الفصل الثاني والعشرون
وهذه تكاد تكون «طبق الأصل» لولا قليلٌ من الزيادة لا يؤاخذ به معرب أو مترجم. وكنت
قد تخذت مثالًا للتصرُّف الذي استبحته لنفسي قولي «مثل روح الكهرباء» إذ لا أثر له في
الأصل، ونبهتُ شاعرنا إليه، فأبدى ارتياحه وسروره واغتفره لي ذنبًا. ولو أنني جعلت
صدر البيت الأول من الدور الأخير «ما له ليس يعود» لكنت آتيًا بترجمة الأصل حرفيًّا،
واستقام الوزن، واستقرَّت القافية؛ ولكنني كرهت تكرار «ليس» النافية فنفيت تلك
الصورة. وهذه الأغنيَّة ولا أقول القصيدة من جملة ما نشر في مجلة الهلال:
قال لي همسًا بلطفِ:
«لا تغضِّي الطرفَ عنِّي»
قلت إِجهارًا بعُنفِ:
«ولِّ ما يعنيكَ مِنِّي»
•••
لم يُزحزحه كلامي
بل ثنى كلتا يَدَيَّا
قلتُ: «لا تمثل أمامي»
فانثنى يرنو إِليَّا
•••
قرَّب العُنقَ المحلَّى
نحو جيدي بابتسامِ
قلتُ: «هل تخجل هلاَّ»
قال «عفوًا» باحتشامِ
•••
ثغرُه مرَّ بخدِّي
مثل روح الكهرباءِ
قلتُ: «ماذا لكَ عندي
يا خليًّا مِن حياءٍ»
•••
شكَّ في شَعريَ زهرةْ
قلتُ: «تذوي وتموتُ»
قال: «هذي البنتُ مرَّةْ»
وتولَّاه السكوتُ
•••
نزع الزهرة نزعًا
عاد في خُفَّي حنينِ
•••
وأنا أذرفُ دمعًا
ليتَه ينظر عيني
•••
ليتَه ليتَ يعودُ
إنني أبكي عليه
مسقمي ليس يعودُ
ودوا قلبي لديه