الفصل التاسع
سولون (٤)
الأصول الديموقراطية التي يشتمل عليها نظامه
ثلاثة أصول في كل ما وضع سولون من نظام كانت فيما يظهر أميل إلى تأييد الديموقراطية،
أولها وأحقها بالعناية إلغاء ما كانت قد جرت به العادة من تمكين الدائن إخضاع المدين
لأنواع القهر البدني، والثاني تخويل أعضاء المدينة عامة حق اتهام من اقترف الظلم على
أي
شخص كان، والثالث حق الاسئناف أمام مجالس الحكم، هذا في ما يقولون مصدر ما حصل عليه
الشعب فيما بعد من قوة عظيمة، فإن جعل الشعب صاحب السلطان على الانتخاب يعدل جعل النظام
السياسي خاضعًا لأمره، ولنضف إلى هذا أن هذه القوانين كانت مكتوبة بعبارة غامضة معضلة
كقانون الميراث والأبيكليروس،١ فلم يكن بد من أن تنشأ الخصومات، ولم يكن سبيل إلى الفصل في هذه الخصومات
الخاصة أو العامة إلا بين يدي مجالس القضاء.
وقد ظن بعض الناس أن سولون تعمد إغماض هذه القوانين حتى يمنح الشعب حق القضاء فيما ينشأ من خصومة، ولكن هذا غير راجح، والحق أن ما كان للقوانين في ذلك الوقت من صفة عامة حال بينه وبين الكمال، ومن هنا كان من الحق علينا إذا أردنا أن نحكم على ما كان له من غرض أن لا نبني حكمنا على ما هو كائن اليوم، بل ما كان في عصره.
١
هي الأنثى التي تُركت وحيدة بعد انقضاء أسرتها فإليها كل الثروة وعلى المدينة
تزويجها لتعقب من الولد من يمثل الأسرة، ويقوم بشعائرها الدينية من عبادة
الموتى والنار المقدسة، وقد كان الفقه اليوناني شديد الصعوبة والتشعب في تقرير
حقوق الأبيكليروس وتدبير ثروتها وتقرير مصيرها.
ومصدر هذا دقة المسألة في نفسها من جهة، وتشدد الدين فيها من جهة أخرى.
ومصدر هذا دقة المسألة في نفسها من جهة، وتشدد الدين فيها من جهة أخرى.