٦٧
«استيقظتُ فجأةً على صوتِ دويٍّ بالخارج. رفعتُ يدي لأرى ساعتي، وكانت التاسعة والنصف. بقيتُ ممدَّدًا أتطلَّع إلى ضوء الشمس من النافذة، وتَكرَّر صوت الدوي، وكان أشبهَ بصوت القنابل، فغادرتُ الفراش. سمعت جرسَ التليفون فانطلقتُ إلى الصالة ورفعت السماعة. كانت زوجة أخي، قالت: ألم تسمع بعد؟ بدأت الحرب.»
جاءت رواية «٦٧» لتُلقِي بظلالها على الهزيمة التي لاقَتها مصر في هذا العام، ليست الهزيمة العسكرية أو السياسية فحسب، بل الهزيمة بمعناها الأوسع التي تشمل الحالةَ النفسية والفكرية والمجتمعية، وانعكاسَ ذلك على أفراد الرواية من خلال حالة اللامُبالاة واللافعل التي يعيشونها، واليأسِ الكامن في نفوسهم؛ فراح «صنع الله إبراهيم» يَسرد من خلال بطل الرواية يومياتِ عام ١٩٦٧م، ويستعيد كلَّ ما عاشه في هذا العام، ويُحلِّل الظروفَ والأسباب التي أدَّت إلى الهزيمة، وكيف كان المجتمعُ على موعد معها. ولعل سفَرَه إلى بيروت وكتابتَه هذه الروايةَ هناك دليلٌ على حالة الألم والضِّيق اللذين كان عليهما المجتمعُ آنذاك. وجديرٌ بالذِّكر أن هذه الرواية ظلَّت حبيسةَ الأدراج ما يَقرُب من نصف قرن، حتى عُرِفت بالرواية المَنْسية، ولم تخرج إلى النور إلا في عام ٢٠١٥م.