الفصل الأول

التُّبُو والتاريخ المجهول

تبدو الصحراء الكبرى على قدر عظيم من ثبات طبيعتها، إلا أننا لا نستطيع الجزم — على الإطلاق — بثباتها أو سكونها الديموغرافي والاجتماعي في أيٍّ من عصورها الماضية؛ فقد كانت الصحراء عبر التاريخ مجالًا خِصبًا للتنوع الديموغرافي وتمازج الأعراق واللغات، وتنبئ كتابات المؤرخين الإغريق، منذ القرن الرابع (ق. م.)، وكتابات المؤرخين الرومان بعد ذلك، عما شهدته الصحراء من تحولات تدريجية في بعض الأحيان، ومفاجئة في أحيان أخرى. بل إن الكتابات القديمة لهؤلاء المؤرخين، وإن مثَّلت في حينها مفاتيح مهمة لتجار دولهم وجيوشها، إلا أنها أصبحت في الوقت الحاليِّ مثار جدل بسبب تداخل تسمياتها وعدم دقة تعيينها الأقوامَ الصحراوية ومَواطنَها، وهو انطباع قد لا يُلغيه سوى اتفاق الباحثين على أن التَّرحال يظل سمة مميزة تسِم أقوام الصحراء، كما هو الأمر بالنسبة لمَواطنها التي تتسم بالانزياح بين زمن وآخر فيتم تعيينها بناءً على ذلك في أماكن مختلفة.

أما كتابات الرحَّالة ابتداءً من القرن الثامن عشر، مع بدايات استكشاف ليبيا التي كانت بوابة ممهَّدة نحو المجاهل العصية في قارة أفريقيا، فقد اتسمت هي الأخرى بنوع من عدم الدقة وضبابية التحيين، ولكنها تبقى — مع ذلك — مصدرًا أساسيًّا للتعرف على ماضي الصحراء ووصْل عصورها بعضها ببعض، ومتابعةِ ما شهده سكانها من تنوع وتداخل.

وعلى الرغم مما يُنسب من أصالة لقبائل التُّبُو فإن المعطيات الأثرية القليلة التي نجدها في الصحراء الكبرى لا تفيدنا كثيرًا إذا أردنا الحديث بشكل دقيق عن ماضيهم، بسبب تَرحالهم الدائم وتوزعهم على واحات الصحراء وأطراف السودان الشرقي والأوسط (جنوب ليبيا وتشاد والنيجر).١ ويُعتبر بحث معظم المراحل الزمنية من تاريخهم أمرًا شبه مستحيل؛ ذلك أن غياب التدوين الذي ينسحب على هذا النوع من البحوث بأكمله قد أدى إلى الاكتفاء عادةً بالمرويات الشفهية، وهي نادرة على كل حال، أما المرويات من غير التُّبُو فإنها عادةً ما تكون انعكاسًا لمدى اتفاق حامليها أو اختلافهم مع التُّبُو، أو هي عرضة للتأثر بهذا الشكل أو ذاك بصور نمطية شائعة عند أقوام الصحراء حول مجتمعات التُّبُو شبه المغلقة، والتي يعتبرها الكثيرون أشبه بالمَعزِل (Ghetto) الذي يصعب اختراقه أو معرفة ما فيه.

(١) التُّبُو في المحيط الجغرافي

يتوزع التُّبُو جغرافيًّا شرق فَزَّان٢ وجنوبها، وينتشرون في الجنوب الشرقي من الصحراء الليبية، متغلغلين جنوبًا حتى تخوم بحيرة تشاد، وشرقًا حتى الإقليم الشمالي الشرقي من النيجر. وحسب رِيكلوس في موسوعته الصادرة سنة ١٨٩٢م فإن التُّبُو يوجدون في «كل شرق الصحراء من خط ١٢° طولًا إلى الحدود المصرية، وبالاتجاه جنوبًا من فزَّان إلى كانِم،٣ وواداي،٤ ودارفور.»٥،٦ وقد لاحظ هُورْنمان٧ في رحلته من القاهرة إلى مرزق، عاصمة فزَّان، سنة ١٧٩٧م، أنهم يسكنون، ويحكمون أيضًا، الإقليم الذي يقع في المنطقة الصحراوية ما بين فزَّان ومصر، وأن «أقرب بقعة مسكونة شمال التُّبُو هي أوجلة٨ وسيوة،٩ ويجاورهم من ناحية الجنوب العربُ الرُّحَّل، ومن ناحية الغرب — فيما بعد فزان — أراضي الطوارق.»١٠،١١

أما اليوم فإن وجودهم يتركز في مناطق مختلفة من تشاد والنيجر وليبيا، منحسرين بذلك عن بعض أطراف الصحراء الكبرى وبلاد السودان الشرقي والمتوسط، بعد أن عاشوا لعدة عصور جوَّالين مترحلين في هذا المحيط الجغرافي الكبير دون تخوم محددة، ودون أن يعرفوا — أو يعرف غيرهم — على وجه التدقيق تاريخ تَرحالهم ذاك، ومَدْوَنَة توطُّنهم هذا.

والتُّبُو قوم رعاة من قبائل الصحراء الأصلية، كانوا يتحصنون عند الضرورة بجبال تِبِستي،١٢ وينتشرون إذا زالت الضرورات بين شعابه وسفوحه، يتوطنون مرابع الكلأ على أطراف الحواضر والواحات، يقتفون أثر السواد فيحلُّون بين الوديان، يقودون قطعان إبلهم، ويقيمون خيامهم حيث سنحت لهم المواسم والأنواء.

لا يعرِّف التُّبُو أنفسهم بهذا الاسم، إذ يسمُّون كل قبيلة منهم باسم عام هو «أَرْبِي»، وهي كلمة نلمح فيها بوضوح كلمة «عَرْبِي»، في صيغة محلية شائعة في أفريقيا لكلمة «عَرَبِي»، فحرف العين يتلاشى عادةً في الألِف في نطق التُّبُو.

أما كلمة «تُبُو» فالأرجح أنها تعني: أهل الجبل، أو الذين يقطنون الجبل، وتتكون من: «تُو»: صخر، جبل، أو بالأحرى الجبل (معرَّفًا) دلالة على سلسلة تِبِستي الجبلية الواقعة جنوب ليبيا وشمال تشاد، و«بو»: موطن، سُكنَى. وقد كان الرحَّالة ناختيغال من أوائل من نشر هذا الرأي نقلًا عن التُّبُو أنفسهم. قائلًا إن اسمهم يعني: Men of Tu، أي رجال الجبل أو الصخر.١٣
figure
مواطن التُّبُو وانتشارهم في الصحراء الكبرى.
ونعثر في العربية على كلمة ذات دلالة خاصة قد تحيلنا إلى سمة من السمات الاجتماعية القديمة لقبائل التُّبُو، فكلمة «تبا» لا يخصصها معجم لسان العرب في رواية ابن الأعرابي إلا لمعنًى يتيم: «غزا وغنم وسبى»،١٤ وقد كانت قبائل التُّبُو معروفة على مدى القرون الوسطى وما قبلها بغزوها القبائل المجاورة وسعيها من أجل غنائم الحروب، كما شارك بعضها في تجارة الرقيق فكانت جزءًا منها حتى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وهو الأمر الذي تحفظه جيدًا مرويات التُّبُو الشفوية في الوقت الحالي.
figure
تبستي على المنطقة الحدودية بين ليبيا وتشاد.
إننا لا نعثر في الكتابات التاريخية القديمة على إجابات شافية عن موطن قبائل التُّبُو الأصلي، ومن غير المجدي البحث عن ذلك، خاصة وأنها كانت مترحلة بين أطراف الصحراء الكبرى منذ القدم، ولكن نشأت عدة فرضيات تفسر وجودها حول سفوح جبال تبستي، وهي فرضيات لا يمكن ترجيح إحداها دون الأخرى لغياب القرائن اللُّغوية والاجتماعية، كما أنها لا تصمد أمام ما تأكد من صلة كانت قائمة متصلة بين جنوب الجزيرة العربية وشرق أفريقيا، بما في ذلك «التأثير البيولوجي للشبَه في الجزيرة العربية على القرن الأفريقي إذ يُشعَر به على شعوب هذه الجهة: الصومال، الإثيوبيين. لكن أيضًا — بدون شك — يُشعَر به على التُّبُو والفُلان والصنگي والهَوسا … إلخ.»١٥ ويشير التنوع العجيب «في الطباع الوراثية الأفريقية إلى تطور طويل المدى في هذه القارة، وما لدينا من بقايا متحجرة مما قبل التاريخ يبين انتشارًا واسعًا جدًّا لنَموذج جنوبي الصحراء، من أفريقيا الجنوبية حتى شمال الصحراء، كما كان لمنطقة السودان دورُ مفترَقِ الطرق بالنسبة لهذا الانتشار.»١٦

وربما يكون اللجوء إلى «التأثير البيولوجي للشبَه» مسألة غير علميةٍ تمامًا، ويشوبها التخمين؛ إذ لا يُخلَص منها إلا إلى تعميمات غير مؤكدة تكون قابلة للتحوير أو النقض، ولكن ماضي شمال أفريقيا والصحراء الكبرى كان على الدوام مسرحًا تعتمل فيه التفاعلات بجميع أنواعها، ويعتبر التمازج العرقي والثقافي نتيجة منطقيةً تمامًا لهذه التفاعلات، ومن هنا فقط يمكننا أن نتحدث عن تنوع «الطباع الوراثية» التي تكونت عبر هذا التاريخ الطويل.

إننا قد لا نستطيع الحديث عن نَموذج صحراوي محدد مثلًا، أي ضمن مسطرة عرقية وإثنية ثابتة لا تتغير، ولكننا نستطيع — بكل تأكيد — أن نتحدث عن نموذج متأثر ببيئة الصحراء الطبيعية أو الثقافية أو الاجتماعية، بما يشكل مظاهر هوية متقاربة وإن لم تكن متطابقةً تمامًا.

(٢) التُّبُو في المحيط الإثني

لقد حاول أوريك بيتس في كتابه «الليبيون الشرقيون»١٧ أن يكون أكثر اعتدالًا أثناء سعيه وراء تلمس الملامح الإثنية في هوية التُّبُو فلم ينسبهم إلى الزنوج Negros أو شبه الزنوج Negroid بل إلى الحاميين السُّمر Dark Hamites١٨ الذين «ربما كانوا مزيجًا من حامِيِّي الصحراء وزنوج السودان»، على أن خريطته لإعادة تحديد مواطن الحاميين جاءت على نحو جامع وإن تداخلت فيها التفاصيل الإثنية والثقافية.
أعاد بيتس «تخريط» سكان شمال أفريقيا والصحراء على النحو التالي:١٩
  • (١)

    الغوانش (جزر الكناري).

  • (٢)

    الحاميُّون الأطلسيون (يقاربهم بيتس مع الحَرَاطِين والترازا).

  • (٣)

    حاميُّو المتوسط (وهم مختلطون مع أعراق أخرى كالساميين العرب).

  • (٤)

    حاميُّو الصحراء (خليط من الزنوج والعرب، ولكنهم أنقى في الوقت الحالي من بقية الأعراق الحامية).

  • (٥)

    الزنوج البربر: خليط من العِرقَين الزنجي والبربري مع تأثيرات سامية وعربية، وموطنهم الأصلي هو شرق أفريقيا.

  • (٦)

    التُّبُو (الحاميون السُّمر وربما كانوا مزيجًا من حاميي الصحراء وزنوج السودان).

  • (٧)

    المصريون (عرق مختلِط منذ قديم الزمان وفيه تأثيرات من حاميي الصحراء والزنوج النيليين والساميين).

  • (٨)

    النوبيون (عرق يشابه التُّبُو ولكن بزنوجة أكبر).

  • (٩)

    البِجا (نتاج اندماج حاميي الصحراء والنوبيين والساميين).

  • (١٠)

    الإثيوبيون (التكوين نفسه مع تأثيرات زنجية).

  • (١١)

    الدناكلة (التكوين نفسه مع درجة سامية أكبر).

  • (١٢)

    الصوماليون (التكوين نفسه مع درجة زنوجة أكثر).

  • (١٣)

    الغالا (التكوين نفسه مع درجة سامية أقل).

  • (١٤)

    الماساي (عرق شبه زنجي ربما بتأثير حاميٍّ خفيف وتأثير ساميٍّ قديم، وإثنولوجيا هذا العرق يحيطها الشك).

وقد اقترح بيتس أن يعاد تصنيف هذا التقسيم إلى أربع مجموعات كبرى تتفرع إلى وحدات أصغر، وهي:

  • (١)

    الحاميون الليبيون أو الغربيون: (الغوانش، حاميو الأطلسي والمتوسط، التُّبُو).

  • (٢)

    الساميون الحاميون أو الشماليون الشرقيون: (المصريون، البجا، الدناكلة).

  • (٣)

    الحاميون الإثيوبيون أو الشرقيون: (الإثيوبيون، الصوماليون، الغالا، النوبيون).

  • (٤)

    الحاميون الجنوبيون المختلطون: (الماساي، الزنوج البربر).

وبالرغم مما يشوب هذه التصنيفات الجامعة من تعميم وعدم دقة، فضلًا عن أن التصنيف الأفروآسيوي يحل بكفاءةٍ بدلَ التصنيف السامي والحامي الذي كان متداولًا، إلا أن ما يميز هذه التصنيفات هو عدم اختلافها الكبير مع التصنيف الإثني اللُّغوي اللاحق الذي حافظ في وحداته الكبرى على هذه التقسيمات.

figure
خريطة بيتس الإثنية: الأعراق السامية-الحامية في أفريقيا، التُّبُو يشغلون القسم VI

(المصدر: الليبيون الشرقيون، ٤٥)

ومهما كانت حقيقة هذه التصنيفات الإثنية اللُّغوية فإن ذلك لا ينقض بحال من الأحوال الرأي المرجَّح حول بُدائية التُّبُو وكونهم أحد الأعراق التي أسست في نطاقها الجغرافي ما نشهده من تركيبة عرقية ولُغوية أفريقية.

(أ): المكتهفون Troglodyte

يرى بعض الباحثين أن أسلاف التُّبُو هم المكتهفون (التروغلوداي) أي سكان الكهوف، الذين كان موطنهم جنوب موطن الغَرَمنت،٢٠ وهم من الإثيوبيين (أي السود).٢١ وقد ذكر هيرودوت (٤: ١٨٣) أن الغَرَمنت يطاردون المكتهفين الإثيوبيين الذين هم «أسرع في الجري من أي قوم بلغتنا أخبارهم»، وقال: «هم يعيشون على الثعابين والسحالي وأشباه الزواحف، ولا يشبه كلامهم أي كلام آخر في العالم، بل هو مثل زَعيق الخفافيش». ووصف سترابو (٢: ٣٣) أرضهم بأنها «في الجزء الأكبر منها صخرية وصحراء رملية». أما بليني الأكبر (٥: ٥) فيشير إلى عَلاقات تجارية كانت قائمة بين المكتهفين وبين الرومان، ومن الواضح أن المكتهفين قد نالوا حماية الرومان الذين عملوا على القضاء على الغَرَمنت وهم أعداء المكتهفين. يقول بليني: «سكان الكهوف هم الذين لا تتعدى صلتنا بهم تجارة الحجر الكريم المجلوب من إثيوبيا، وهو ما نسميه نحن العقيق الأحمر». ذكرهم هيرودوت (٤: ١٨١، ١٨٣) وبليني (٢: ٢٢٨) و(٥: ٣٤، ٤٣) وبطليموس (٤: ٤: ٦).٢٢

ولعل القول بأن التُّبُو هم المكتهفون الوارد ذكرهم لدى المؤرخين اليونانيين والرومان ليس إلا من قبيل التخمين الذي لا يعتمد إلا على لون البشرة وسُكنى الكهوف لا غير، إذ إن هذه الصفة أصبحت كما لو كانت تقليدًا تاريخيًّا يجري الأخذ به كلما تحدث المؤرخ عن المكتهفين.

من ذلك — مثلًا — أننا نجد في «رحلة حنُّون إلى الأرجاء الليبية وراء أعمدة هرقل» أن الإثيوبيين (أي السود) يقطنون وراء نهر لِكسوس في منحدرات الجبال على ساحل المحيط الأطلسي و«في جوار الجبال يعيش المكتهفون Troglodyte، وهم رجالٌ بمظاهر متعددة الأشكال»، ويوصفون أيضًا بأنهم «يجرون أسرع من الخيول»، كما يصفهم نصُّ الرحلة بأنهم «غير مضيافين»، وأن الفينيقيين «تدبروا مترجمين منهم بمشقة.»٢٣

ولعل في هذا المثال ونحوه ما يدل على نوعٍ من التقليد الذي كان سائدًا بين المؤرخين القدامى الذين يُطلقون بسهولة صفة أو اسم «مكتهفين» على الأقوام السوداء التي تعيش في المناطق الجبلية، سواء كانوا في الصحراء الكبرى أو على أطرافها من المحيط الأطلسي غربًا إلى غرب نهر النيل شرقًا.

(ب): التدامنسي Tedamansii

أشار إ. ريكلوس (١٨٣٠–١٩٠٥م) إلى إمكانية مماثلة التدا (أي التُّبُو الشماليون) بقبيلة «تدامنسي» الغَرَمنتية التي ذكر أن بطليموس حدد موقعها في طرابلس (أي ليبيا الحاليَّة).٢٤ والتدامنسي قبيلة ليبية قديمة ربما كانت «من قبائل غَدامس في فزان، وربما كانت من الغتولي، وقد ذكرهم بطليموس (٤: ٣: ٦).»٢٥ وبقدر ما يبدو تحديدُ هذه الصلات غيرَ ممكن في الوقت الحالي فإن التجانس بين اسمي «تدا» و«تدامنسي» لا يبدو عديم الدلالة، وإذا اعتمدنا إشارة بطليموس فإن علينا في هذه الحالة أن نصعد بموطنهم باتجاه الشمال الغربي، فالتدامنسي جعلهم بطليموس جنوب السماموك، وكان موطن قبيلة السماموك Samamukii «شمال شرق الجبل الغربي حيث المكا Maces أو المكاي، وقد ذكرهم بطليموس (٤: ٣: ٦) و(٤: ٣: ١١) وقال إنهم بالقرب من قبيلة كنيف أو كينوبي Cinyphii»٢٦ وهي «قبيلة يعود اسمها إلى نهر كينوب (وادي كعام) وكانت بالقرب من شرق وجنوب لِبدة الكبرى، وهي من المكا أيضًا، وقد وُصف رجال كينوبي في جيش حَنِبعل بأنهم مكا. كما ذكرهم سيليوس إيتاليكوس في (٢: ٦٠) وبطليموس أيضًا في (٤: ٦: ٣).»٢٧

وبمقارنة ذلك مع ما نجده لدى بيتس من جمْع بين التُّبُو وعدة أعراق أخرى هم الغوانش وحاميو الأطلسي وحاميو المتوسط تحت تسمية «الحاميين الليبيين أو الغربيين» قد لا نتردد على الإطلاق في القول إن التُّبُو (أو التدا على الأخص) قد توطنوا في مرحلة سابقة إلى الشمال الغربي أكثر بكثير مما يُعتقد الآن، وهو الأمر الذي يشي به ترجيح صلة قبيلة التدامنسي التي استوطنت غدامس بالتُّبُو الشماليين (التدا) الذين استوطنوا جبال تِبِستي.

إن تاريخ التُّبُو الغامض هو جزء من طبيعة التَّرحال الدائم التي كانت عليها القبائل الليبية القديمة التي حَدد الجغرافيون والمؤرخون اليونانيون مواطنها أول مرة في القرن الرابع قبل الميلاد، بعد عصور اتسمت بانتشار أنماط العصر الحجري التي غلب عليها الجمع والصيد، وتميزت بغياب التدوين وعدم الاستقرار الذي لم يتحقق إلا بعد انتشار الزراعة وقدوم الكنعانيين (الفينيقيين)، ولا يمكننا بصدد التُّبُو أيضًا إلا أن نتوقع استمرار تَرحالهم إلى الجنوب إلى أن توطنوا مرتفعات تِبِستي، أي إن هذه المرتفعات تكون في هذه الحالة مهدًا ثانيًا للتُّبُو ربما تم استيطانه مع توغل الرومان جنوبًا، وبعد أن قام سِبتِموس سِفِيروس الذي حكم الإمبراطورية الرومانية بين ١٩٣ و٢١١م بإخضاع القبائل الليبية لا سيما قبائل الغَرَمنت والنَّسَامون، وبعد أن نصَّب قوات مراقبة متقدمة وقلاعًا وحاميات في الدواخل بما عُرف باسم التخوم الطرابلسية Limes Tripolitanus، وهي على هيئة قوس يمتد من لِبدة الليبية إلى قابس التونسية،٢٨ مرورًا بغدامس (موطن التدامنسي) التي أنشئت فيها قلعة رومانية جعلتها إحدى أكبر نقاط المراقبة والدفاع الأمامية.
إن معطيات هذه الفرضية مجتمعةً تستدعي القول أيضًا بصلةٍ ما بين التدا والغَرَمنت، أي أن التدا كانوا فرعًا من الغَرَمنت اضطُر إلى مغادرة موطنه الأصلي الذي كان يقع إلى الشمال الغربي ليتوطن جنوب فزان، أي جنوب عاصمة الغَرَمنت الذين «كانوا يسيطرون على منطقة واسعة من ليبيا تمتد من الحمادة الحمراء شمالًا وجبال أَكاكوس وتَدْرارْت غربًا وجبال تِبِستي جنوبًا وجبال العوينات وواحات الكُفرة شرقًا.»٢٩ ولم تكن هذه الأقاليم نمطيةً من الناحية الإثنية، حيث «تميل البحوث الأثرية التي أجريت على بقايا القبور إلى القول بأن الغَرَمنت كانوا ينتمون إلى أربع مجموعات سلالية: اثنتان بيضاء وواحدة زنجية والرابعة مزيج من هذه السلالات.»٣٠

أما المكتهفون الذين ذكر هيرودوت (٤: ١٨٣) الذي عاش بين ٤٨٤ و٤٢٤ق.م. أن الغَرَمنت كانوا يطاردونهم، فإنهم يبعدون زمنيًّا عن تَرحال التدا إلى الجنوب بحوالَي ٦٥٠ سنة. ونرجح أنهم كانوا أسلاف القبائل الزنجية التي تعيش قرب بحيرة تشاد (بُرنو، كانِم، … إلخ) بعد أن تم دفعهم باتجاه الجنوب لتحتل قبائل التدا مواطنهم وبعد أن أصبح تَرحال التدا إلى الشمال حيث مواطنهم الأصلية واختراق خط الدفاعات الرومانية المسمى «خط التخوم الطرابلسية» مستحيلًا دون الدخول في حرب خاسرة مع الفرقة الإمبراطورية.

لهذه الأسباب مجتمعةً فإن أسبقية اسم «تدا» على اسم «تِبو» لها ما يبررها من حيث إن عصورًا سبقت توطُّنَهم مرتفعات تِبِستي التي نُسب إليها اسمهم الجديد «تِبُو» دون أن يُعرَفوا قبل ذلك إلا باسمٍ أقدم هو «تدا» الذي تم اختزاله من اسمهم الأكثر قدمًا أي: «تِدامنسي»، وصلة هذه القبيلة بالغَرَمنت تجعلنا بالتالي نرى في التدا خلفًا للغَرَمنت، كما تجعلنا نبحث عن لغة الغَرَمنت المفقودة في لغة التدا دون سواها.

لقد حافظت بعض القبائل الليبية القديمة على أسمائها الأصلية محورة بهذا الشكل أو ذاك، بينما استبدلت معظم القبائل أسماءها بين زمن وآخر، ونادرة هي القبائل التي احتفظت بأسمائها الأولى كما هي، ولربما نستنتج مما مر من تحليل أن الاسم الذي ساد طوال التاريخ، أي «تدامنسي»، ثم تم اختزاله إلى «تدا» قد عاش إلى ما قبل القرن السابع بقليل، أما مع بدء انتشار الإسلام في شمال أفريقيا، فإن كلمة «تبو» قد كانت تدل على قبائل التِّدا وغيرها من التفرعات القبلية؛ لاشتراك هذه الكلمة في اللغتين التِّدَويَّة والعربية في معانٍ دالة على أبرز سمات هذا الشعب، فهي تؤدي في اللغة العربية معنى الغزو والنهب والغُنْم. وتؤدي في لغة التِّدا معنى اللجوء إلى الجبال وتوطنها، فكانت بذلك اسم عَلَم جامعًا نالَ قبول الأهالي والأقوام المجاورة في الوقت نفسه، وشاع استعماله ليشمل التدا الأصليين والقبائل التي نزحت لاحقًا نحو الجنوب فالتحقت ببحيرة تشاد أو سهول السافانا، وهي صالحة للتوطن والرعي، وكونت بذلك فرعًا مستقلًا نما وازداد تَعداده حتى أصبح أكبر بكثير من الأصل الذي تحصن بمرتفعات تبستي دون أن يتجاوز الواحات والوديان القريبة من موطنه هذا.

(٣) التُّبُو في المحيط الديموغرافي

يشير الرحَّالة الألماني ناختيغال٣١ إلى مظهر سكان فزان البالغ التنوع إبان رحلته إلى الصحراء سنة ١٧٩٧م قائلًا: «إن سكان فزان اليوم يمثلون خليطًا حقًّا، ومن الممكن أن يخلق توضيحُ وتحليل ذلك صعوباتٍ جمةً أمام الرحَّالة. ففي الجنوب، في تجرهي،٣٢ ومدروسة،٣٣ وبخي،٣٤ والقَطْرون،٣٥ يوجد التُّبُو الأقحاح من تبستي، وفي الجنوب الغربي، حيث الوادي الغربي،٣٦ هناك الطوارق الأقحاح، وفي الشمال والشرق (سوكنة،٣٧ وودان،٣٨ وتِمِسة)٣٩ توجد مواطن منفصلة يسكنها البربر الشماليون. أما العرب الأقحاح المقيمون، والعرب والبربر الرُّحَّل، والأرقاء الذين من بُرنو٤٠ وولايات الهَوسا٤١ وبلدان أفريقيا الداخلية، وأبناؤهم — الأرقاء والأحرار — فيوجدون متوزعين على طول البلاد وعرضها. وأخيرًا نرى في كل مكان أناسًا غير محدَّدي الهوية لا ينتمون إلى أيٍّ من أعضاء هذه المجموعات، ولكنهم يشبهون الكثير منهم. هؤلاء — احتمالًا — يمثلون اللب الصغير من الفزازنة الأقحاح وقد تغيروا بفعل الزمن.»٤٢
يضيف ناختيغال بعد ذلك: «إن الغَرَمنت، سكان البلاد الأصليين، أنشَئوا مع قبائل أخرى من الصحراء، الموجة الثانية من الليبيين، ليمثلوا بذلك مستوًى جديدًا من التداخل. لقد كانوا جيران الإثيوبيين الذين عاشوا إلى الجنوب منهم، وكانوا يشبهونهم إلى حد بعيد، وقد قاموا بانتقال تدريجي واضح من سكان بلدان الساحل إلى القبائل التي تعيش على طرف الصحراء الجنوبي. وكانت مراحل هذا الانتقال سببًا في ظهور عبارة الميلانوغيتولي٤٣ بين القدماء، وقادت دوفيرير٤٤ إلى الحديث عن قبائل إثيوبية فرعية Sub Ethiopian، وبالذهاب باتجاه أعلى النيل يستطيع المرء أن يرى بنفسه كيف أن سكان مصر العليا يندمجون بشكل تدريجي تمامًا مع البربر أو البرابرة،٤٥ والبجا،٤٦ وهؤلاء يندمجون ثانيةً مع السودانيين.
إن التُّبُو الجنوبيين (الدَّزا) يمثلون درجةً قريبة من الزنوج بأكثر مما يمثلها التُّبُو الشماليون (التِّدا). وتوجد صعوبة ما في تحديد كيف يجب تقدير الزَّغاوة٤٧ في دارفور الشمالية! ومع ذلك فهم قريبون جدًّا بدرجة واضحة بما يكفي ليكونوا بين الطوارق وبربر المناطق الساحلية. ولدينا على هذا النحو سلسلة من التدرجات والتحولات التي تمثل خطوط الحدود الدقيقة التي يكون من الصعب رسمها عادةً.»٤٨

ويبدو الحراك الديموغرافي الذي عرَفته قبائل التُّبُو متداخل المسارات، فإذا افترضنا قِدم التُّبُو الشماليين على التُّبُو الجنوبيين فإن ذلك يعزز فرضية صلة التدا بقبيلة التدامنسي القديمة، أي إن جبال تبستي تكون في هذه الحالة مهد التُّبُو الثاني الذي ربما استوطنته بين ١٩٣–٢١١م كما ذكرنا. على أن هذه الفرضية لا تُلغي طبيعة التَّرحال الدائم التي ميزت قبائل التدا، والتي تبدو قبائل الدزا مقارنةً بها أكثر استقرارًا وتوطنًا.

نستطيع من خلال فك نسيج الخليط الذي ذكره ناختيغال أن نعود — بهذا الشكل أو ذاك — بكل عِرق إلى موطنه الأم. إن ناختيغال يتحدث عن: التُّبُو الشماليين، والتُّبُو الجنوبيين، والطوارق، والعرب المقيمين، والعرب الرحل، والبربر الشماليين، والبربر الرحل، والأرقاء والأحرار من بُرنو والهَوسا، والزَّغاوة. أما الفزازنة (نسبةً إلى فزَّان) فإنهم يبدون بالنسبة له: «غير محدَّدي الهوية ولا ينتمون إلى أي من هذه المجموعات»، وإذا كان من الممكن لهذه المجموعات أن تندرج بشكل ما تحت اسم «الليبيين» فلأن هذا الاسم بالغ المرونة من الناحية التاريخية، وهو قد يشمل شمال أفريقيا، كما قد يشمل القارة بأسرها — باستثناء مصر — وفقًا لزمن استخدامه، أما أثناء الحديث عن «الصحراء الليبية» فإن الدلالة تذهب مباشرة إلى ذلك الجزء من الصحراء الكبرى الذي يقع غرب النيل ويتلاشى تدريجيًّا كلما اتجهنا غربًا وصولًا إلى الأطلسي. وبعبارة أخرى تبدو الصحراء الليبية كما لو كانت اصطلاحًا تاريخيًّا (تعبره المسارات العرقية واللُّغوية) قبل أن تكون اصطلاحًا جغرافيًّا، أما فزَّان فإنها الصورة الجغرافية المصغرة عن الكِيان التاريخي للصحراء.

figure
النسيج اللُّغوي الاجتماعي في ليبيا.

وبالعودة إلى الخليط الناختيغالي في فزان فإن المجموعات العرقية تبدو وقد توطنت الصحراء قادمةً إليها من موطنها الأم. يمكننا الحديث عن أغادس بالنسبة للطوارق، وجبال الأطلس بالنسبة للبربر. أما الأرقاء والأحرار الزنوج فهم قادمون من بُرنو، بينما كان الزَّغاوة وما زالوا بين دارفور وتشاد، في حين أن العرب يشكلون الجسم الديموغرافي للحوض الأفروآسيوي فيتوطنون شمال أفريقيا وينتشرون في جيوب قبلية على امتداد الصحراء. والفزازنة عرب لا يخلون من تأثيرات أفريقية. إن المجموعة الوحيدة التي يمكننا استثناؤها هنا هي التُّبُو الذين لا تشير أيٌّ من المصادر التاريخية — على الإطلاق — إلى مغادرتهم الصحراء، منذ أن توطنوا مرتفعات تبستي.

١  جعَل العربُ السودانَ اسمًا يجمع أقوام جنوب الصحراء من غانا غربًا إلى السودان الحديث شرقًا دون تحديد دقيق لنهايته في بلاد الزنج، واستخدمه الفرنسيون بمعنى منطقة الساحل الأفريقي أو ما عُرف بالسودان الفرنسي (مالي وتشاد والنيجر). وعندما استعملت بريطانيا في القرن التاسع عشر هذا الاسم أطلقته على ما عُرف بالسودان المصري الإنجليزي، ونستخدمه هنا بدلالته العربية ضمن التقسيمات التالية: السودان الغربي (حوض السنيغال، غامبيا، بوركينافاسو، النيجر الأوسط)، والسودان الأوسط (المناطق المحيطة ببحيرة تشاد وتمتد شمالًا حتى جبال تِبِستي وما يتاخمها شرقًا وغربًا)، والسودان الشرقي أو الأفريقي (مناطق النيل وروافده جنوب النوبة).
٢  فزَّان هي الإقليم الجنوبي الغربي من ليبيا الحديثة، وتمتد في الكتابات التاريخية حتى حدود مصر الغربية، وكانت قديمًا تضم مملكة جَرمة، ثم أصبحت جزءًا من مملكة كانِم في القرن الثالث عشر، ثم استقلت وعُرفت باسم «دولة أولاد امحمد» (١٥٥٠–١٨١٣م) وعاصمتها مرزق، إلى أن سيطر عليها العثمانيون في القرن السابع عشر.
٣  كانم Kanem: تأسست مملكة كانِم الإسلامية سنة ٨٠٠م على يد العرب والزنوج، وظلت قائمة حتى أواخر القرن التاسع عشر. انتسب سلاطينها إلى سيف بن ذي يَزَن، وكانت تُخُومها تمتد إلى فزَّان شمالًا، ومن النيل غربًا إلى النيجر شرقًا، وهي الآن مقاطعة تشادية شمال بحيرة تشاد.
٤  واداي Wadai: تقع شرق بحيرة تشاد على طريق قوافل الرقيق وتجارة الجلود من أفريقيا والسودان إلى الكُفرة وبِنغازي. أصبحت في القرن السادس عشر سلطنة إسلامية مستقلة. دعمهم السنوسيون في مقاومتهم للاستعمار الفرنسي عدة عقود.
٥  دارفور Darfur: إقليم في غرب السودان الحاليَّة يتاخم بحر الغزال وكُردُفان، يحُدُّ جنوب شرق ليبيا، وشمال شرق تشاد، وأفريقيا الوسطى جنوبًا.
٦  هُورْنمان: ١١٧. انظر: ٤-١-أ.
٧  زار الرحَّالة الألماني «فريدريك هُورْنمان» فزَّان سنة ١٧٩٨م، ونُشرت مذكِّراته سنة ١٨٠١م. انظر: ٤-١-أ.
٨  تقع أوجلة على بعد ٤٠٠كم من الساحل الليبي جنوب بَرقة، واسمها القديم «أوجيلا». زارها هيرودوت (٤٠٠ق.م.) لرؤية معبد آمون. عُرفت بواحاتها التي كانت القبائل الليبية القديمة تقضي فيها موسم جمع ثمار النخيل. ويتحدث رِيكلوس عن أوجلة القديمة غير البعيدة عن المدينة الحديثة.
٩  سيوة: واحة تشتهر بالينابيع وعيون المياه العذبة. تقع على بعد ٣٠٠كم من الساحل المصري جنوب مرسى مطروح، وقد زارها الإسكندر المقدوني سنة ٣٣٣ق.م. فنصبه الكهنة ابنًا للإله آمون وأهدَوه تاجًا دينيًّا مقرَّنًا. يتحدث رِيكلوس عن سيوة القديمة وهي الآن مجموعة خرائب غير بعيدة عن مركز سيوة الحديثة.
١٠  الطوارق (أو إيموشاگ): شعب من الرُّحَّل يتحدثون التماشگ وهي فرع أمازيغي جنوبي، وقد كانت ممالك الطوارق التاريخية تتوزع بين الجزائر، ومالي، والنيجر، وبوركينافاسو، وجنوب غرب ليبيا، وبعض قبائلهم تتوطن غات الليبية الآن مع نسبة ضئيلة من الأعراق الأخرى، ويتوزعون في جنوب غرب ليبيا بالتناظر مع التُّبُو في جنوب شرق ليبيا.
١١  ريكلوس: ٤٦٨. انظر: ٤-١-ب.
١٢  سلسلة جبال في الصحراء الكبرى تمتد على مساحة ١٠٠٠٠٠كم٢، وهي مجموعة من البراكين الخامدة، وتُعتبر قمة إمِي كُوسي (٣٤١٥م) أعلى قممها. يقع معظمها شمال تشاد، وجزء صغير منها أقصى جنوب ليبيا. وبقدر قِدم هذه الجبال، باعتبارها موطن التُّبُو التقليدي، فإن المؤرخين القدامى لم يذكروا اسم هذه القبائل بشكل واضح، ولكنَّ ذِكر اسم تِبِستي عند بلِينِي الأكبر (٥: ٥) (انظر: ليبيا القديمة، مادة تِبِستي) يدل على وجود هذه القبائل منذ ذلك الوقت، وأتصور أن اسم تِبِستاي Tibestae، أي سكان الجبل أو التِّبِستيون، كان معروفًا قبل ذلك.
١٣  انظر: ٤-١-ب.
١٤  لسان العرب: تبا.
١٥  النظريات المتعلقة بالأعراق وتاريخ أفريقيا. الموسوعة الأفريقية، ج١، ص٢٧٨.
١٦  المرجع السابق.
١٧  Bates, Oric. The Eastern Libyans, An Essay, Macmillan and Co. London, 1914.
١٨  بيتس، ص٤٥.
١٩  نفس المصدر.
٢٠  الگرمنت (الغَرَمنت، الجرمنت) سكان جنوب ليبيا القدامى، عاصمتهم گرمة (غرمة، جرمة). وتميل البحوث الأثرية التي أُجريت على بقايا القبور إلى القول بأن الغَرَمنت كانوا ينتمون إلى أربع مجموعات سلالية: اثنتان منها بيضاء وواحدة زنجية والرابعة مزيج من هذه السلالات.
٢١  تعود كلمة الإثيوبيين Ethiopians إلى أصل يوناني يعني: ذوو الوجوه المصهَّدة أو المحترقة.
٢٢  ليبيا القديمة، مادة: مكتهفون.
٢٣  رحلة حنُّون، ص٤٤.
٢٤  ريكلوس: ٤٦٨.
٢٥  ليبيا القديمة، مادة: تيدمن.
٢٦  ن.م. مادة: سماموك.
٢٧  ن.م. مادة: كنيف.
٢٨  ليبيا القديمة، مادة: سبتموس.
٢٩  ن.م. مادة: غَرَمنت.
٣٠  ن.م. مادة: غَرَمنت.
٣١  غوستاف ناختيغال Gustav Nachtigal (١٨٣٤–١٨٨٥م) رحَّالة ألماني قام بحملة استكشافية إلى وسط وغرب أفريقيا وصولًا إلى التوغو والكاميرون اللتين أصبحتا أولى المستعمرات الألمانية في القارة. أصبح مستشارًا للإمبراطورية في تونس وأقاليم غرب أفريقيا. له: «الصحراء والسودان» في عدة أجزاء، طُبع الجزء الأول في ألمانيا سنة ١٨٧٩م، والجزء الثاني سنة ١٨٨١م، والجزء الثالث سنة ١٨٨٩م. وننقل هذا المقتطف عن الترجمة الإنجليزية: Sahara and Sudan, Translated by: Allan Fisher and Humphrey Fisher, Billing and Sons, London, 1974.
٣٢  تجرهي Tejerri: من بلدات محافظة مرزق (ليبيا).
٣٣  مدروسة Medrusa: من بلدات القَطْرون (ليبيا)، وهي غير مدروسة الجزائرية.
٣٤  بخي Bakhi: من بلدات القَطْرون (ليبيا).
٣٥  القَطْرون Qatrun: آخر مدن جنوب ليبيا، وتقع على بعد ١١٠٠كم جنوب طرابلس.
٣٦  الوادي الغربي Wadi el-Gharbi: منطقة جنوب شرق ليبيا بقرب إدري يسكنها الطوارق.
٣٧  سوكنة Soqna: من بلدات ودان (ليبيا)، تقع على شمال شرق جبال السوداء على بعد ٦٠٠كم جنوب شرق طرابلس.
٣٨  ودان Waddan: الاسم التاريخي لمنطقة الجُفرة الحاليَّة (ليبيا).
٣٩  تِمِسة Temissa: قرية في ودان (ليبيا)، تقع شرق زَويلة الأثرية بالقرب من الهَروج السوداء، وتقع تِمِسة الحديثة على بعد كيلو متر ونصف من القرية القديمة.
٤٠  بُرنو Bornu: ولاية في الشمال الشرقي من نيجيريا، غرب بحيرة تشاد، وقبائل البُرنو من الكانوري، وقد اعتنقوا الإسلام في القرن الحادي عشر.
٤١  الهَوسا Hausa (الهَوساوة): من أكبر الشعوب الأفروآسيوية في غرب أفريقيا، يتوطنون شمال نيجيريا وجنوب النيجر.
٤٢  Sahara and Sudan, p. 170.
٤٣  الميلانوغيتولي Melanogaetuli: الغيتولي السُّود. والغيتولي تجمُّعٌ من القبائل الليبية القديمة المعاصرة للغَرَمنت على امتداد تخومها باتجاه الغرب والشمال الغربي.
٤٤  هنري دوفيرير Henri Duveyrier (١٨٤٠–١٨٩٢م) مستكشف فرنسي قام في مطلع شبابه برحلة استمرت ثلاث سنين إلى المناطق الشمالية من الصحراء الكبرى. من مؤلفاته: «استكشاف الصحراء، طوارق الشمال» الذي نال عليه تكريمًا من الجمعية الجغرافية.
٤٥  البربر Berber، البرابرة Berabra: يستخدم ناختيغال هذا الاسم بدلالة عامة ليعني المتحدثين بالبربرية (الأمازيغية) وهم من أقدم الشعوب الأفروآسيوية في شمال أفريقيا، وهو يستخدم هذا الاسم هنا في سياق حديثه عن أقوام زنجية يعتقد بأصولها البربرية.
٤٦  البجا Baja (البجاة): شعب أفريقي من السودان بين نهر النيل وساحل البحر الأحمر، ينتشر من حلايب شمالًا إلى مَصوَّع جنوبًا.
٤٧  زَغاوة Zaghawa: قبيلة أفريقية بين السودان وتشاد، يصاهرون التُّبُو، واسمهم الأفريقي «بيري». من مدنهم أنكا (عنقا) في السودان، وباهية في تشاد.
٤٨  Sahara and Sudan, p. 171. وقد ساهمت هذه التحديدات الجغرافية والعِرقية — لاحقًا — في وضع الخرائط السياسية الأوروبية لدول شمال أفريقيا كما هي معروفة الآن.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤