الفصل الثالث
(بحجرة بالطبقة العليا من دار المرحومة «الست هدى»، «السيد العجيزي» من
أعيان الريف وزوج المرحومة «الست هدى».)
العجيزي
(لنفسه)
:
المالُ صار يا عجوزُ مالي
وأصبَحَ البيتُ وما حوَى لِي
من بَعْدِ عَشْرةٍ من الرِّجال
نعم رجال كثيرٌ
ماتوا بحسْرة مَالِكْ
كنتُ الموفَّقَ وحدي
لما ظفرْتُ بذَلكْ
الطين في «بَنها» كما قيلَ لي
من أجْوَدِ الأطيانِ في الناحيه
وفي الضواحِي يا عجيزِي ابتهجْ
ما قيمةُ الفدان في الضاحيه؟
والبيتُ مِلك قيِّمٌ
وإن مشى فيه القِدمْ
مهندمٌ منوَّرٌ
من رأسه إلى القَدمْ
بأيسر البياضِ والتـ
ـرميمِ يحيَا من عَدَمْ
ما قيمة البيت يا عجيزِي
وما يساوي إن بيع يوما؟
قد قيل لِي هي ألف
وقيل ألفٌ ونصفُ
والفرشُ شيءٌ حسنٌ
الفرشُ لا بأس بهِ
لا بدَّ من تنجيدِه
لا بدَّ لي من قلبهِ
الكنباتُ خشبٌ
زانٌ وسنديانُ
قيِّمةٌ يبدو على
صانِعِها الإتقانُ
وهذه سَجادةٌ
نادرةٌ ذاتُ ثمنْ
وهذه أخرى علَيـ
ـها قد تقادَمَ الزمنْ
وصيغةُ العجوزِ والحليُّ
أين تُرى موضعُها الخفيُّ؟
أسْأل «رضوانَ» فما لي
غيرهُ من مُرْشدِ
(ينادي)
رضوان
:
… من ذاكَ ينا
ديني؟ أأنت سيدي؟
العجيزي
:
رِضوان أنتَ صادقٌ
تعالَ «رضوان» اصعدِ؟
(يحضر)
رضوانُ قل يا وَلدي
أين مكان الصِّيغَةِ؟
في أي موضع تُرى
جواهر الميِّتَةِ؟
رضوان
:
«مصاغهَا» يا سيدي ليسَ هنا
رضوان
:
قد ذهب الأغا به في عُلْبة
رضوان
:
… … … سيِّدي
أعلمُ منِّي بالدخائلِ الأُخَرْ
رضوان
:
… … أجلْ حضرتُ
يومَ ذاكَ، وخدمْتُ مَن حَضَرْ
(صوت من الطبقة السفلى):
الصوت
:
… … … ثلاثةٌ
محمدٌ وعامرٌ وأحمدُ
جئنا نراكَ ساعةً فقُلْ لنا
تنزلُ أم نحنُ إليكَ نصعَدُ؟
العجيزي
:
قد حللتم بداركمْ
اصعدوا عِنديَ اصعدُوا
(لرضوان)
رِضوان أجلسْهم هَنا
وحيِّهم حتى أجِي
وجئْهمُ بقهوةٍ
من عَزَبَانَ «القهوجِي»
(الثلاثة يصعدون.)
رضوان
:
تفضلُوا يا سادَتي
الآن يأتي سيِّدي
(ويخرج)
محمد
:
كلُّ هذا إلى العجيزيِّ آلَا
أصبحَ الكلبُ بعد أن كانَ يمشي
ينفض الجيب أكثرَ الناسِ مالا
أحمد
:
«والمصاغُ» «المصاغُ» بالروح أفـ
ـديه فماذَا من لؤلؤ وزبرجدْ؟
محمد
:
وهل نسيتَ يا أخي
خاتمهَا الزمُردا؟
فهم يقولون يساوي
مائةً وأزْيَدا!
أحمد
:
قد ارتدَى المغفلُ الحريرَا
محمد
:
واتخذ الشاهيَّ والكشميرَا
محمد
:
… … … لا،
كيف، كيف حذاؤهُ؟
أحمد
:
تسبيك رقته ويأ
خذ ناظريك بهاؤهُ!
والحزام الحزام، رقعة
كشمير تمنيت أن أُكَفَّنَ فيها
وكم وكم من قيِّمٍ
قد اقتنى بعد السَّعهْ
ذاكَ الحمارُ تحتُ مثـ
ـلُ الشمعة الملمَّعهْ
محمد
:
لا يا أخي الحمار شي
ءٌ من شهور أربعهْ
قد اشتريتُه له
وكنتُ في السوق معْه
إن زاد شيء فاللجا
مُ أو يكون «البردعةْ»
أحمد
:
الطين يا عامرُ الطين عجبْ!
الطين أبعاديَّة من الذهب
والبيت يا سيدي محمدْ
البيت فخم البنَا مشيَّدْ
محمد
:
كم يا تُرى الأرض والمباني؟
محمد
:
عامر لم سكتَّ لمْ
وما ابتلاك بالبَكمْ؟
عامر
:
صهْ في غدٍ أستأجرُ الطيـ
ـنَ
عامر
:
في غد تكتب الشروط وأمضي
نحو «بنها» أحتلُّ طينَ «العجيزي»
محمد
:
ما كالعجيزي رجلٌ
يَدْري اغتنامَ الفرصِ
إن «هدى» دجاجةٌ
باضت لهُ في القفَصِ
أحمد
:
وقد رأيتَ كيف كان دفنُها
قد دُفِنَت مثل فقيراتِ النِّسَا
عامر
:
لا يا أخي ظلمته إن الذي
قام على المأتم والدفن الأغَا
جاء من الباشا ومن زوجتِه
أخرجها «خرجة» عز وغنى
(يدخل العجيزي فيقول):
العجيزي
:
يا مرحبًا بالأحباب
يا مرحبًا بالصحاب
كذا أُنْسَى، كذا أُجْفَى
كذا عنِّيَ لا يُسألْ؟
محمد
:
بنا شوق ولكنَّا
نرى المشغول لا يُشْغَلْ
أحمد
:
يا عجيزيُّ عزاءً
مَرَّةً أخرى عزاءَ
أنت قد أحسنتَ والله
وأظهرتَ الوفاءَ
مثل ما قد دُفِنَت
ما دفَن القومُ النِّساءَ
العجيزي
:
… في الدفن ثم
مثلُها في المأتَمِ
(زائر ينادي من تحت):
الزائر
:
يبقى لنا الحيُّ
ويُرحَمُ الميْتُ
العجيزي
(لنفسه)
:
يرحمك الله هدَى
خيرُك هذا عَمَّنِي
الزائر
:
تهانِئي يا عجيزيُّ
لقد وَرِثْتَ جَليِلا
تهانئي يا صديقي
قد نِلْتَ خيرًا جزيلًا
العجيزي
:
… تعالَ اصعَدْ بِهَا
اصْعَدْ، معي أحبَّتِي
العجيزي
:
(للحاضرين)
ذاك فقيهٌ من سبيـ
ـل دينه عَلَى هُدَى
محمد
:
في «الزينَبيِّ» قد سمعـ
ـناهُ يَرُجُّ المسْجدَا
ذاكَ الفقيُه ليس بعدَه أحَدْ
لكنَّه عِندي مُزَوِّرُ البلدْ
كم حلَّ بالفتوَى وبالفتوَى عقدْ
أحمد
:
يا حلبيُّ أنتَ حبلُ المِشنقة
كم لك في الحارات من معلَّقهْ!
لم يخل بيت لك من مطلَّقهْ
(يدخل النشاشقي والشيخ.)
العجيزي
:
هذا هوَ الشيخُ أتى
يا مرحبًا يا مرحبَا
«للحاضرين»
استقبلوه وقفوا
بين يديه أدبا
(لرضوان)
الشيخ الحلبي
:
… … … … لا
… شيئًا من الكراوِيهْ
العجيزي
:
اذهبْ جئِ الشيخَ بها
عاطرةً وصافيَهْ
النشاشقي
(همسًا في أذن العجيزي، ويناوله العلبة)
:
هذا النشوقُ من نشوق المفْتِي
يليقُ للوَارِث زوج السِّتِّ
الزائر
:
… … … … عمْ صبَاحًا
أنا عبدُ اللطيف شيخُ الحاره
العجيزي
:
مرحبًا مرحبًا تعالَ تفضَّلْ
(للحاضرين)
رجلٌ لا يرَى ثيَابَ الجارَه
الشيخ
(عند وصوله)
:
ولكن أنا ما قَدْري؟
وهذَا مجلسٌ عالِ
الشيخ
:
يعزُّونكَ بالميتِ
يهنُّونكَ بالمَال
(وهو ينظر إلى جوانب البيت.)
تعالى الله ما أبْهى!
تعالى الله ما أوسع!
مكان الأنس والبسْطِ
وبيْتُ النسوةِ الأربعْ
يرحمُها الله لقد
كانت ملاكًا محسنَا
ولم تقابلْ رجلًا
في بيتها إلَّا أنَا
فكَمْ طعِمتُ وشربـ
ـت وكُسيتُ ها هنا!
البيت لما اشترتْه
كان أبى شيخَ حاره
ولم تزلْ كلَّ عام
تُجيل فيه العماره
الشيخ
:
… كنت ابن خمسٍ
فلستُ أذكرُ شيَّا
إلا لياليَ عُرْسِ
لعبتُ فيها صَبيَّا
لم يدخلِ البيتَ زوجٌ
وفارَقَ البيتَ حَيَّا
العجيزي
:
إذن فعمرُ البيت ستون سنَه
الشيخ
:
فهم يقولون «الفرنسي»
١ سكنَهْ
الشيخ
:
بل منزلٌ مباركٌ
تسكنه في عافيهْ
يكفيه ما حلَّ عليه
من جلالِ الناحيهْ
لا تنس مَن جارُك
إنك جارُ «الحَنفي»
الحاضرون
:
وكلنا خادمه
وكلُّنا في الكَنفِ
آخر
(يزعق من السلم ويقول)
:
العجيزي
(في اضطراب لنفسه)
:
ربَّما خلَّط حتى
أضحك المجلس مني
داود
(من تحت)
:
أيها الوارث قل لي
أأعَزِّي أم أُهَنِّي؟
العجيزي
(للحاضرين)
:
ذاكَ داودُ المغنِّي
قد أتَى يسألُ عنِّي
داود
:
لقد أتيتُ ومعي حميدهْ
لكي أريها دارَك الجديده
العجيزي
(لنفسه)
:
الويلُ لي الويلُ لي
حميدةٌ في منزلي
كيف أواري خجَلي؟!
(للحاضرين)
آخر
:
أصعِدْه، دعه يا عجيزيُّ يَجي
العجيزي
:
لا ومقام «الحنفيِّ» لن يَجِي
آخر
:
قابلْه لا تُضع عليه سعيَهُ
ليسَ على أمثالِه من حَرَجِ
العجيزي
:
لا، لن يطا لي عَتَبَهْ
سوف أرِيه أدَبهْ
(وينزل فيصرف «داود» ويعود.)
الزائر
:
أنا سلمانُ يا عجيزي أأصْعَدْ؟
العجيزي
(لنفسه)
:
ذاكَ سلمانُ جاء يطلبُ بالديـ
ـنِ وقد جُنَّ أمسِ حتى تَهَدَّدْ
مصطفى
:
… … تجهلُه؟
ذاكُ مُرابي الناحيهْ
استرجَعَ الخمسينَ مني
بعد شهْرين مِيَهْ
مصطفى
:
… وابنُ مسلِم ولَه جَدٌّ
بقلب الصعيد شيخ وليُّ
لن يدَع لليهودِ في «الخُط» رزقًا
ليس في «الخُط» غيرهُ رِبَويُّ
يا يهودَ الأرضِ قد
أصبحَ يشقى العالَمون
من بني الإسلامِ سلمان
ومنكم «سالمون»
محمد
(همسًا)
:
وما لَه والعجيزي؟
وما الذي جاء يصنعْ؟
أحمد
:
أليست الزوجُ ماتتْ
فالوارث اليوم يدفع
العجيزي
:
سلمانُ يا إخوانُ لمْ
يأتِ لدين أو سندْ
عامر
:
وما يضر الدَّينُ لم
يخلُ من الدَّينِ أحدْ
العجيزي
:
لا، بل علاقتي به
علاقةٌ من البلَدْ
آباؤه كانوا وآ
بائي شيوخًا وعُمَدْ
محمد
:
نادِ إذنْ يصعدْ فلا
بأس في مجيئه
العجيزي
:
سلمانُ سلمانُ
تعالَ سلْمانُ فما ها هنا
إلا أحباءٌ وإخوانُ
(يدخل سلمان ويقول للعجيزي).
سلمان
:
قيل لي عنك مطلَقُ البطْن شاكٍ
كيف يا سيدي العجيزيُّ حالُكْ؟
العجيزي
:
أحمدُ الله قد تعافَيتُ فاجلس
(همسًا)
لا تخَفْ، في غدٍ يوافيك مالكْ
سلمان
:
أمامَكَ شهران حتى تفيقَ
وتهدأ فلمْ لا تمدُّ الأجلْ؟!
وتدفعُ خمسين فوقَ الحساب
إذا الإرثُ من كل وجه كَمَل
دواتي عليَّ وفيها اليراعُ
وأنتَ بخير وهذا السنَدْ
العجيزي
:
… سرْ في الرواق
لا يَطْلُعنَّ علينا أحد
(ينصرفان)
محمد
:
قد دخَلا في الرِّواق سرًّا
وفاز بالوارِثِ المُرَابي
وبين هذا وذا حسابٌ
ويعلم الله بالحسَابِ
(يعودان)
سلمان
:
لي كِلْمة فادْنُ مني
لا تنسَ دَيْنُك حَلَّا
العجيزي
:
ماذا يقول المرابِي؟
وما أسرَّ إليكا؟
مصطفى
:
يريد مني نَشوقًا
مما رَأى في يَدَيْكا
مصطفى
:
وفيهِ يا فقيهُ عرقُ العنبرِ
الباشوات كلهم قد أقبلوا
عليه والمفتي وشيخُ الأزهرِ
وسيدات «الخط» من حين إلى
آخر يبعثن الأغا فيشتري
عامر
(في سخرية)
:
السيدات؟ أأنثَى
على النَّشوق تطوف؟
مصطفى
:
لم لا؟ أما هُنَّ خلق؟
أما لَهُنَّ
أنوفُ؟
عامر
:
… … ماذا مصطفى؟
(يدخل سلمان ويقول
مصطفى
:
لا تنسَ يا أخي يا أعزَّ الناسِ
أمُّك كانت من غَرَامها به
تأخذهُ مِنِّيَ بالأكياسِ
عامر
:
أمي أنَا يا رجلًا لا يستحي
نشاشقيُّ يذكر المخدَّرة
(يتناول كلٌّ من مصطفى وعامر عصاه.)
مصطفى
:
وأي عارٍ بالنشوق إنما
العارُ كل العار شغْل السمسرهْ
شيخ الحارة
:
خذوا العَصا من «عامر» و«مصطفى»
إني أخافُ أن تكون «مَجْزَرَه»
مصطفى
:
خلُّوه لي لا بد أن أكسِّرهْ
العجيزي
:
وحرمة الميتة تنسيانها
وحق بيتي لا تراعِيَانِهْ
غدًا يقال عنكما قد سخرا
من العجيزي ومن ضيفَانِهْ
مصطفى
:
تلك العصا طرحتها
يا سيدي حُبًّا بِكَا
عامر
:
وأنا أيضًا قد رميـ
ـت بالعصا لأجلِكا
(صوت من الخارج.)
دستوركم يا أهلَ هذَا المنزل
الأغا
(يدخل باكيًا مولولًا ويقول)
:
آهٍ على صديقتي
آهٍ عليكِ يا «هدى»
قد خُرِّب البيتُ فليـ
ـتَ لك عينًا فترى!
أين جَبينٌ كان كالـ
ـبدرِ سناءً وسَنَا؟
وأين «أهلًا» كلَّما
جئت وأين «مرحَبَا»؟
وأين ما قد كان لِي
عندكِ من طيب اللُّقَا؟
وأين صوتٌ كان كالسـ
ـحرِ ينادِي يا أغَا!
العجيزي
:
ماذا دهاك سيدي
هوِّن عليك يا أغا!
الأغا
(مستمرًّا)
:
قد ذهب البيتُ لبيـ
ـت الله وحدَه البَقَا
قد ذهب المال فسبـ
ـحانَ الذي له الغِنَى!
العجيزي
:
أفقْ تجلَّدْ يا أخي
ليسَ البكا مِنَ التُّقَى
الأغا
:
أبكيكِ يا هدى وإن
لم يُرجِع الميتَ البُكا
(ويقع مغمًى عليه.)
مصطفى
(للأغا)
:
جرِّبْ نَشوقي مرةً
خذ تجِد الحزنَ هدَا
الأغا
(يرفع رأسه قليلًا ويقول)
:
وَلْيَكُ عَذْبًا بَارِدًا
إني أحسُّ بالظَّمَا
ليتكِ ما متِّ وليـ
ـتَ الميْتَ يا هُدى أنَا!
هُدَى تعالَيِ انظرِي
البيتُ منكِ قد خلا
(للعجيزي)
سيدي أصْغ لي:
هدى رحمة الله
على روحِها وألْفُ سَلامِ
يا أسفًا على هدَى
يا أسفًا يا أسفَا!
ما لي يخونُني فمِي؟
ما لِي تخونُنِي القُوى؟
(ويتمايل الأغا ثم يسقط.)
محمد
:
لقد رجعْنَا فوقَعنا
في البلاء والعَنَا
العجيزي
(للأغا)
:
قم يا أخي انْهَضْ قل
تكلَّم هاتِ بيِّن يا أغا
ما نحن في مأتَمِها
مأتمُها قد انقضى
وكل حيٍّ ميتٌ
يومًا وإن طالَ المَدَى
الأغا
:
كتبَتْهَا قبل الزَّواجِ بعامِ
كتبتْها وأشْهَدتْ مُفْتِي القطـ
ـر عليها وقاضِيَ الإسْلامِ
قد تركتْ يرحمُها الله
أمسكوني لا أقعْ
(ويتمايل كالنشوان.)
الأغا
:
قد ترَكتْ في عُلبة
«مَصَاغها» عشرَ قطعْ
من جوهرٍ مُبرَّأ
من الخُدُوشِ والبُقَعْ
الأغا
:
… لعشرة من نساء الحارهْ
من كل جارةٍ وبنتٍ جارهْ
العجيزي
:
يا ليَ، يا للَغبن والخَسارة!
يا أسف الدهْرِ على
جواهرِي يا ندمَا
العجيزي
:
… … … أحسُّ
أن ظهري انقسما
عوقِبْتِ يا هَدى ولا
أُخرجت من جهنَّما!
(يغمى عليه.)
محمد
:
لا بأس لا بأس إني
أرى به إغماءَ
العجيزي
(وهو يفيق)
:
والبيت يا أغا أجبْ
البيت ما أصابه؟
العجيزي
:
أترى البَغْيَ والتعسُّفَ حقًّا
يا كثير التحليل والتحريم
قلَّبتْني هدى على النار حيَّا
قلَّب الله جسمها في الجحيم!
(للأغا)
الأغا
:
أصبح البيت وما
في البيت ملكًا لبهيَّهْ
العجيزي
:
ارمِ يا دهرُ بالمصائب إِرْمِ
ظلمتني هدى فما كان جُرمي؟
شيخ الحارة
:
بقي الطين فانتظرْ رحمة الله
ولا يَدخلنَّك اليأسُ منه
إنها خلَّفتْ ثلاثين فدانًا
ببنها وأنت تعرف بنْها
الأغا
:
لا، لا تصدق سيدي
فما درى، ما عَرَفا
الأغا
:
… لبيت الله والرو
ضة قبر المصطفى
العجيزي
:
يا ربِّ بيتُك عنِّي
وعن نصيبي غنيُّ
وقل لقبرك يُرجعْ
لي ثروتي يا نبيُّ
الطين أيضًا قد مضى
وكل شيءٍ انقضى
يا لأعاجيب القضا!
الحلبي
:
اصبر أخي، تعزَّ، ما هذا الجزعْ؟!
هب أن ذلك الزواج ما وقعْ
ليس الحياةُ غير رِيٍّ وشِبعْ
العجيزي
(وهو يهجم عليه)
:
هب أن رأسك انفلقْ
هب أن مخَّك اندلقْ
حتى جرى على الزلق
سلمان
:
الطينُ أيضًا قد مضى
يا ويح لي، وَيْح ليه!
ضاع عليَّ تعبي
وضاعتْ الخُمسميهْ!
هذا العجيزيُّ مزيـ
ـج من غباءٍ ونكدْ
قد جاء مصر هاربًا
من الديون في البلدْ
وما له من عمل
فيهَا ولا له أحدْ
النشاشقي
:
اذهبْ، كُلِ، اشربِ السندْ
الجميع
:
اذهبْ، كُلِ، اشربِ السَّندْ!
(ستار الختام)