العزلة
ومجانبة المجتمع الكبير، فلم يخلف فيها عادته، فهو يُعد المختلط
بالناس البر السعيد، ويقول ناثرًا: من اختلط بالعالم، وصبر عليهم،
وكفَّ نفسه عما يستحسن سواه، فهو البر السعيد (ف٢٧٠)، كما يشير إلى
ضرر العزلة، فيقول: إذ كانت الوحدة تغير المعقول، وتصرف قائلًا أن يقول
١ فهو يرخص لمن لا يطيقها أن يزور غبًّا فيقول:
وإن لم تطق هجران رهطك دائمًا
فمن أدب النفس الزيارة عن غب
والشيخ الذي شعاره «قاطع» هو الذي قال:
ولو أنِّي حببت الخلد فردًا
لما أحببت بالخلد انفرادا
فلا هطلت عليَّ ولا بأرضي
سحائبُ ليس تنتظم البلادَا
فإن يكن هذا ليس من متأخر شعره، فإنه لهو القائل في
اللزوميات:
وتديُّر الأوطان حُبَّ وطالما
قنص الحمام على الغصون الميَّدِ
والذي يأمر بالفرار من الناس هو الذي يرى أن يساعد المرء ضده، ولا
خيرَ في الإخوان إن لم تُساعد:
إذا جلَّ خطبٌ ساعدَ المرءَ ضدُّه
ولا خيرَ في الإخوان إن لم تُساعد
والذي يطلب التوحش في بيداء تخلصًا من الناس هو الذي يأمر
بالمشاركة العاملة في إصلاح الجماعة، ويقول:
غيِّر وأنكر على ذي الفحش منطقَه
إذا أجاز خنا زيرٍ خنازيرُ
ويشتد في هذا حتى يقرر وجوب تعزير الملك على أخطائه:
يعزَّر الملك توقيرًا وحقَّ له
على المآثم تأديب وتعزير