومته؛ فأقدم على مواجهة الخطر الأكبر، ولم يحجم لحظة من مناصرة ذلك الفريق.
أما الوجهة التي استقبلها بكل قلبه، ومنحها كل وقته، ووقف جهوده كلها على العمل لها وإقناع غيره بفضلها، فتلك هي الوجهة التي خُلِق لها بالفطرة ورجحتها عنده التجربة بعد التجربة، وهي إيقاظ حمية الرأي العام للمطالبة برفع المظالم وإصلاح أداة الحكم، وإنهاض الأمة على أساس قويم من التربية الاجتماعية ونشر التعليم.
وكان قبل استفحال الخطب يلقى زعماء الثورة وأصحاب الرأي فيها ليقنعهم بفضل هذه الخطة، ويحذرهم من عواقب الشطط بالدعوة الوطنية إلى ما وراء الغاية المأمونة، وصرَّح لهم في بعض هذه الأحاديث بما يخشاه من سوء العاقبة، كما قال في بيت طلبة عصمت باشا قائد الإسكندرية: «إن هذا الشغب قد يجر إلى البلاد احتلالًا أجنبيًّا يستدعي تسجيل اللعنة بسببه إلى يوم القيامة.»
وانصرفوا في ذلك اليوم والزعيم أحمد عرابي يقول مبتسمًا: «أبذل جهدي في ألَّا أكون مورد هذه اللعنة.»
… ثم قامت الحركة العرابية وسارت بأسرع مما كان يُنتظَر، وكان غرضها تحرير المصريين والتخلص من عناصر الترك والشراكسة المتحكمين المستولين على المناصب في الإدارة والجيش، ومضت إلى غايتها في جو من الدسائس الأجنبية والأطماع الدولية، فخشي الشيخ محمد عبده العاقبة، وكان بعيد النظر سديد الرأي، فتوقَّع إذ لَجَّ العرابيون فيما هم فيه، ولم يتحرزوا أو يتوخوا الاعتدال أن ينتهي الأمر باحتلال الإنجليز لمصر، فكان لهذا يقاوم العرابيين مقاومة شديدة، وينعي عليهم قِصَر نظرهم وقلة تبصرهم، ويبسط فيهم لسانه حتى ضجوا وهددوه بالقتل إذا ظل يعترض طريقهم ويناوئهم، وأراد بعض العرابيين من أصدقاء الإمام أن يُصلِح ما بينه وبينهم، وأنا أعرف هذه القصة؛ لأن الذي حاول إصلاح ذات البين أقربائي؛ لأن بيت جدي كان هو مكان الاجتماع.
وتكلَّم العرابيون، وتكلَّم دعاة التوفيق، ثم تكلَّم الشيخ محمد عبده، فأصرَّ على رأيه أن العرابيين باندفاعهم سيجرون على البلاد الاحتلال الأجنبي، فأخفقت المساعي للصلح والتوفيق.
وكان أبي من رجال الأزهر وزملاء الشيخ محمد عبده في الدراسة وتلاميذ السيد جمال الدين، وإن كان لم يَنْبُغ كما نبغوا، فسأل الشيخ محمد عبده: أكنت تلج هذه اللجاجة في عنادك مع العرابيين لو كان السيد جمال الدين في مصر؟ فكان جواب الشيخ محمد عبده هذه الكلمة المترعة: يا محمد! … لو كان السيد جمال الدين هنا لما قامت الحركة العرابية ولا احتاج أحد إليها؛ لأن السيد كان يُغنِي بشخصه عن كل ذلك. وتمثَّل ببيت من رثاء المتنبي:
ولما استفحلت الحركة العرابية وضرب الأسطول الإنجليزي الإسكندرية، انضم الشيخ محمد عبده إلى العرابيين، ووضع يده في أيديهم؛ لأن الواقعة قد وقعت وكان ما خاف أن يكون، فلم يَسَعْه إلا أن يكون مع قومه — ولو كانوا مخطئين — على الغريب، وكان يتمثل ببيتَيِ الحماسة:
والواقع أن السيد جمال الدين كان كما وصفه تلميذه الأكبر الشيخ محمد: «من نفسه الكبيرة في جيش.» وهو الذي يرجع إليه الفضل الأول في قيام الحركة الدستورية في تركيا ومصر وإيران، وهو الذي أثار نفوس الهنود المسلمين على الاستعمار الإنجليزي، وقد خشيه سلطان تركيا وشاه إيران وخديو مصر والإمبراطورية البريطانية.
ويشتمل تاريخ الأستاذ الإمام في الثورة العرابية على أمثلة شتى من أمثلة العَظَمة بالرأي الأصيل والنظر البعيد والغيرة الصادقة والخلق النبيل، ولكنه لم يشتمل على موقف من المواقف التي يُضرَب بها المثل في سِيَر العظماء على تقديسهم للواجب أنبل من موقفه الأخير منها، وهي تواجه خطر الاحتلال الأجنبي وتتسابق إلى المأزق الوبيل الذي يفض عنها الأنصار ويُبعِد عنها ذوي المآرب والمخاوف، وإنه لأحصف عقلًا وأبعد نظرًا من أن تخفى عليه العاقبة، ولو على سبيل الترجيح، إذا حال الأمل الطيب دون العلم بها في ذلك المأزق علم اليقين.
وأي عاقبة؟ عاقبة الوقوع في قبضة الاحتلال الأجنبي نفسه، وأخطر منه وقوع أعداء الاحتلال في قبضة الخديو المنتصر المنتقم، ومعه رؤساء جميع الوزارات الذين عاداهم العرابيون، وفي طليعتهم أحمد رياض أقربهم إلى الأستاذ الإمام وأستاذه جمال الدين.
وأنبل من ذلك أنه ثبت على رأيه في محاربة الاحتلال الأجنبي وخيانة توفيق لوطنه، في مذكرته التي كتبها أثناء محاكمته وقال فيها: «هل يقدر أحد أن يشك في كون جهادنا وطنيًّا صرفًا بعد أن آزره رجال جميع الأجناس والأديان، فكان يتألب المسلمون والأقباط والإسرائيليون لنجدته بحماس غريب، وبكل ما أوتوه من حول وقوة؛ لاعتقادهم أنها حرب بين المصريين والإنكليز».
ثم قال عن مؤامرة الخديو لحرق القاهرة إنه «شاع في القاهرة أن الخديو سيسعى بواسطة بعض أتباعه ليُحدِث شغبًا في نفس القاهرة، إلى حد أن الوزارة احتاطت لمنع الفتنة، وبالغت في ذلك طول مدة قيامها بالأمر، واستدعى الخديو إبراهيم بك توفيق مدير البحيرة وطلب إليه أن يجمع مشايخ قبائل البدو ويحضرهم إليه، ففعل وبالغ الخديو في حسن استقبالهم وأكثر لهم من المواعيد، ثم أوعز إلى المدير أن يأمرهم بحشد ثلاثة آلاف بدوي وإحضارهم إلى القاهرة بطريق الجيزة ليُحدِثوا فتنةً في البلد لعدم وجود النظام بينهم، ولكنه تعذَّر على المشايخ حشد العدد المطلوب من البدو، فحذف هؤلاء من العسكر، ولما فشل مسعاه هذا أرسل تلغرافًا رمزيًّا إلى محافظ الإسكندرية هذا نصه: قد ضمن عرابي أمر الأمين العام، ونشر ذلك في الصحف وجعل نفسه مسئولًا لدى القناصل، وإذا نجح في ضمانه هذا وثقت به الدول وصغر شأننا، أما الآن وأساطيل الدول في ميناء الإسكندرية وعقول الناس متهيجة، فوقوع الخلاف بين الأوروبيين وغيرهم أمر محتمَل، فَاخْتَرْ لنفسك إما خدمة عرابي في ضمانه أو خدمتنا».
إلى أن قال: «وفي يوم هذا الحادث توجَّهت إلى السراي، فرأيت موظفيها في جذل عظيم مما حدث، وكانوا يبالغون في رواية الأخبار ويضحكون من عهد عرابي بالمحافظة على الأمن العام، ومن المعلوم أن موظفي السراي لا يقولون إلا ما يسر الخديو، فإذا كانت الأخبار سارة تكلموا وضحكوا وإلا تظاهروا بالحزن والكآبة جهدهم.»
وهكذا جمع الشيخ السجين في تقرير واحد بين اتهام السلطتين، ولم يخطر له أن يداري إحداهما ليأمن شرها ويحتمي بها من الأخرى، كما فعل كثير من الذين قُدِّموا إلى المحكمة العسكرية، وهم يعلمون أنها خاضعة للسلطة الإنجليزية، وأن أحكامها تُعرَض على القصر الخديوي ومجلس النظار لإقرارها.
وقد تلقَّى هذا التقرير محامي العرابيين برودلي صاحب التاريخ المستفيض عن محاكمات الثورة، وكان الشيخ محمد عبده يعرض عنه؛ لأنه لم يقبل في بادئ الأمر أن يدافع عنه محام إنجليزي، مع علمه بنظام المحاكم الخاصة وصعوبة الدفاع وفاقًا لهذا على غير المختصين من الإنجليز، ثم علم أن شاعر الأحرار (بلنت) صديق القضية الإيرلندية والقضية المصرية هو صاحب الرأي في اختياره، فقبل أن يفاتحه بأوجه دفاعه، وقال المحامي في ذلك إن الشيخ محمد عبده «لم يتخلص من تأثير الصدمة الناشئة عن توقيفه إلا في أواخر أيامه في السجن، وحينئذٍ أخذ يعاملنا بتلك الثقة التي سعينا لاستحقاقها».
وإن هذه الصدمة — كما سمَّاها برودلي — لهي خير مثال لذلك التفاهم العسير بين عقول الشرقيين والغربيين في الدوافع النفسية التي تخامرهم إبَّان الفتن الاجتماعية، ولعلها سبب من أسباب ارتياب الشيخ محمد عبده في نية محاميه أو قدرته؛ فإن الشيخ قد سُئِل كما سُئِل غيره — وكان عمله في الثورة غير عملهم، وداعيه إلى المشاركة فيها غير دواعيهم — فنفى بطبيعة الحال أكاذيب الشهود الملفقين وتُهَم الأذناب المسخَّرين من قِبَل القصر والحاشية، ولم يعترف من التهم بغير الواقع الذي وقع منه رأيًا وعملًا، وكله — كما رأينا — أخطر من أن يُعَدَّ الاعتراف به نكوصًا عن التبعة وتنصُّلًا من الجريرة، فخُيِّلَ إلى برودلي أن موقف الشيخ السجين — بين ما نفاه عن نفسه وأنكره من شهادة غيره — إنما كان ضعفًا تُبتلَى به النفوس الشرقية في أمثال هذه الشدائد، وليس أسهل عند هؤلاء الغربيين من مداراة سوء الفهم عندهم بالخلاف المزعوم بين طبائع الشرقيين وطبائع الغربيين.
على أن هذا المحامي نفسه لم يستطع أن يحجب عن عقله عَظَمَة الرجل في غير ما توهمه من أثر «الصدمة» … وأشاد بمواهبه الخارقة في غير موضع من كتابه، فقال: «إنه ربما كان أعظم الناس موهبة بين الرجال الوطنيين المصريين … ولا شك أنه ساعد من قبلُ كثيرًا على جعل الرأي العام عاملًا حقيقيًّا في الترقي المصري، ولم يكن متهوسًا في الدين، بل هو من المسلمين القائلين بالتوسيع الشديد، وكانت أفكاره السياسية تنطبق على الرأي الجمهوري الحر … ووطنيته التي لا شائبة للأنانية فيها هي التي حالت دون استياء رفقائه المتحمسين من خطته الدينية علانية، حتى إن عرابي باشا صديقه قال عنه مرة: إن رأي الشيخ عبده أصلح للقبعة منه للعمامة.»
ثم كتب بعد توديعه: «في مساء اليوم الأول من شهر يونيو سنة ١٨٨١ ودَّعْتُ في الظلام محمد عبده الذي ذهب أخيرًا منفيًّا عن القطر المصري مدة ثلاث سنوات … وإذا جاز لمصر أن تسير منفردة أو يكون لها بداءة خير يومًا من الأيام، فإنها لا يسهل عليها الاستغناء عن مثل الشيخ محمد عبده العالم المحرر …»
ولو أن المحامي كاتِب هذه النبوءة أُتِيح له أن يمدَّ بصره وراء السنوات الثلاث، لعلم أن البلاد لم تستغنِ حقًّا عن الشيخ محمد عبده، وعلم قبل ذلك أن أمانة الصدق التي عهدها في «موكله» هي التي حملته على أن ينفي ما نفى ويثبت ما أثبت، ولم يحمله على ذلك خوف للعقاب؛ فإنه لم ينقطع عن حملته على الاحتلال وعلى الخديو صنيعته في قلب العاصمة البريطانية، وهو يعلم أنه — بذلك — يطيل منفاه أبدًا، وقد طال منفاه فعلًا، فعاد إلى مصر بعد انقضاء موعد النفي بخمس سنوات.
ولسنا في هذا الفصل بصدد البحث عن ظروف الثورة العرابية وتبعات زعمائها ودعاتها وجرائم خصومها وأشياعها المندسِّين عليها، ولكننا نستغني عن ذلك في هذا المقام بوزن هذه الثورة بميزان الثورات عامةً، ونعود إلى طبائع الثورات جميعًا في الشرق والغرب، فنرى أن الثورة العرابية لم تكن بدعًا بينهما؛ لأنه ما من ثورة حدثت قطُّ إلا اشترك فيها الأنصار والخصوم على اختلاف الأفكار، واختلاف الأمزجة، واختلاف النيات، واختلاف المظاهر والألوان، ولا يختلط هؤلاء في هذا الطوفان المريج إلا اختلطت الأعمال والتبعات وأفلت الزمام من الأيدي، واختفى الزمام حينًا عن الأبصار والبصائر، فلا يُدرَى مَن هو القابض عليه ومَن هو المتخلي عنه، ولا يعرف أين كان مبدؤه ومنتهاه بين أيدي الأنصار وأيدي الخصوم.
ومن طبائع الثورات أن يخطئ الإنسان خطأ لا حيلة له فيه، وأن يكون خصمه هو المسئول عن خطئه … ومن طبائعها أن تكون الثورة كالمطية الجموح تسوق مَن يركبها ولا يسوقها إلى غير مجراها، بل من طبائعها أن تتقسم الصواب والخطأ، فلا يكون الصواب كله يومًا في جانب، ولا يكون الخطأ كله في جانب، وهكذا كانت الثورة العرابية بعد اندفاعها، إن لم تكن كذلك عند بداءتها وقبل استفحالها. وربما كان من خطأ الشيخ محمد عبده — بمذهبه السوي في الإصلاح — أنه كان المهندس الذي حاول أن يسوس مجرى السيل كما يسوس مجرى النيل … ولكن الفارق بينه وبين الأكثرين من مخالفيه أن خطأه لم ينجم عنه ضرر، وأنه أدرك الأضرار التي تنجم عن أخطائهم وهم غافلون عنها، وأنه لم تكن له يد فيها؛ ولكنه اضطلع معهم بجميع تبعاتها ولم يتركهم وحدهم، حين جد الجد لاحتمال جريرتها.