لؤلؤ وأصداف
«ولم نكتفِ بهذا، بل أَقحَمنا أنفُسَنا في حروبٍ لا شأنَ لنا بها، ونحن شعبٌ فقير، ولكننا مع ذلك أخذنا الأموالَ التي يجب أن تُنفَق على مَرافقنا من كهرباء وماء وصرف وتليفونات، نُنفِقها في حرب اليمن والكونغو ومالي. وبهذا يا بني نلنا الشُّهرة. أتُعجِبك هذه الشُّهرة؟!»
استطاع «ثروت أباظة» من خلال عائلة «عزام أبو الفضل» أن يُقدِّم رؤيةَ جيلِ ثورة يوليو ١٩٥٢م من خلال «وجدان» الابن الأكبر للعائلة، الذي وُلد قبل عامَين من الثورة، وبدأ إدراكُه يَتفتَّح مع المحطات الرئيسية للحِقبة الناصرية مثل العدوانِ الثلاثي، وتفاعُلِه مع الوَحْدة بين مصر وسوريا، ثم عجزِه عن استيعاب الأسباب التي أدَّت إلى الانفصال، وحربِ اليمن التي كلَّفت مصرَ الكثير، ثم الثورةِ الثانية على الإقطاع. وبينما كان الأبُ «عزام» يَرمز إلى الخبرة والحكمة والقدرة على زِنَة الأمور بميزان العدل لا بميزان الحماس، كان «وجدان» يرمز إلى جيل الثورة الذي تَرعرَع في كَنَفها وتَشبَّع بشعاراتها، إلى أن جاءت هزيمة ١٩٦٧م التي هُزِم فيها هذا الجيل وحُطِّمت أحلامه، ثم جاءت حرب السادس من أكتوبر ١٩٧٣م لتُعيد إلى هذا الجيل ثقتَه في نفسه، وإيمانَه بوطنه ومستقبله.