الطلاق
بُني الطلاق، كما بُني الزواج، في المجتمعات الأولى على عادات الفطرة؛ الذكر يطلب الأنثى ولا تطلبه، والرجل يخطب المرأة ولا تخطبه، والرأي في الترك لمن له الرأي في الطلب والخطبة، وعلى هذه العادة الفطرية درج نظام الطلاق مع الزواج باختيار الرجل وحده، وجرى القانون على ما جرى به العرف بعد قيام القوانين بعد المرحلة البدائية من مراحل الاجتماع.
ولم يتدخل المجتمع في مراسم الطلاق إلا بعد فترة طويلة، ظهرت في خلالها الحاجة إلى إثبات الطلاق في سجل محفوظ، لعلاقته بإثبات البنوة والميراث، وتقرير عقوبة الخيانة، وإجازة العودة إلى الزواج للمرأة التي انفصلت عن قرينها.
وفي هذه المرحلة تقررت مراسم الطلاق في شريعة العبرانيين، وكل ما اشترط فيها على الرجل أن يُعطي امرأته المطلقة وثيقة بالتسريح، ولها أن تتزوج بغيره بعد ذلك، ولكنها لا تعود إلى زوجها الأول إذا طلقت من زوجها الثاني أو تُوفي عنها ذلك الزوج: وفصل ذلك في الإصحاح الرابع والعشرين من سفر التثنية حيث يقول: «إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها فإن لم تجد نعمة في عينيه؛ لأنه وجد فيها عيب شني وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها، وأطلقها من بيته، ومتى خرجت من بيته ذهبت وصارت لرجل آخر، فإن أبغضها الرجل الأخير وكتب لها كتاب طلاق، ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته، أو إذا مات الرجل الأخير الذي اتخذها زوجة، لا يقدر رجلها الأول الذي طلقها أن يعود يأخذها لتصير له زوجة بعد أن تنجست؛ لأن ذلك رجس لدى الرب.»
وورد ذكر الطلاق على أسلوب مجازي في الإصحاح الثالث من كتاب أرميا حيث يقول، وهو يندد بإسرائيل: «إذا طلق رجل امرأته فانطلقت من عنده وصارت لرجل آخر فهل يرجع إليها بعد؟ ألا تتنجس تلك الأرض نجاسة؟»
وجرت مراسم الطلاق على حسب هذه الشريعة إلى ما بعد ظهور المسيحية؛ إذ روى إنجيل متى أن السيد المسيح سُئِل عن الطلاق فاستنكره لقسوته وقال: إن من طلَّق امرأته لغير الزنى جعلها تزني، ودفعه بالزوجة إلى اقتراف الرذيلة: «وقيل: مَن طلَّق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم: إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني، ومَن يتزوج مطلقة فإنه يزني.»
ويعود متى إلى حديث الطلاق في الإصحاح التاسع عشر فقال: «وجاء إليه الفرنسيون ليجربوه قائلين: هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟ فأجاب وقال لهم: أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرًا وأنثى؟ وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا.»
وتعتمد طائفة كبيرة من أتباع الكنائس البروتستانتية على نص في رسالة كورنثوس الأولى لإجازة التفرقة بين الزوجين إذا طال هجر الرجل لامرأته. قال في الإصحاح السابع: «أقول لغير المتزوجين وللأرامل: إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا. ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا لأن التزوج أصلح من التحرق. وأما المتزوجون فأوصيهم — لا أنا بل الرب — ألا تفارق المرأة رجلها، وإن فارقته فلتلبث غير متزوجة أو لتصالح رجلها، أو لا يترك الرجل امرأته. وأما الباقون فأقول لهم — أنا لا الرب: إن كان أخ له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضى أن تسكن معه فلا يتركها، والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهو يرضى أن يسكن معها فلا تتركه؛ لأن الرجل غير المؤمن مقدس في المرأة، والمرأة غير المؤمنة مقدسة في الرجل، وإلا فأولادكم نجسون، وأما الآن فهم مقدسون. ولكن إن فارق غير المؤمن فليفارق. ليس الأخ والأخت مستعبدًا في مثل هذه الأحوال.»
ولقد تحول كثير من المسحيين في القارتين الأوروبية والأمريكية إلى نظام قانوني يجيز ثلاثة أحوال في حكم الطلاق، وهي إلغاء عقد الزواج، والتفرقة بين الزوجين، والفصل بينهما مع بقاء الصفة الشرعية للزواج، ويجوز للرجل والمرأة أن يتفقا على الانفصال، وتسوية المسائل المتعلقة بتربية الأبناء، والنفقة عليهم، وتمكين كل زوج من حرية التصرف في حياته، مع إسقاط حق الزوج الآخر في محاسبته فيما عدا الخيانة الزوجية، وتبرم المحكمة عادة أمثال هذا الاتفاق كما اختاره الطرفان، وقد تبتدئ المحكمة بتقرير الانفصال وشروطه، إذا لم يتيسر الاتفاق عليه بينهما، ويتعين في حالة الاتفاق إثبات القسوة البدنية، أو العقلية، أو استحكام الخلاف وصعوبة التوفيق فيه. ولا يعتبر هذا الاتفاق حلًّا حاسمًا للخلاف، ولكنه يترك القضية معلقة حتى يقيم أحد الطرفين من الأدلة الكافية ما يثبت الخيانة.
•••
ويستطيع كل من الزوجين أن يحصل على الحكم بإلغاء عقد الزواج، إذا ثبت أن التفاهم بينهما على القبول داخله شيء من الخداع أو التزوير، أو ثبت أن أحد الزوجين كان في حالة من حالات القصور عند موافقته على عقد القران.
وبعض الولايات في أمريكا الشمالية يكتفي بإثبات حصول الزنى مرة واحدة من الزوجة لإصدار حكم الطلاق، ولا يكفي ذلك في حالة وقوع الزنى من الزوج، بل ينبغي إثبات معيشته غير الشرعية مع امرأة أخرى، لتطليق امرأته منه، ولا يلزم تقديم الشهود على وقوع الزنى على مرأى من أولئك الشهود، بل يكفي إثبات السلوك الذي يفضي إلى العلاقة الجنسية لتقرير وقوع الجريمة، ومن أمثلة هذا السلوك نزول الرجل والمرأة في الفنادق كأنهما زوج وزوجة، واجتماعهما في عزلة مريبة كما يجتمع الزوجان الشرعيان.
ومن أسباب الطلاق وقوع الغيبة المنقطعة من الزوج أو الزوجة، ولا يبطل الطلاق إذا ثبت بعد ذلك أن الزوج الغائب لا يزال بقيد الحياة.
والمفهوم أن معظم الحكومات الأمريكية والأوربية حافظت على أصول حكم الطلاق في الكتب الدينية، ولم تقطع الصلة الأولى بينه وبين القوانين المدنية، وكل ما صنعته في هذا الحكم أنها توسَّعت في تفسيره وقياس بعض الحالات على ما يشبهها من الحالات التي جاز فيها الطلاق بنصوص الكتب الدينية. بيد أن الحكومات الأخرى التي قطعت صلة التشريع الحديث بالتشريع الديني، قد غيَّرت أساس التشريع كله في مسائل الطلاق والزواج، وجعلته على التعاقد العام الذي يخضع لقضاء العقود في جملته، فلا يمتنع إلغاؤه والعدول عنه لسبب من الأسباب التي يختارها المتقاعدان أو يختارها ولاة الأمور.
•••
شريعة القرآن الكريم في مسألة الطلاق شريعة دين ودنيا، وكل ما اشتملت عليه من حرمة الدين تابع لما شرع له الزواج من المصلحة النوعية والمصلحة الاجتماعية، فليس مما يبيحه الإسلام أن يتجرد الزواج من مصلحته النوعية والاجتماعية، تغليبًا للصبغة العبادية عليه على مشيئة الأزواج.
وفي هذه الشريعة القرآنية تتوافر جميع الرخص المفيدة التي لجأت إليها أمم الحضارة، لتيسير العلاقة بين الزوجين مع المحافظة على الآداب الاجتماعية.
ولكنها شريعة إسلامية تنظر إلى طبائع الرجال والنساء، وتتجنب التشديد الذي لا يُجدي شيئًا في المحافظة على قداسة الزواج، ولكنه يلجئ الزوجين إلى الحيلة للتخلص منه أمام القانون، وإن كانت أظهر من أن تنفعهم في التخلص منه أمام الناس.
الطلاق في الإسلام قسوة مكروهة؛ لأنه أبغض الحلال إلى الله كما قال النبي عليه السلام.
وتُدفع هذه القسوة بما يُستطاع من عمل الزوج والزوجة، وعمل الأسرة والقادرين في هذا الأمر على الهداية والإصلاح، فإذا أحل بعد استنفاد الوسائل المستطاعة فما من حل آخر يغني عنه، وما من تحريم له إلا وهو أشد قسوة وأقل نفعًا من التحليل.
فعلى الرجل «أولًا» أن يُراجع نفسه إذا أحس النفرة من زوجته، عسى أن يكون في الصبر على هذه النفرة العارضة خير لا يعلمه: فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء: ١٩].
فإذا عجز عن مغالبة هذه النفرة العارضة، فلا يتعجل بالطلاق البائن، وليبدأ بطلقة راجعة، يعتزمها بالنية البينة، ولا يؤخذ فيها باللغو الذي تجري به الألسنة على غير قصد من قائله: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [البقرة: ٢٢٥].
وفي وصف الله بالحلم في هذه الآية، إشارة إلى الحلم الذي يُطلب من الزوج أن يتحلى به في هذا المقام، وهو يُراجع نفسه قبل البت بالنية على الطلقة الراجعة.
-
لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ۖ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا [البقرة: ٢٢٦–٢٢٨].
-
الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا [البقرة: ٢٢٩].
وهذه الآية تحفظ للمرأة حقها في المال وفي الحرية، فلا يحل للرجل أن يمسك عنها شيئًا من صداقها، ويحق لها هي أن تأبى العودة إليه إذا راجعها قبل الطلقة البائنة، وعليها إذن أن تنزل عن الصداق المتأخر؛ لأنها خليقة أن تعفيه من واجب الزوج وهي تعفي نفسها من واجبها.
وينبغي قبل البت بالطلاق البائن أن تتقدمه الوساطة بالصلح، والمشاورة بين الأهل والأقربين، وتملك المرأة التي تخاف نشوز زوجها أن تضمن إمكان الوفاق وحسن المعاملة قبل أن تعود إلى معاشرة زوجها: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء: ١٢٨]، وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا [النساء: ٣٥].
وقضية الخُلع التي طلبت فيها المرأة تسريحها من رجلها لبغضها إياه، مشهورة في كتب الأحاديث والتفاسير، وخلاصتها: أن جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول كانت تبغض زوجها ثابت بن قيس، فأتت رسول الله ﷺ فقالت: «لا أنا ولا ثابت، لا يجمع رأسي ورأسه شيء. والله ما أعتبه في دين ولا خُلق، ولكني أكره الكفر في الإسلام، وما أطيقه بغضًا. إني رفعت جانب الخباء، فرأيته أقبل في عدة من الرجال، فإذا هو أشدهم سوادًا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهًا.»
فقال رسول الله ﷺ لها: «أتردين عليه حديقته؟ قالت: أردها، وأزيده عليها، فقال ﷺ: أما الزائد فلا. وقضى بالطلاق.»
والخُلع حق للمرأة يكرهه الإسلام كما كره الطلاق، ولكنه حق من حقوق الحرج لا يسكت عنه، وفي الحديث الشريف: «أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة.»
المبارأة مثل الخلع، حل من حلول الحرج، ترتضي فيه المرأة أن تنزل عن صداقها ونفقتها، ليعفيها الرجل من واجباتها الزوجية، ويقع الطلاق مع الاتفاق على المبارأة كلما استحال التوفيق بين الزوجين، لقسوة الرجل وعنفه في معاملة زوجته، واتخاذه الزواج مضارة لا يستقيم العيش فيها على سُنَّة المودة والسكينة والإمساك بالمعروف.
•••
ومن ثم نرى أنه ما من وسيلة تنجع في اجتناب الفرقة بين الزوجين لم ينصح بها القرآن الكريم لكل منهما، فيما يُطْلَب من الرجل أو يُطْلَب من المرأة، وترجى منه الفائدة في الواقع. فإذا نفدت حيلة المراجعة وانتظار المهلة، وبطلت مساعي الصلح بين الأهل والأقارب، وأسفرت تجربة الطلقة الراجعة مرة بعد مرة عن قلة اكتراث للجفاء، وإصرار على الفراق، فليس في الزواج إذن بقية تحمي من الطلاق، ولعل الطلاق يومئذ أرحم بالمرأة من علاقة منغصة، تربطها برجل يجفوها ويبخل عليها بقوتها، ويتمنى لها الموت ليبتعد عنها؛ إذ كانت عشرتها غُلًّا في عنقه لا يفصمه غير الموت، ولا إيذاء في هذا الطلاق للزوج ولا للزوجة ولا للمجتمع؛ إذ لا بقاء إذن لشيء يصح أن يسمى بالزواج.
ومتى تمَّ الفراق الذي لا حيلة فيه، تكلفت الشريعة للزوجة المطلقة بكل ما يلزم الرجل من حقوقها ومصالحها، ومن حقوق أبنائها وأبنائه، وتأبى الشريعة العادلة أن تعتمد على حنان الأب وحده لرعاية أبنائه؛ لأنها مسئولة عن حق الأم حياله، حتى تستوفيه لها غاية ما يسع الشرائع من استيفاء.
-
وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة: ٢٤١].
-
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [البقرة: ٢٣١].
-
وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: ٢٣٦].
وعلى الزوج أن يوفي الزوجة المطلقة صداقها كاملًا لا يستحل منه شيئًا لنفسه:
وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا [النساء: ٢٠].
ولا يحق للرجل أن يُخرج المرأة من بيتها قبل وفاء عدتها فيه:
-
لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ [الطلاق: ١].
-
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ * لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ۖ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطلاق: ٦، ٧].
-
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: ٢٣٣].
ولم تخلُ آية عرضت للطلاق من توكيد الأمر بالمعروف، والنهي عن الإساءة والإيذاء، والحث على مغالبة الشح والتقتير، وهي الحيطة التي لا مقترح وراءها على الشريعة وأحكامها، وإنما يكون الاقتراح على أخلاق الناس وعواطفهم وآدابهم، وليست هي مما تتولاه الشريعة بقوة الأحكام.
ومن الحسن أن يُفرض على الناس طلب الكمال، ولكنه الأمل المنظور غير الواقع، وغير ما في الإمكان، بين مختلف الأمم والعصور. وما من شريعة إلهية أو إنسانية تصد الناس عن المثل الأعلى من الكمال المقدور لبني آدم وحواء، ولكنهم — إلى أن يدركوا شأوهم من كمالهم — لا ينبغي أن يجني أحدهم على غيره بجريرة تقصيره، بل جريرة التقصير الملازم لبني الإنسان أجمعين.