لعل خير شرح لهذه القصيدة تقديم الترجمة النثرية على التعريب المنظوم وإليكها:
كأنَّ بعينيكِ سؤالًا تسألانه. فهما ساجيتا الطرف (حزينتان)، تتوقان إلى
إدراك معناي (وما بي) و(سبر غور فؤادي) كما يسبر القمر غور البحر (الهادئ
الرائق).
ولقد جرَّدتُ حياتي وعرضتُها لديك من أولها إلى آخرها ولم أخف عنك (وجهًا
من وجوهها) ولا ضننت بشيء منها. ولذلك لا تزالين (جاهلة بي) لا
تعرفينني.
ولو أنها جوهرة، لحطمتها مائة شذرة، ثم نظمتهنَّ في سلسلة أجعلها على
عنقك.
ولو أنها زهرة لا غير، حلوة وجميلة في كمِّها، لاقتطفتها عن غصنها
لأجعلها في شعرك.
ولكنه قلب، يا حبيبتي، أين ساحله وأين قعره؛ وما أدراك بحدود هذه
المملكة، على أنك أنت ملِكتُها.
ولو أنها دقيقة من اللذة (السعادة) لأزهرت في بسمة ورأيتها وعرفتها في
لحظة (من الزمان).
ولو أنه ألمٌ لذابَ في الدموع الصافية، وتلألأ سرَّه صامتًا.
ولكنه الحبُّ، يا حبيبتي. لذته وألمه (سعادته وشقاؤه) لا حدَّ لهما،
وعوزه وثروته لا يعرفان نهاية.
وهو قريب منك قرب حياتك، ولكن لا تستطيعين أن تعرفيه تمامًا وتقفي على
سرِّه.
عيونكِ سكرى بالشجون فواترُ
يطالعن سرًّا حجَّبتْه الضمائرُ
سناها كنور البدر يسبرُ أبحرًا
وصدريَ بحرٌ باللواعج زاخرُ
هتكتُ عذاري عن حياتي عرضتُها
لديكِ أواليها انجلَتْ والأواخرُ
ولم تعرفيني يا ذكاء قريحتي
وما أنا لولا ما أحبُّك شاعرُ
•••
ولو أنه درٌّ لآثرتُ حطمه
وقلتُ إلا سِلكٌ فهذي الجواهرُ
ونظَّمتُها عقدًا لجيدِكِ رائعًا
يباهي بهِ جيدَ الدُّمى ويُفاخرُ
ولو أنهُ في روضةِ الكون زهرةٌ
لقلتُ فدى عينيكِ زاهٍ وزاهرُ
وأنأيتُها عن فرعِها وجعلتُها
بفَرعِكِ نجمًا أطلعتهُ الغدائرُ
•••
ولكنهُ «قلبٌ» خضمٌّ قراره
بعيدٌ وشاطيه أهولٌ وعامرُ
ومملكةٌ فيحاءُ أنتِ مليكةٌ
عليها ومن نجواك فيها الأوامرُ
•••
ولو أن ما بي من زمانٍ مؤبَّدٍ
دقيقةَ أُنسٍ تجتليها الشعائرُ
لأنبتُّها في ثغرِ بشريَ زهرة
تعيش إلى أن تبتليها الهواجرُ
ولو أنَّه جُرحٌ أُعالج برءَه
وتنكأه سمر البلايا الخواطرُ
لأجريتُه دمعًا صفيًّا وبيَّنتْ
سرائر نفسي بالسجام المحاجرُ
•••
ولكنَّه «حبٌّ» كثارٌ سعوده
كثارٌ بلاياهُ وشتىَّ نوادرُ
وحاجاته كُثرٌ وكُثْر حظوظه
ويا لكِ ما أدراكِ والقلب طاهرُ
كروحكِ يجري في عروقكِ لا يُرى
وكل عيون الناس عنهُ حواسرُ