الهجوم على المقر السرِّي!
لم تمرَّ دقائق حتى كان الشياطين اﻟ «١٣» جميعًا في المقر السري، كانت هناك رسالة عاجلة قد وصلتهم، فانطلقوا بسرعة، ورغم أنهم حاوَلُوا في البداية أن يعرفوا سر الرسالة إلا أن أحدًا منهم … لم يَستطِع الوصول إلى السر … أخذوا جميعًا أماكنهم. وتعلقت أبصارهم بتلك الشاشة الكبيرة التي تَظهر عندما يشرح لهم رقم «صفر» خطة ما. كان الصمتُ يَملأ المكان … طالت فترة الصمت … حتى إن الشياطين بدءوا يَنظُرون إلى بعضهم. لكن فجأة … جاءهم صوت رقم «صفر» يقول: لا تتعجَّلوا. إننا أمام موقف جديد علينا. أرجو أن تأخذوا راحتكم … حتى أعود إليكم! كما أرجو ألا يُغادر أحد منكم مقعده.
وبعد قليل أضاء رقم «صفر» الشاشة الكبيرة أمام الشياطين، فظهرت خريطة مضيئة … قال رقم «صفر»: هذه خريطة لمدينة باريس … لقد اغتيل عميلُنا في فندق «باريس» الذي يقع في شارع «سان ميشيل» بالقُرب من المركز الثقافي المصري … ولا يَزال البوليس الفرنسي يُحاول الوصول إلى الذين نفَّذوا العملية.
ثم قال رقم «صفر»: إنني أعرف أن «أحمد» يُفكِّر في أجهزة التنصُّت المتحرِّكة، إن لديَّ تقريرًا عنها … تلك الأجهزة التي تُشبه «الخنافس» والتي تتحرك في الليل، تتسمع لأي إشارة لا سلكية في منطقة محيطها عشرة كيلومترات.
نظر الشياطين إلى بعضِهم، وتَركَّزت أنظارهم على وجه «أحمد» فترة، وقال رقم «صفر»: نعم. لقد تعامل «أحمد» مع تلك الأجهزة في مغامرة سابقة. لكنه تركها، عندما اتجه إلى الهند، في مغامرة «الجزيرة الذهبية» … إنَّ المعلومات التي كتبها «أحمد» كانت في غاية الأهمية … ولذلك فهي المفتاح الذي نجعله أملنا الآن.
مرةً أخرى أضيئت الإشارة الصفراء، وعرف الشياطين، أن هناك رسالة جديدة. قال رقم «صفر»: هناك رسالة قد تُضيف إلينا معلومات جديدة!
ابتعدت خطوات رقم «صفر». وغرق الشياطين في التفكير … إن وصول رسائل كثيرة بهذا الشكل يعني شيئًا واحدًا؛ أنَّ الموقف خطير جدًّا … وأنَّ العملاء في كل مكان يعملون بلا توقف.
قال «أحمد»: أظن أننا لن نَبتعِد هذه المرة كثيرًا. فمعنى أنَّ عصابة «سادة العالم» تتجه إلينا في المقر السري أنَّ منطقة العمل ستكون في منطقة محدَّدة. تؤكِّد ذلك أجهزة التنصُّت المتحرِّكة، التي التقَيت بها … أنها كانت في الطريق إلى المقر السري.
تحرك «مصباح» من كرسيه، وابتسمت «زبيدة»: إن معنى كلام «أحمد» أن منطقة العمل سوف تشمل مساحة واسعة من الصحراء.
نظر «أحمد» إلى الشياطين وابتسم قائلًا: إنَّني أعرف فيما يفكر «مصباح» الآن!
ضحك «مصباح» وهو يقول: إنني أُوافقك، أظنُّ أن «زبيدة» تُفكِّر أيضًا نفس التفكير!
اقتربت أقدام رقم «صفر» فأنصت الشياطين … كانت الخريطة المضيئة لا تزال تلمع أمامهم … جاءهم صوت رقم «صفر»: أيها الأصدقاء، إنَّ الأحداث تجري بأسرع مما كُنا نتوقع … لقد اختُطفَ عميل لنا في … «موريتانيا»، وهذا يعني أيضًا … أن عصابة «سادة العالم» تقترب منَّا بسرعة!
تغيرت الخريطة وظهرت خريطة أخرى لأفريقيا … ثم بدأت الأسهم المتحركة تتنقل على الخريطة. وقال رقم «صفر»: إن الأسهم تُشير إلى هذه الأماكن، التي نتوقَّع أن يدور فيها الصراع. إنها منطقة شمال أفريقيا كلها … ثم امتدادها إلى الجنوب والغرب. إنَّ اللون الأخضر أمامكم، يبين لكم المنطقة بوضوح.
سمع الأصدقاء صوت أوراق تُقلَّب، ثم قال رقم «صفر»: إنَّ لديكم معلومات سابقة عن بعض أفراد العصابة.
فجأة انطفأ النور. لم يتحرك أحد من الشياطين؛ فقد جاء صوت رقم «صفر» سريعًا: لا تهتموا. إنها إجراءات أمن … سوف يعمل المولِّد الكهربائي الخاص بقاعة الاجتماعات فورًا.
لم تمضِ لحظة، حتى أضيئت القاعة … غير أن الإضاءة لم تكن قوية … لكن الخريطة كانت مضيئة تمامًا.
قال رقم «صفر»: إن المعلومات لدينا تؤكِّد أن حركة العصابة سوف تبدأ من دولتين بالتحديد «المغرب» و«موريتانيا» … وهناك اتِّصال بيننا وبين أجهزة الأمن في الدولتين حول حركة العصابة … لكن هذا لا ينفي ضرورة رصد أي حركة في الدول المجاورة. على هذا، سوف يقوم «أحمد» و«عثمان» و«هدى» و«بو عمير» و«مصباح» و«زبيدة» بالمهمَّة … سوف يعود كل واحد إلى بلده … ويقوم بتحرُّكاته من هناك … وسوف يكون «أحمد» همزة الوصل بين … الجميع … أما باقي الشياطين فسوف يظلون في المقر السري، مع دوريات ليلية حوله.
صمت رقم «صفر» قليلًا ثم قال: والآن، عليكم أن تسألوا أية أسئلة.
لم يتوقع الشياطين الجملة الأخيرة، ولذلك، فإنهم صمتوا فترة، حتى إن رقم «صفر» سأل: أليست لديكم أسئلة؟ قد تكون الفترة قصيرة، وعلى ذلك سوف أمنحكم نصف ساعة راحة، تعقدون فيها اجتماعًا بينكم، ثم نلتقي هنا مرة أخرى.
أُطفِئت الخريطة وسُمِعت أقدام رقم «صفر» تَبتعِد، نظر الشياطين إلى بعضهم، ثم بدءوا يتحركون خارج القاعة.
كان الظلام خارج القاعة يُحيط بكل شيء … حتى إن الشياطين توقفوا قليلًا يُفكِّرون، إلا أنَّ «أحمد» تقدم خطوة عند باب القاعة، ثم داس على زرٍّ خفي في الأرض. فأضيئت الطرقات … ابتسم «أحمد» وهو ينظر إليهم قائلًا: هل نسيتم خريطة المكان.
لم ينطق الشياطين … كان من الواضح أنهم نسوا كل شيء، إلا التفكير في المغامَرة الجديدة. تحرَّك الجميع إلى الخارج. قال «أحمد»: الاجتماع في القاعة الصُّغرى بعد ربع ساعة. وبعد انتهاء المدة التي قضاها الشياطين في التجوُّل اتَّجهوا إلى القاعة الصغرى في نهاية الدهليز.
كان «أحمد» يجلس إلى مكتب صغير، وأمامه عددٌ من الدوسيهات … يقلب فيها حتى إنه لم يرفع رأسه ليرى من دخل أولًا.
جلسوا جميعًا في شبه حلقة … نظر إليهم «أحمد» ثم ابتسم قائلًا: لا أظن أنها مغامرة مُخيفة. صحيح أنها خطيرة … ولكنَّها لا تُخيف الشياطين.
ابتسمت «زبيدة» وقالت: نحن لسنا خائفين … إن المسألة فقط هامة.
أحمد: إذن علينا أن نقدم تصوُّراتنا …
صمت «أحمد» قليلًا ثم قال: إنني سأطرح أمامكم تصوُّري للموقف. نظر الشياطين إليه … سحب ورقة صغيرة من أحد الدوسيهات ثم قال: إنَّ هذا كشفٌ بأسماء الأعضاء الذين قُبض عليهم من عصابة «سادة العالم» في مغامرة سابقة، وهذه الأسماء ليسَت هي كل العصابة طبعًا. فهناك أعضاء كثيرون في أماكن كثيرة … متباعدة. لكن من المؤكد أن أسلوب عملهم يتشابه إلى حد كبير. أستطيع أن أتصور الآتي: اغتيال عميل في «باريس»، ثم خطف عميل آخر في «موريتانيا» هذا يعني أن المعلومات التي تحت أيدي العصابة هامة، وربما كافية، واغتيال عميل «باريس» قد يكون بسبب عدم استطاعتهم خطفه … وربما أيضًا إشارة منهم إلى رقم «صفر» بأن العصابة ستضرب بقوة … وهذا تهديد مباشر … ثم خطف عميل «موريتانيا» إنه يعني أن العصابة تستطيع عمل أي شيء، وأنها على بُعد خطوات من المقر. لا أعني خطوات بالقدم، ولكن أعني أنها قريبة … إن رقم «صفر» أعطانا حرية أن نتصرَّف … إنني أقترح أن تُكوَّن مجموعات عمل، في كل منطقةٍ مجموعةٌ … وتبقى مجموعة في المقر السري، ما رأيكم؟
قال «عثمان»: إنَّني أوافق وإن كنت أعتقد أن لا داعي لبقاء أحدٍ منَّا في المقر؛ فالحراسة الإلكترونية ورجال رقم «صفر» يَكفُون.
إلهام: إنني أقترح أن نبدأ باقتراح رقم «صفر»؛ كل واحد يذهب إلى بلده، ويحاول جمع المعلومات، ثم نلتقي هنا بعد يومين.
قيس: هذه أيضًا فكرة طيبة … ويُمكن أن نُنفِّذ الفكرتَين معًا … تتكون مجموعة العمل من اثنين … ويكون اللقاء بعد يومين.
خالد: إنني أؤيد فكرة «قيس» …
أحمد: إذن نأخذ الأصوات على أي اقتراح سوف نبدأ العمل. من يوافق على اقتراح «قيس» يرفع يده.
ارتفعت الأيدي كلُّها تؤيد اقتراح «قيس» … ابتسم «أحمد» وقال: إذن، ننفذ الاقتراح، والآن هل هناك أسئلة يمكن أن نُناقشها قبل أن نعود لاجتماع رقم «صفر»؟
لم يكد «أحمد» يَنتهي من سؤاله حتى تغيَّرت الإضاءة إلى اللون الأزرق. قال «أحمد»: إنَّ رقم «صفر» يدعونا إلى الاجتماع. هيا بنا.
أسرع الشياطين إلى قاعة الاجتماعات الرئيسية … وأخذُوا أماكنهم … لم تمضِ لحظات حتى كانت خطوات رقم «صفر» تَقترِب … وعندما استقرَّ في مكانه قال: لقد وصلَت معلومات جديدة، سوف تُفيدكم تمامًا. ومنها يُمكن أن يبدأ عملكم!
صمت رقم «صفر» قليلًا ثم قال: إن الأعضاء الجدد في عصابة «سادة العالم» والذين يقودون المعركة ضدنا، ثلاثة … «كولدر» وهو في حدود الخامسة والأربعين، هادئ تمامًا، وربما لهذا يُسمُّونه «كولدر» وهو خبير في الإلكترونيات. يميزه شيء ملفت للنظر؛ أن عينه اليُسرى مصابة بحالة عصبية. الثاني: «مودست» وهو رجل متقلِّب المزاج … يُدخن البايب في بعض الأوقات ثم يدخن السيجار في أوقات أخرى … ويُدخِّن السجاير في أوقات ثالثة، يضحك دائمًا. ودائمًا أيضًا يضع يده في حزام بنطلونه، ذكي تمامًا، أصلع، قصير القامة. وإن كان ماهرًا في ألعاب الكاراتيه وقد مثل بلاده رسميًّا … حتَّى إنه حصل فيها على جائزة «الحزام الأسود» … الخطة الموضوعة … هي نسف المقر السرِّي، بمجرد التوصل إليه، وهذا طبعًا ليس مسألة سهلة … ولكن إذا كان عميلنا في «موريتانيا» قد تكلم تحت أي ضغط، فمن الممكن أن يَعرفُوا منه الشفرة …
وسكت رقم «صفر» قليلًا، ثم قال: لهذا فقد تغيرت أرقام الشفرة السرية عندنا … وسوف تأتيكم مكتوبة … عليكم أن تقرءوها … ثم تحرقُوا الأوراق كالعادة.
أسرعت «زبيدة» بالسؤال: ما هو تقديرك للموقف؟
رقم صفر: من الصعب تحديد الموقف فلسنا نعرف كمية المعلومات التي لديهم.
صمت الجميع وسأل رقم «صفر»: هل من أسئلة أخرى؟
انتظر قليلًا، فلم يسأل أحد فقال: لقد تركت لكم حرية اختيار الطريقة التي تبدءون بها عملكم … فقط أعطوني خطة التحرُّك قبل خروجكم من المقر … تحياتي!