بينيلوب
ولكنه لم يكن طيف هند، ولا عبدة، لم يكن طيف عربية، ولا مصرية، ولا أوروبية، وإنما كان طيف امرأة بقي اسمها في ذاكرة الإنسانية، وذهبت بشخصيتها الغير والأحداث، ولعلها لم توجد قط، ولعل التاريخ لم يعرف من أمرها قليلًا ولا كثيرًا، ومع ذلك فقد قضيت الليل أفكر فيها، بل أسمع إلى حديثها ومناجاتها، هادئة مرة، ثائرة مرة أخرى، يملؤها الحنان حينًا، وتملكها الوحشية حينًا آخر، قضيت الليل أفكر فيها، وأسمع لأحاديثها ونجواها حين كانت تتحدث إلى خدمها، وحين كانت تتحدث إلى عشاقها، وحين كانت تتحدث إلى مرضع زوجها، وحين كانت تناجي الآلهة متلطفة آنًا، ومحنقة آنًا آخر، ثم حين كانت تناجي خيال زوجها الغائب، وتتحدث إلى زوجها وقد آب بعد غياب طويل، قضيت الليل أفكر فيها وأستمع لحديثها، وأعجب بقدرة الفن، لا أقول على إحياء من مات، وتجديد ما اندثر، بل على خلق ما لم يوجد، والتخييل إليك أنه قد وجد وأثر في الحياة آثارًا أبقى من أن ينالها الفناء، لم يكن هذا الطيف طيف عربية، ولا مصرية، ولا أوروبية، وإنما كان طيف يونانية، كان طيف «بينيلوب» زوج «أولس» بطل «الأودسا».
سمعتها أمس في دار من دور الموسيقى، «في الأوبرا كوميك» تتغنى عشقها ولوعتها، وحزنها لبعد من أحبت، وجزعها لقرب من كرهت. ففتنت بها، ولم أفارق صوتها ولا عواطفها طول الليل، وجزءًا غير قليل من النهار.
لست أدري أقرأت «الأودسا» أم لم تقرأ، وأنا أسمح لنفسي بهذا الشك؛ لأني أعلم علم اليقين وتجربة أن الأدب اليوناني سيئ الحظ في مصر، وأن سوء حظه قد بلغ من الشدة إلى حيث لا نستطيع تقديره، أو تقدير عواقبه السيئة، نجهل الأدب اليوناني، لا أقول جهلًا تامًّا، بل أقول جهلًا فاحشًا مخزيًا، لا يليق بقوم يحبون الحياة، ويطمعون فيها. نجهل هذا الأدب جهلًا فاحشًا بحيث نستطيع أن نحصي المصريين الذين يعلمون ما «الأودسا»، وما «الإلياذة»، ومن «أوليس»، ومن «بينيلوب»، ومع ذلك فقد كانت «الأودسا» و«الإلياذة»، وما زالتا وستظلان دائمًا ينبوع الحياة للأدب والفن: للشعر، والنثر، والنحت، والتصوير، والتمثيل، والموسيقى. بليت القرون ولم تبلَ «الإلياذة» و«الأودسا»، فنيت الأمة اليونانية، وفنيت الأمة الرومانية، واختلفت العصور والظروف على أوروبا في العصر المتوسط وفي العصر الحديث، وستفنى أمم وتختلف عصور وظروف، وتظل آيات «الإلياذة» و«الأودسا» جديدة خالدة، محتفظة بقوتها وبهائها، ورونقها على وجه الدهر وتعاقب الأحداث، ولا نكاد نحن نفترض وجود «الإلياذة» و«الأودسا»، فإذا افترضنا وجودهما فلا نكاد نعلم بشيء مما فيهما.
إلى هذا الحد وصلنا من الجهل بمصدر الحياة للأدب والفن، ويظهر أنَّا إذا لم نستطع أن نمعن النظر في هذا الجهل أكثر مما أمعنا، فليس وراء هذا الحد مطمع لمن يحب الجهل، ويرغب فيه، أقول إذا لم نستطع أن نمعن في هذا الجهل أكثر مما أمعنا فيظهر أنا لا نريد ولا نحاول أن نخلص منه قليلًا أو كثيرًا. يظهر أنا سنظل على ما نحن فيه من الأدب اليوناني والفن اليوناني؛ لأنا نرى كل شيء يتغير في مصر، ونرى الرقي يتناول كل شيء إلا التعليم، فهو بحمد الله باقٍ حيث كان؛ لأن المشرفين عليه لا يفكرون في تغييره، ولعلهم غير قادرين على أن يفكروا في تغييره. سيظل تلاميذنا يخلطون بين أثينا وصقلية كما يخلطون بين الإسكندرية وهانيبال.
ولكني بعدت عن هذا الطيف الذي أرقت له آخر الليل بعد أن طربت له أول الليل، قلت: إن «الأودسا» و«الإلياذة» كانتا وستظلان ينبوعًا للحياة الأدبية والفنية، فقد ألهمتا شعراء اليونان على اختلاف فنونهم وأساليبهم، وألهمتا الفنيين من اليونان، بل ألهمتنا فلاسفة اليونان، وكذلك صدر عنهما شعراء الرومان، وكذلك صدر عنهما، وما زال يصدر عنهما شعراء الإفرنج منذ القرن السابع عشر إلى ما شاء الله.
ولقد كانت القصة الموسيقية التي شهدتها أمس أثرًا من آثار «الأودسا»، اجتمع فيه جمال الشعر، وجمال الموسيقى، وجمال الغناء، وجمال الفن الآلي في التمثيل. فكنت تجد لذة لا تعدلها لذة حين تسمع أصوات الآلات الموسيقية وألحانها واختلاف نغمها الذي كان يرِقُّ حتى لا يكاد يُسمع، وكان يغلظ حتى يكاد يصم السامعين. وكنت تجد لذة لا تعدلها لذة حين تسمع هذه الأصوات الإنسانية العذبة الرخيمة تمازج نغم الموسيقى متغنية بهذا الشعر الجميل الرقيق الذي يمثل أرقَّ العواطف الإنسانية وأصدقها، وأدناها من الوفاء والحب والإخلاص. وكنتَ تجد لذة لا تعدلها لذة حين تسمع هذا كله وتنظر إلى مسرح التمثيل فترى هذه الجزيرة اليونانية القديمة كما وصفتها «الأودسا» في جمالها القديم الرائع الذي يزيده بهجة وسحرًا ما اتخذه الممثلون من أزياء، وما اصطنعوا من آنية ومتاع.
كنت تجد لذة حين كنت تسمع ما تسمع وترى ما ترى، ولم يكن يُنقص عليك هذه اللذة إلا أنها كغيرها من جميع لذات الحياة قصيرة محدودة المدى لن تتجاوز ساعة أو ساعتين؛ ذلك — فيما أعتقد — أخص ما تمتاز به اللذة الحقيقية التي تملك عليك نفسك وعواطفك وتسحرك السحر كله. تمتاز هذه اللذة بأنك تشعر حين تشعر بها بشيء من الحزن يصاحبها؛ لأنها ستنقضي بعد حينٍ طويلٍ أو قصير، وأنت تحب ألا تنقضي، وأنت تودُّ لو كانت خالدة، أو لو انقضت بانقضائها الحياة.
اشترك في هذه القصة الموسيقي الفرنسي «جبرئيل فوريه» والشاعر الفرنسي «رينيه فوشوا»، ومُثِّلت منذ عشر سنين فأعجب بها الجمهور وابتهج لها الناقدون، ولكنهم لم يجرءوا على أن يحكموا لها أو عليها؛ ذلك لأن فيها شيئًا من الغرابة كثيرًا، فهي لا تمثِّل الحياة في عصر نفهمه فهمًا يسيرًا سهلًا، وإنما تمثِّل الحياة في عصر بعيد منا كل البعد، بل لعل هذا العصر لم يعرفه التاريخ، وإذن فليس من اليسير أن نحسها نحن كما نحس الحياة التي نحياها، بحيث تتأثر بها نفوسنا، وتهتاج لها عواطفنا، فتبعث فينا ضروب الإحساس والشعور التي تبعثها فينا الحياة الواقعة.
تردَّد الناس في الحكم لهذه القصة أو عليها، ولكن كانت الحرب العظمى، فهزَّت النفوس والعواطف، وسهَّلت على الناس فهم هذا الشعر القصصي القديم الذي مثَّل ما أصاب الإنسان من محنٍ فأحسن تمثيله، وصوَّر ما اختلف على حياة الأفراد والجماعات من أحداثٍ فأجاد التصوير. فلما استُؤنف تمثيل هذه القصة لم يتردَّد أحد، ولم يَشُكَّ إنسان، وإنما ظهر الإعجاب صريحًا قويًّا لا يعدله إعجاب، فأجمع الناقدون على أن هذه القصة آية من آيات الموسيقى الفرنسية، وكان يكفي أن ترى الجمهور أمس، لتعلم أن الناقدين لم يخطئوا ولم يسرفوا.
عزيزٌ عليَّ أن أجهل الموسيقى، وأن يضطرني هذا الجهل إلى ألا أتحدث إليك بجمال هذه القصة من الوجهة الموسيقية، ولكني إذا جهلت الموسيقى وعجزت عن الحديث فيها، فإني أحسها وأشعر بها، وأستطيع أن أعلم أني سمعت شيئًا طربت له، أو سمعت شيئًا نفرت منه، وأشهد أني لم أنفر أمس، بل إني لم أطرب أمس، وإنما سُحرت سحرًا ليس فوقه سحر.
أشهد أني لم أكن أشك حين كنت أسمع هذه الموسيقى أني في جزيرة «إيتاك» وأني بمحضرٍ من أولئك الأبطال القدماء، بل أشهد أني حين كنت أسمع هذه الموسيقى لم أكن في حاجة شديدة إلى أن يصف لي واصف ما يمثِّله المنظر من هذه الجزيرة المشرفة على البحر التي يغمرها هواء رقيق ناعم شفاف، والتي تزدان بكثبانها، وتلالها الصغيرة تهبط إلى البحر متدرِّجة قليلًا قليلًا.
نعم، لم أكن في حاجة شديدة إلى أن يُوصف لي المنظر؛ لأن الموسيقى كانت تغنيني عن هذا الوصف، فكنت أحس في الموسيقى القرب من البحر، وكنت أسمع في الموسيقى أمواج البحر تضطرب وتصطخب رقيقةً حينًا كأنها حديث العاشقين، غليظةً حينًا آخر كأنها قصف الرعد، وكنت أجد في الموسيقى رقة الهواء ونعومته، وكنت أسمع هذه الموسيقى فلا أشك في أن الجو كان صافيًا رائقًا، أو أنه كان كدرًا يهيِّئ للعاصفة.
كنت لا أشك في شيء من هذا، وكنت لا أشك في شيء آخر هو أَجَلُّ من هذا خطرًا وأعظمُ شأنًا، كنت لا أشك في أن هذه القطعة الموسيقية تمثِّل ما يحدث في نفسي الآن من اضطراب العواطف واصطخابها وما يقع بينها من تنازع ومشادَّة، وكنت لا أشك في أن هذه القطعة الأخرى تمثِّل الضعف الذي ليس بعده ضعف، تمثِّل هذا الضعف الذي يسلبك كلَّ قوَّة على المقاومة، ويجعلك غير قادر إلا على أن تفتح جفنيك لتسقط منهما قطرات الدمع متتابعة منهمرة! نعم وكنت لا أشك في أن هذه القطعة الأخرى تمثل الغيظ والحنق، هذا الغيظ الذي تنقبض له أعصابك، فإذا جبينك مقطب، وإذا الدم يغلي في رأسك، وإذا أنت قد أطبقت يديك، وإذا أنت تقاوم هذا الميل الشديد الذي يدفعك إلى أن تهب وتهجم على فريستك. لم أكن أشك في شيء من هذا؛ لأني كنت أحسه، وأنتقل فيه من طور إلى طور، بل هناك ما هو خير من هذا، هناك هذه القطع الموسيقية التي تبعث في نفسك شيئًا من الحنان والرحمة، ومن الطمأنينة والدعة، لا أستطيع أن أصفه، ولا يستطيع إنسان أن يصفه؛ لأن وصفه لم يتح للجمل والألفاظ، وإنما أتيح للأنغام والألحان وحدها.
ولكني عاجز — كما قلت — عن أن أصف جمال هذه القصة من الوجهة الموسيقية، أفتريد أن أصف جمالها من الوجهة الأدبية؟ لقد كنت أحب ذلك، وأرغب فيه، ولكن أليس خيرًا من هذا الوصف الذي لا يمكن إلا أن يكون موجزًا مختصرًا أن ترجع إلى هذا الجمال في أصله، وأن تستقيه من ينبوعه، فتقرأ النشيد الرابع والعشرين من «الأودسا»؟ تجد في هذا النشيد قصر الملك «أوليس» قد غاب عنه صاحبه منذ عشر سنين؛ لأنه ذهب إلى «ترواده»، وانتصر فيها، فلما أراد العودة إلى بلده عبث به، وبأسطوله «بوزيدون» إله البحر، فأضله الطريق، وأخضعه لطائفة من المحن، وبينما كان الملك وأصحابه يخضعون لعبث «بوزيدون»، وغيره من الآلهة كانت الملكة «بينيلوب» تنتظر زوجها في لوعة وحسرة، وفي حب ووفاء، وكانت طائفة من زعماء اليونان قد احتلت قصر الملك، وأخذت تعبث بما فيه ومن فيه، فتأكل شاء الملك وثيرته كما تقول القصة، وتشرب خمره، وتعبث برقيقه، وتلح على الملكة في أن تختار من بينها رجلًا يكون لها زوجًا، فيخلف «أوليس» على ملك «إيتاك»، كانت هذه الطائفة تلح والملكة تقاوم، فلما أعيتها المقاومة أخذت تراوغ، فأعلنت إلى هؤلاء أنها ستختار من بينهم زوجًا إذا فرغت من نسج كفن أخذت نفسها بنسجه لأبي زوجها، وقبل الزعماء منها ذلك، فأخذت تنسج الكفن يومها حتى إذا كان الليل نقضت ما أبرمت، ثم تستأنف النسج إذا أصبحت والنقض إذا أمست والزعماء ينتظرون، ويعبثون بالقصر، وما فيه، ومن فيه.
•••
فإذا كان الفصل الأول من القصة ظهر خادمات القصر يغزلن ويتحدثن فيما بينهن، وحديثهن لذيذ، فهن يغنين ما هن فيه من ألم وحرمان، وهن يتغزلن بجمال الزعماء، وترغب كل واحدة منهن في واحد منهم، وهن يرثين للملكة، وينكرن عليها غلوها في الوفاء، وإنهن لفي ذلك إذ يقبل الزعماء يريدون أن يتحدثوا إلى الملكة، وتأبى الخادمات إنباء الملكة بمكانهم؛ لأنهن لا يستطعن أن يدخلن عليها إلا إذا دعين، وبينما الزعماء في حوار مع الخادمات تقبل مرضع الملك فتمانعهم، ويكون بينها وبينهم حوار ومسابة، ثم تقبل الملكة، فيشتد الخلاف بينها وبين الزعماء تهينهم، وتنعي عليهم، وهم يتملقونها، ويتلطفون بها، تمانعهم وتأبى عليهم ما يريدون، وهم يلحون عليها في أن تسرع، فتختار من بينهم زوجًا، ثم يقدم شيخ رث فانٍ يطلب الصدقة والمأوى، فينبذه الزعماء، وتُؤْويه الملكة، وهذا الشيخ هو «أوليس» قد وصل إلى جزيرته، وأمرته الآلهة «أتينا» أن يتنكر ويحتال في طرد الغاصبين، والانتقام منهم … لا تعرفه الملكة، ولكن المرضع تعرفه، وتعاهده على أن تخفي أمره، ينصرف الزعماء، وينصرف الشيخ إلى طعامه، وتبقى الملكة وحدها، فتنقض ما نسجت، ولكن الزعماء كانوا قد رصدوا لها فاستكشفوا حيلتها، فيغيظهم ذلك، ويعلنون إلى الملكة أن الغد لن ينقضي حتى تكون قد اختارت لها زوجًا، ثم ينصرفون، تخرج الملكة ومرضع الملك لتذهبا إلى شاطئ البحر كما اعتادت منذ سنين تترقبان سفينة ما لعلها تقبل، وعلى ظهرها الملك، ويتبعهما الشيخ.
•••
فإذا كان الفصل الثاني رأيت رعاة الملك يتحدثون فيما بينهم، ويتمنى بعضهم لبعض ليلًا سعيدًا، ويتغنون جمال الطبيعة وسحرها، ثم تقبل الملكة ومن معها فيكون بينها وبين الشيخ حديث بديع، يظهر فيه ما يضمر الزوجان من حب ووفاء، ومن لهفة ولوعة، ولكن الملك يخفي نفسه، فإذا سئل عن أمره أخبر بغير الحق، واتخذ هذا الأخبار وسيلة إلى التغزل بزوجه من طرف خفي، ولكن في جمال ورقة، وحسن مدخل، ثم تجزع الملكة إشفاقًا من غد، فيقترح عليها الشيخ أن تعلن إلى الزعماء أنها ستختار من بينهم من يستطيع أن يشد قوس «أوليس»، ثم تنصرف الملكة، ويتعرف الملك بعد ذلك إلى رعاته، ويأمرهم أن يكونوا في القصر غدًا، وأن يتخذوا السلاح ليعينوه على الانتقام.
•••
فإذا كان الفصل الثالث رأيت الملك وحده يتغنى غضبه وسخطه، وحرصه الشديد على الانتقام، ثم يكون بينه وبين مرضعه ورعاته أحاديث قصيرة، ثم يقبل الزعماء وقد تهيئُوا للقصف واللهو، فيسخرون من الشيخ، ويريدون طرده، ثم يبدو لهم فيتخذونه سخرية، يسقونه ويضحكون منه، ويظهر الشيخ أنه سكران، وتقبل الملكة فتعلن إليهم أن من شد قوس «أوليس»، ورمى عنها فهو زوجها، فيعجزون، ويتقدم الشيخ الفاني إلى القوس فيشدها، ويرمي عنها، ولكن في صدر أحد الزعماء، هنا يظهر الملك نفسه، وينتقم لشرفه، وثروته، وملكه، يعينه الرعاة على هذا، ثم تنتهي القصة بمظهر الحب والغبطة بينه وبين الملكة من جهة، وبينه وبين الشعب من جهة أخرى.
فأنت ترى أن ليس في القصة شيء غريب، وأنها من السذاجة والسهولة بحيث تلائم القرن التاسع أو العاشر قبل المسيح، أيام أنشئت «الإلياذة» و«الأودسا»، ولكني أضمن لك لذة عظيمة إذا قرأت هذه القصة، ولذة لا حد لها إذا قرأتها في «الأودسا». فأما إذا شهدت القصة الموسيقية في «الأوبرا كوميك» فلست أدري ماذا أضمن لك، وإنما أحدثك صادقًا بأني قضيت ليلة سعيدة، كنت أحسبني أثناءها في عالم آخر، ولم أتنبه إلى أني في الأرض إلا حين سمعت ابنتي تتغنى وتصيح، ورأيت ابني يعبث بما حوله، وسمعت أمه تزجره وتنهاه.