سولون (٦)
لم تكد تستقيم الحال على ما قدمنا من نظام حتى أخذ الأتينيون يسعون إلى سولون، ويثقلون عليه باللوم مرة وبالمسألة مرة أخرى عما اشتملت عليه قوانينه من قواعد، وإذ كان لا يريد أن يمس هذه القوانين ولا أن يبعث البغض والعداء بإقامته في أتينا، فقد سافر إلى مصر للدرس والتجارة، وكان يعلن أن غيبته ستطول عشرة أعوام، فقد كان يرى أنه ليس من العدل أن يبقى في المدينة ليفسر القوانين ويؤولها، إنما كان يجب على كل عضو من أعضاء المدينة أن ينفذ نصوص القوانين كما هي.
وفي الوقت نفسه رأى سولون أن عددًا غير قليل من الأرستوقراطية قد أصبح له عدوًّا لمكان إسقاط الدين، وأن خطة الحزبين قد تغيرت بالقياس إليه؛ لأن قوانينه لم تحقق لكل فريق ما كان ينتظر، فقد كان الشعب يعتقد أن سولون سيقسم الأرض بين الناس قسمة عادلة، وكانت الأرستوقراطية تعتقد أنه سيرد المدينة إلى ما كان لها من نظام قديم، أو أن الفرق بين نظامه وبين النظم الأولى سيكون ضئيلًا.
ولكنه أبى أن يسمع لأحد الفريقين، ومع أنه كان يستطيع أن يعتمد على أحد الحزبين فيستأثر بالسلطان على المدينة، فقد آثر استنقاذ وطنه وشرع أعدل القوانين وإنْ عرضه ذلك للبغض والمقت.