الفصل الخامس عشر
بيزيستراتوس (١)
نفيه الثاني وعودته
كذلك تمت عودته الأولى، ثم لم تمض ست سنين حتى اضطر إلى أن يترك المدينة مرة أخرى،
فقد أصبح من المستحيل أن يثبت في مكانه؛ لأنه لم يرد أن يدنو من بنت ميجاكليس، فخاف أن
يتفق الحزبان المتعارضان وولى هاربًا، فاستقر أول الأمر على خليج ترميا١ في مكان يسمى رايكلوس، ثم انتقل إلى الأرض التي تمتد حول جبل بانجايوس،٢ ومن هنا جمع كثيرًا من المال وحشد كثيرًا من المستأجرة وسافر إلى أريتريا.٣
وبعد أن مضى على هربه عشر سنين حاول لأول مرة أن يستعمل القهر ليسترد سلطانه على
أتينا، وكان أشد الناس إعانة له على ذلك أهل طيبة ولوجداميس طاغية ناكسوس٤ وفرسان أريتريا الذين كان بيدهم الأمر فيها، فانتصر بالقرب من معبد بالليني٥ واستولى على الأمر، واستطاع أن يثبت سلطانه بعد أن جرد الشعب من سلاحه، ثم
سافر إلى ناكسوس وأثبت فيها سلطان لوجداميس.
وإليك الطريق التي سلكها لتجريد الشعب من سلاحه: بعد أن استعرض الجيش في أسوار أناكيون٦ أظهر أنه يريد أن يخطب الناس وأخذ يتكلم بصوت منخفض، فلما أعلن الناس أنهم
لا يسمعون شيئًا دعاهم إلى أن يصعدوا إلى مدخل الأكروبوليس ليكون الاستماع عليهم
ميسورًا، وبينما كان يخطب الناس أخذت طائفة كان قد أعدها لهذا الغرض تنزع الأسلحة، فلما
أتمت ذلك حفظتها في بناء كان يقوم بالقرب من تيزيون،٧ ثم عادت إلى بيزيستراتوس وهو يتم خطبته وأنبأته بما فعلت.
فقص بيزيستراتوس على الشعب ما دبر وما أنفذ أعوانه، وأعلن أن ليس في ذلك ما يدعو إلى الدهش أو إلى الحزن، وأن الناس متى عادوا إلى بيوتهم فخليق بهم أن لا يعنوا إلا بأمورهم الخاصة، وأنه وحده قائم بكل ما تحتاج إليه الأمور من تدبير.
١
سالونيك.
٢
سلسة صغيرة من الجبال في تراقيا ومقدونيا تُعرف الآن باسم
pangée.
٣
مدينة عظيمة في جزيرة «أوبايا» تُعرف الآن باسم «باليوكاسترو» وجزيرة
«أوبايا» التي تقوم فيها هذه المدينة هي جزيرة عظيمة في بحر إيجيا تواجه أتيكا
وبويوتيا.
٤
جزيرة يونية في بحر إيجيا.
٥
حي في أتيكا كان معبده يُسمى يالينيون وكان معبدًا للإلهة أتينا.
٦
معبد الديوسكوروي وهما كسبتور وبولودوكيس أخوا هيلانة زوج مينلاووس وبطلة
الإلياس، كان اليونان يؤلهون هذين البطلين ويزعمون أنهما إذا اشتركا في حرب
نصرا من أعاناه؛ ولهذا عُبدا في جميع المدن اليونانية.
٧
معبد «تيزيوس» البطل الأتيني المعروف.