الفرزدق: أئمة الأدب ٥
«ونفَسُ الفرزدق طويل، وقصائده التي تزيد أبياتها على المائة كثيرة، وله القصائد القِصار، وهو في كِلا القسمين قوي لا يسفُّ ولا يَنزل عن طبقته، وكان يُفضِّل القِصار لأنها أسهل حفظًا وأيسر روايةً.»
وضع الشاعر «خليل مردم» في مُؤلَّفه هذا دراسةً موجزة عن شاعر العرب في العصر الأموي؛ «الفرزدق»، الذي كانت نشأته بدويةً ولم يتعلم القراءة ولا الكتابة، ولكن والده روَّاه الشِّعر فبدأ يَنظِمه صغيرًا. وقد عُرف «الفرزدق» بشعر الهجاء والمدح والفخر، وكان مُعتدًّا بنفسه فخورًا بأصله أشدَّ الفخر، وقيل عنه إنه كان يُجيد الهجاء منذ خلافة «عثمان بن عفان». وقد أجمع الرُّواة ونُقاد الشعر على أن «الفرزدق» مثَّل الحياة في العصر الأموي؛ حيث جمع شِعرُه أخبار العرب وأيامهم آنذاك. ولمَّا كان «الفرزدق» من حَفَظة القرآن، فقد كَثُر في شِعره التأثر بقصص القرآن والاستشهاد به. أما عن الهجاء، فقد بدأ «الفرزدق» حياتَه الشعرية به واختتمها به، وقد استمر الهجاء بينه وبين الشاعر «جرير» لما يقرب من خمسين عامًا. وبالطبع كان له العديد من قصائد المدح والغزَل، ومثلما كان يهجو بجفاءٍ وحِدَّة، كان غزله صريحًا شديد الجرأة.