من النقل إلى الإبداع (المجلد الثالث الإبداع): (١) تكوين الحكمة: نقد علم الكلام – الفلسفة والدين – تصنيف العلوم
«الحكمة والشريعة لفظان موروثان وليسا وافدَين آثرَهما ابن رشد على لفظَي الفلسفة والدِّين عند باقي الحكماء.»
انتهَت مرحلة «التحوُّل»، وبدأ الفلاسفة المسلمون مرحلةَ «الإبداع»؛ وهي المرحلة التي خرَجوا فيها من حيِّز التأثُّر بالوافد والموروث، إلى حيِّز الإبداع المتأصِّل النابع من تجاربهم وواقعهم، الذي بدأ ﺑ «تكوين الحكمة»؛ حيث تمرَّدوا على البوتَقة التي خرجوا منها، المتمثِّلة في علم الكلام، وقدَّموا انتقاداتٍ مُتفاوِتة لهذا العلم، ومِن أبرز هؤلاء الفلاسفةِ «إخوانُ الصفا» و«أبو حيان التوحيدي»، ثم «ابن سينا» ومِن بعده «ابن رشد»، وأخيرًا «الأشعري». برَز كذلك في هذه المرحلة الجدلُ بين الفلسفة والدِّين، أو الحكمة والشريعة؛ أي الصراع القائم بين العقل والنقل، وعلى الرغم من أن هذا الموضوع شغَل مساحةً كبيرة في اللاهوت المسيحي، فإنه لم يحظَ بالاهتمام نفسِه في الحضارة الإسلامية. وبعد تكوُّن الحكمة كان لا بدَّ من تصنيفها إلى علوم، واختلف التصنيف وَفقًا لكلِّ فيلسوف ومدى تبحُّره في الفلسفة.