سجل جو الشرقية

لمَّا قامت دولة تشين بحملة عسكرية

لمَّا قامت دولة تشين بإعداد حملة عسكرية لغزو جو الشرقية، وأعدت لذلك كل العدة وتهيأت للقتال، رغبةً منها في استعادة الأواني التِّسع (الأواني ثلاثية الأرجل التي اخترعها الإمبراطور «يو» وصارت تتوارثها الممالك، رمزًا للسلطة والمَهابة والجلال) تحيَّر ملك جو وأصابه قلق عظيم، وراح يُفضي بأفكار قلبه للوزير يانشواي، فقال له الوزير: «هدِّئ من روعك يا مولاي، ودعني أُدبر لك مخرجًا، وأستأذنك في الذهاب إلى مملكة تشي الشرقية أطلب منها الدعم العسكري في مواجهة هذا الأمر.» وذهب يانشواي إلى مملكة تشي وقابل جلالة الملك تشي شوان وقال له: «تعرف جلالتكم أن دولة تشين تتصرف في كثير من الأمور بحماقةٍ لا حدود لها؛ لدرجة أنها تستعد الآن لغزو جو الشرقية وذلك في محاولةٍ منها لاستعادة الجيودينغ (الأواني التسع)، وقد غادرت البلاد، وكل رجال البلاط فيها، من جلالة الملك إلى آخر وزير جالسون في القصر لا يغادرونه ليل نهار، يُقلِّبون الأفكار علي كل وجه، وقد أجمعوا رأيهم على أمر واحد وهو أنه من الأفضل أن نعطيكم أنتم الجيودينغ بدلًا من تسليمه لدولة تشين، ولا شك أن في حماية بلدٍ من هلاك وشيك، تعزيزًا للكرامة، والسمعة الحسنة وحفظ ماء الوجه، ثم إن الحصول على تلك الأواني التِّسع يُساوي حيازة أثمن جواهر الأرض جميعًا، فعساك يا مولاي تتدبَّر هذا الأمر مليًّا».

وما كان من الملك تشي شيوان إلا أن رحَّب بهذا الاقتراح، بل فرح جدًّا وراقت له الفكرة، ثم إنه أرسل جيشًا قوامه خمسون ألف مقاتل، وأصدر أمرًا بتعيين «شنسي» قائدًا عامًّا لذلك الجيش مع تكليفه بالدفاع عن دولة جو الشرقية، وعندئذ، توقفت شين عن استعدادات الغزو العسكري.

وتوالت الحوادث، وكان أن أعربت دولة تشي عن رغبتِها في الحصول على الجيودينغ، وعاد ملك جو سيرته الأولى مع القلق والهموم، ومعه في ذلك رجال البلاط جميعًا، فقال له الوزير يانشواي: «على رِسلك يا مولاي، دعني أيضًا هذه المرة أذهب إلى دولة تشي علَّني أجد مخرجًا من هذا المأزق.» وذهب إلى تشي، وقال لجلاله الملك تشي شيوان: «إننا في دوله جو الشرقية، من جلالة الملك إلى الوزراء ورجال البلاط وكل رجل وامرأة ووالد ومولود، نعتمِد على مآثركم الطيبة، وجميل صنيعكم معنا، فبذلك وحدَه تقرُّ عيوننا أمنًا وسلامًا يا مولاي، أما بخصوص الجيودينغ لجلالتكم، فلا ندري ما هي أكثر الطرق ملاءمة للمرور عبر أراضيكم، كي تسلك بها قوافل البعثة الآتيه إليكم؟» فأجابه الملك تشي شيوان، قائلًا ما نصه: «أرى من المُمكن أن نستأذن دولة وي في استخدام أحد ممراتها» فرد عليه يانشواي قائلًا: «لكن ملك وي يرغب في اقتنائها، وقد سبق له السعي في ذلك حتى إنه حشد رجاله وتدبر الخطط التي تُوصِّله إلى الحصول عليها، فلو دخلت الجيودينغ إلى بلاده، فلن تخرج منها بعد ذلك أبدًا» فعاد الملك تشي شيوان يقول: «إذن فلنستأذن دولة تشو في السماح لنا بالمرور عبر أراضيها!» فأجابه يانشواي وقال: «مستحيل يا مولاي، لأن ملك تشو يتطلَّع هو أيضًا للحصول على الجيودينغ، وقد وضع الكثير من الخطط لتحقيق هذا الغرض، وقد مضى عليه وقت وهو يتحيَّن الفرصة منذ زمانٍ بعيد، فما إن تعبر الأواني التسع إلى بلاده حتى تتوارى عن الأنظار وتختفي إلى الأبد.» وهنا قال له الملك تشي شيوان: «فمن أي طريقٍ إذن نستطيع أن نسلك بها إلى مملكتنا؟» فأجابه يانشواى: «لا أخفي على جلالتك أننا في دولة جو نشعر بمدى القلق والحيرة التي تُحيط بكم إزاء هذه المسألة، فالجيودينغ ليس مجرد قنينة خلٍّ ولا علبة مُخللات أو أي شيءٍ يمكن إخفاؤه في طيَّات الملابس لدى السفر إلى بلادكم، ولا هو حتى كالطيور المُحلقة بأجنحتها، أو الداجن حبيس الأقفاص، أو الخيل الراكضة، مما يمكن إطلاقه في رحب الفضاء أو في منبسط الخلاء، فينفُذ إليكم بغير عوائق، لقد كانت الأواني المقدسة أعظم شيءٍ غنِمَتْه مملكتنا في الزمان، عندما خرج ملوك جو الشرقية في حملات لتأديب العصاة في دولة «يين»، فوقعت الأواني التسع في أيدينا، وكانت أثمن ما فُزنا به من غنائم الحروب جميعًا، وكان منظرًا مَهيبًا يوم أن رأيناها محمولة على الأعناق، يتهادى بها الجنود في حشود بلغ عدد الرجال السائرين فيها بالآنية الواحدة تسعين ألفًا، فإذا عددنا المعاونين، بلغ الإجمالي ثمانمائة ألف فرد، ثم إننا نحتاج إلى عددٍ مُماثل من الجنود والعمال والخدم لصُنع الآلات وإعداد الملابس والأدوات اللازمة للنقل، ولا شك أن جلالتك تملكون كل الأدوات الضرورية ولديكم الأعداد المطلوبة من الرجال وزيادة، لكن المشكلة في آخِر الأمر تكمُن في كيفية السير بكل هذا العدد وهذه العدة عبر طريق مُتاح ومأمون؟ لا أخفي على جلالتك يا مولاي أني أُشارككم مزيد القلق والحيرة والظنون!» وهنا قال له الملك تشي شيوان: «لكن وبرغم كل تلك المحاولات من جانبك فلا أرى أنك تريد حقًّا تسليم الجيودينغ إلينا!» فأجابه يانشواي: «أبدًا يا مولاي بل أصدُقك القول في كلِّ ما حدثتُك به، فقط عَيِّنْ لنا الطريق الملائم للمرور وستجِدنا جميعًا في دولة جو رهن إشارتك، ولن نتخلَّف عن نقلها إليك، ثم إن الملك تشي شيوان توقف في نهاية الأمر عن اتخاذ أية تدابير للمطالبة بالجيودينغ وطرح الفكرة كلها جانبًا».

لمَّا أغارت قوات تشين

لمَّا أغارت قوات دولة تشين على بلدة إيانغ التابعة لدولة هان، استدعى الملك جشونان (ملك دولة جو) مُستشاره «جاولي» وسأله: «كيف ترى عاقبة الأمور؟» فأجابه: «ستتدمَّر المدينة على يد قوات تشين»، فقال الملك: «صحيح أن المساحة الكلية للمدينة لا تتجاوز ثمانية أميال مربعة، لكن عدد العسكريين المُدرَّبين الأكفاء المُقيمين بها يتجاوز العشرة آلاف مقاتل، كلهم في غاية الجسارة والبطولة، بالإضافة إلى مئونة كافية من الحبوب تستطيع أن تعيش عليها المدينة لسنواتٍ طويلة قادمة، ثم إن هناك قوات نظامية تابعة لدولة هان تحت قيادة كونجون، تعدادها عشرون ألف مقاتل، وبجانب هذا، فهناك القوات التابعة لدولة تشو تحت قيادة «جين سوي» وقد تحصنت بمحاذاة السفح الجبلي في حالة تأهُّب قصوى، فمن ذلك كله أرى استحالة وجود أية فرصة نجاح أمام قوات تشين.» فأجابه جاولي قائلًا: «تعرف جلالتكم أن دولة تشين تتصرَّف مع قائد جيوشها جانمو بوصفه مستشارًا عسكريًا تحت الطلب، فهو مجرد ضيف مُقيم يعمل عندهم بغير أجر، فإذا أُتيح له أن يُحرز نجاحًا في الهجوم على «إيانغ» فسيترقى ليُصبح واحدًا من أعظم النبلاء في مملكة تشي بأسرها، أما إذا أخفق فسيفقد كلَّ فُرَص الترقي، حتى الوظيفة الاستثنائية التي يشغلها حاليًّا فسيفقدها أيضًا ويعيش مُشردًا، هذا بالإضافة إلى أن ملك دولة تشين نفسه قد قام بالهجوم على إيانغ مُتحديًا في ذلك آراء من حوله من رجال البلاط والحاشية؛ ولذلك فإن عجزه عن مهاجمة المدينة واحتلالها سيضعه في موقفٍ مهين للغاية، فمن ثَم أميل إلى الرأي القائل بأن المدينة مَقضي عليها، لا مفر، تحت ذلك الهجوم.» وبناء على هذا التقدير، قال له الملك جشونان: «ضع لي إذن خطة للتصرُّف على ضوء تلك الظروف.» فأجابه جاولي: «أرى يا مولاي أن تقول «لجين سوي» إن مكانته الاجتماعية ارتقت إلى أرفع المراتب، فهو الآن يحمل رُتبة أعظم النبلاء، وإن وظيفته الرسمية الآن أرقى المناصب، فإذا أبلى بلاءً حسنًا وانتصر، فلن يترقى اجتماعيًّا أو وظيفيًّا إلى ما هو أرفع من ذلك ما دام قد بلغ أسمى منزلة، أما في حالة عدم فوزه بالنصر، فسيلقى حكمًا بالإعدام، فمن الأفضل له أن يؤجل المواجهة مع دولة تشين الآن، ويلتفت إلى دعم الموقف الدفاعي في إيانغ على أن تبقى قواته جاهزة للتحرك، فإذا صدر لها الأمر بالاشتباك فسوف يعني ذلك أنها تتحرك لتشغل حالة الضعف والإنهاك في قوات تشين، مما سيُوقع الرعب والارتباك بين صفوفها، وستحاول دولة تشين وقتئذٍ أن تُرسِل إليك أثمن الهدايا (هكذا)، وسيزيد قدرك في عين القائد كونجون، ويتيه بك إعجابًا وفخرًا لأنك عرفتَ كيف تستغل نقطة الضعف في خصمك فانتصرتَ ورفعت الحصار عن إيانغ، وربما بالغ في إكرامك وأرسل إليك بأثمن الهدايا».

ثم إن قوات دولة تشين أغارت على مدينة إيانغ، فتصدَّت لها كتائب الدفاع التي يقودها جين سوي، فدخلت الرهبة في نفوس قادة تشين، وبلغ بهم الخوف مداه، وراحوا يُفكرون في طريقة يسترضون بها جين سوي، حتى اهتدوا إلى أن أعطوه مساحاتٍ شاسعة من مزارع النخيل، كما أن دولة هان راحت تُمطره بأثمن العطايا والهبات تقديرًا وعرفانًا، وهكذا اجتمع له النفع من جهتَين، فقد حاز أرضًا تُتاخِم حدود دولة تشين، ونال جزيل العطاء من حلفائه بدولة هان، وفوق ذلك كله، فقد لقي مزيد الامتنان من قِبل البلاط الحاكم لدولة جو الشرقية.

لمَّا قامت الحرب بين جو الشرقية وجو الغربية

لمَّا قامت الحرب بين جو الشرقية وجو الغربية، أخذت دولة هان تُعد العدة لإرسال قوات عسكرية معاونة لدولة جو الغربية دعمًا لدفاعاتها، فأرسل ملك جو الشرقية رسولًا إلى حاكم دولة هان الملك هان تشي يانغ، يقول له: «إن جو الغربية كانت فيما مضى إمبراطورية مُترامية الأطراف، فاجتمع لها ما يجتمِع للممالك السماوية من الكنوز والثروات مما يعزُّ على الوصف، ولئن قامت دولتكم بتجميد تحركات قواتها، وأوقفت إرسال أية معونة عسكرية إلى الأطراف الأخرى، فسيكون ذلك من أسباب تقدير دولة جو الشرقية لتصرُّفكم والنظر إلى الأمر بعين الامتنان، وفي الوقت نفسه، فسيصبح بإمكان دولتكم الحصول على جميع الثروات والكنوز والنفائس الموجودة بدولة جو الغربية وضمها لملكيتها العامة».

لمَّا قام النزاع بين دولتي جو الشرقية والغربية

لمَّا قام النزاع بين دولتي جو الشرقية والغربية، أرادت جو الغربية عقد التحالُف والوحدة مع دولتي تشو، وهان، ثم إن الوزير «تشي منغ» قال لملك جو الشرقية: «إن أكثر ما نخشاه يا مولاي، هو أن تقوم جو الغربية باستمالة دولتي تشو وهان إلى جانبها، وذلك بتقديم شتَّى الإغراءات، وربما أوعزت إليهما بأن يقوما بدلًا منهما بالاستيلاء على أراضٍ تقع تحت سيادة مملكتنا، ولا أرى إلا أن نُوفِد لهما رسلنا إلى كل من هان وتشو فنُبلغهما أن وعود جو الغربية لهما بإقطاعهما أراضيَ أو بمنحهما هباتٍ أو ثروات لا يعدو مجرد كونه احتمالًا يتأرجح بين كفتَي الشك واليقين، والتردُّد فيه يغلب الرجحان، افترضا، مثلًا، أن قوات جو الشرقية قررت فجأة سحب قواتها والتراجع عن التهديد بغزو أراضي جو الغربية، حينئذٍ لن تمنحكم دينارًا ولا درهمًا، وتخرجان من الصفقة دون أن تعمر لكما خزانة، أما إذا أردتما حقًّا الحصول على ما تُغريكما به من كنوز وثروات على نحو ملموس، فينبغي أن تدفعانا دفعًا لغزو أراضي جو الغربية، ووقتئذ تغمركما بأثمن ما تملك ويصير لنا الفضل فيما تنعمان به من وافر الرخاء، فبقدر ما يزيد لكما النفع، تنقص مقدرات جو الغربية وتتدهور أحوالها بمرور الوقت».

لمَّا حان موسم زراعة الأرز

لمَّا حان موسم زراعة محصول الأرز في دولة جو الشرقية، قامت جو الغربية بقطع مجاري الأنهار عنها، فاغتمَّ الناس لذلك وأصبحوا في همٍّ وقلق، فذهب الوزير سوتزي إلى ملك جو الشرقية، وقال له: «هلَّا سمحتَ لي جلالتك، بالذهاب إلى جو الغربية علَّني أقنعهم بفتح قنوات الترع والأنهار؟»

فلمَّا ذهب وقابَل ملك جو الغربية، وتكلَّم معه قائلًا: «تلك يا مولاي خطة غير ناجحة، وتصرُّف يُجانبه الصواب! ولعلك لا تدري أن قرارك بإغلاق مجاري الأنهار وحبس المياه عن جو الشرقية كان سببًا رئيسيًّا في فتح ينابيع الخير كلِّه على الناس هناك، أما دريتَ أنهم الآن قد تركوا بيوتهم وبقوا في المزارع يُواصلون الليل بالنهار في زرع القمح، فهم الآن لا يزرعون شيئًا سواه، فلئن أردتَ يا مولاي أن تضاعف لهم المحنة وتُعسِّر عليهم الأرزاق، فما كان أجدر بك أن تفتح كل قنوات الري، فتغمر أرضهم بالماء فيغرق القمح في الحقول، وبهذه الزيادة الهائلة في منسوب الري ستُضطر دولة جو إلى العدول عن زراعة القمح وغرس شتلات الأرز، فإذا ما صارت زراعة الأرز هي عماد المحاصيل المزروعة في البلاد، استطعت أن تتمتع بقدْرٍ من النفوذ والغلبة على هذا النحو، فسيشعر أهالي جو الشرقية أن أقدارَهم مُعلقة بأيديكم، ويُصبح أمرك مطاعًا، وحكمك فيهم ماضيًا». فعندئذ، تأمَّل الملك تلك الفكرة، فراقت له وتحمس لها، ثم أصدر أمره بفتح المياه عن آخرها، وحصل الوزير سوتزي على أثمن الهدايا من كلتا الدولتَين.

لمَّا حضر مستشار دولة تشو إلى يانغ تشاي

لمَّا حضر مستشار دولة تشو (الوزير جاو شان) إلى مدينة يانغ تشاي، فكر ملك جو الشرقية في أن يُرسل مستشاره الشخصي ليكون في استقبال ذلك الضيف، إلا أن مستشار الملك كان مُترددًا، لا يرغب في أداء تلك المهمة، ثم إن سولي تفهَّم ذلك الموقف وراح يقول لجلالة الملك: «في الماضي القريب، عندما التقى ملك دولة تشو مع ملك دولة «وي» قامت الدولة المُضيفة بإرسال الوزير «تشن فنغ» إلى دولة تشو ليكون في صحبة الملك حتى قبل أن تبدأ الزيارة الرسمية، وعندما تقابل ملك تشو مع ملك دولة هان، قامت الدولة المُضيفة بإرسال الوزير شوكون إلى دولة تشو ليرافق الملك خطوة بخطوة طوال مدة زيارته، وبالتناظر، تم إرسال الوزير شيان كونغ إلى دولة هان ليصحب الملك قبيل بدء الزيارة، أما الآن وقد علمت أن جاوشيان هذا ليس هو الملك الحاكم للدولة المُضيفة فإن جلالتك تصر على إرسال مستشارك الشخصي ليصحبه في أول مراسم الزيارة، فمَن ستُرسل إذن يا مولاي إذا قدم عليك ملك دولة تشو بنفسه؟» وفكر ملك جو الشرقية برهة، وفهم القصد الذي وراء الكلمات، وقال: «نعم، والحق معك»، وقام على الفور بإلغاء قراره السابق.

لمَّا تقدمت دولة تشين بطلب رسمي

لمَّا تقدمت دولة تشين بطلب رسمي إلى جو تُعبر فيه عن رغبتها في تأجير أحد الطرق المارة بأرض المملكة لاستخدامه في نقل قوات الحملة العسكرية التي تعتزم إرسالها لشن هجمات تأديبية على دولة هان، تردَّدت تشين في الموافقة خشية أن يتسبَّب ذلك في إفساد العلاقات مع هان، لكنها أيضًا رأت أن رفض الطلب يُمكن أن يُغضب دولة تشين ويمسَّ هيبتها، ثم إن «شيان» أحد كبار رجال البلاط بدولة هان ذهب إلى جو الشرقية، وقابل جلالة الملك، وقال له: «ما الذي يمنعك يا مولاي من أن تُرسل رسولًا إلى رئيس وزراء دولة هان (السيد كونشو) تقول له: «لئن كانت مملكة تشين تُقدم على خطة لنقل قوات الحملة التأديبية عبر أراضي دولتنا (جو)، فإنما يدل ذلك على أنها تولينا قدْرًا من الارتياح والثقة، ولا أدري ما الذي يَمنعكم من أن تمنحونا مساحاتٍ خالية من الأرض مثلًا، وما الذي يمنعكم أيضًا من إرسال وفود دبلوماسية إلى دولة تشو على أن يترأس تلك الوفود كبار رجال القصر؟» إن الإحجام عن مثل تلك المُجاملات كفيل بإثارة الشك والريبة لدى دولة تشين مما يدفعها للتوجُّس منا، وبالتالي تتفادى دولة هان أخطار الهجوم الوشيك، وتتوقف حملات التأديب المُزمعة ضدَّها، وعقب ذلك مباشرة، تقوم جلالتكم بإيفاد رسول إلى دولة تشين ليقول: «لقد عرضَتْ دولة هان علينا عروضًا بالغة السخاء تتمثل في التنازل عن مساحات من أراضيها، والسبب في ذلك واضح بأنهم يريدون إثارة شكوك دولتكم في موقفنا، وهو الأمر الذي يرفضه ملِكنا جملةً وتفصيلًا، مثلما يترفع عن قبول تلك الإغراءات، وبالطبع فان مملكة تشين سترى أنه من غير المناسب، بل غير المنطقي أن تطلب دولتكم التخلي عن قبول ضم مساحات إضافية إليها، وبالتالي فستكسب جو الجولتين مرة واحدة؛ فمن ناحية ستضمُّ أرضًا جديدة من أراضي دولة هان، ومن ناحيةٍ أخرى تُلبي طلب دولة تشين بكل ودٍّ واحترام».»

لمَّا حاصرت قوات تشو مدينة يونغ

لمَّا حاصرت دولة تشو مدينة يونغ التابعة لدولة هان، قامت دولة جو الشرقية بإمداد كلٍّ من الدولتَين بالمواد الغذائية وهو الأمر الذي أثار غضب واستياء حاكم تشو، وأصبحت الأجواء مثقلةً بالقلق والتوتر في أروقة البلاط الحاكم في تشو، وجو الشرقية، وذهب رسول من هذه الأخيرة إلى حاكم دولة تشو وقال له: «إن الغضب الذي تجيش به صدوركم يا مولاي يُثير مزيدًا من القلق والتوجُّس لدى جو الشرقية والنتيجة الضرورية المُترتبة على هذا الأمر، هو أن تتحالف جو مع الدُّوَل التي تتلقَّى منها الدعم الغذائي، وهو ما سينجم عنه زيادة صلابة الجبهة المناوئة لكم، فمن ثم، يُصبح التصرف الأنسب في مثل هذه الظروف هو أن تبادر جلالتكم وبأقصى سرعة إلى إزالة أسباب القلق لدى دولة جو، ولئن كانت قد اتخذَتْ إجراءاتٍ تضر بمصالح جلالتكم، فلا بد أنها في قادم الأيام، وبعد أن تلمس منكم الصبر والفهم وتقدير الظروف، ستضاعف من حجم خدماتها ورعايتها لمصالحكم».

لمَّا التقى جو تسوي بالوزير الهارب ليو لي

لمَّا التقى جو تسوي (ولد أحد وزراء دولة جو) بالوزير ليو لي [أحد مواطني دولة تشي، وكان أحد وزراء دولة «إيجو» يدبر لاغتياله، ففر هاربًا ونزل ضيفًا في طريقه على دوله جو]، وتحدث معه وكان من جملة حديثه أنه قال له: «لماذا لا تحث دولة تشن على غزو دولة تشي، ثم تُحاول أن تجعل هذا الإجراء خادمًا لغايتك؟ أو على الأقل ائذن لي أن أتحدث مع جلاله الملك بدولة تشي علَّني أستطيع إقناعه بتعيينك وزيرًا في مملكته، وبالتالي يُمكنك أن تقدم خدمات عديدة لدولة تشين من خلال هذا الموقع الرسمي، وأنا واثق تمام الثقة من أنك لن تتعرض لأية متاعب مستقبلية، ثم إنك تستطيع إذا ما تقلدتَ تلك الوظيفة أن تُكلفني بمهام وظيفية عُليا في دولة وي، بحيث أقوم بالتنسيق لخدمة مصالح تشين، وبهذه الطريقة يَصير كل النبلاء ورجال البلاط في قبضة يدك؛ ففي الشرق تدين لك دولة تشين فتسمو منزلتك، ويلمع نجمك وتبلغ ما لم يبلغه أحد قبلك من الرفعة والعزة فإذا ما اتحدتِ الدولتان «تشين»، و«تشي» أصبح الكل يلهج باسمك امتنانًا وعرفانًا على طول المدى».

لمَّا قدَّم مستشار الدولة ضيفه الكريم

لمَّا قام مستشار دولة جو الشرقية (السيد لو سانغ) بتقديم أحد ضيوفه إلى البلاط الحاكم، كان المُستشار السابق كون شيجي يشعر ببالغ القلق خشية أن يصدُر عن هذا الضيف في حضرة البلاط افتراءات أو وشايات كاذبة تُسيء إلى سمعته وتضر بشخصِه وكرامته أمام الناس، فأرسل مبعوثًا ليُبلغ القصر بما مفاده: «إن هذا الضيف فصيح اللسان، قوي الحجة والبيان، خطيب مُفوَّه لا مثيل له بين الناس، إلا أنه — برغم هذا — ليس محلَّ ثقة، ولا أهلًا لصون العهود وحفظ المواثيق، بما عُرف عنه من الميل إلى الدسِّ والوشاية والسعي إلى بذْر الكراهية والبغضاء بين الناس.»

لمَّا قام البلاط الحاكم بسحب الثقة

لمَّا صدر عن البلاط الحاكم بدولة جو الشرقية فرمان بسحب الثقة من مستشار الدولة (كون تشيجي) وإقالته من منصبه وتعيين المستشار (لو سانغ) بدلًا منه سادت مشاعر الاستياء في أروقة الحكم بين رجال البلاط، بل إن جلالة الحاكم نفسه لازمَه شعور جارف بالحيرة والقلق.

ثم إن الضيف الذي قدَّمه لو سانغ إلى البلاط، ذهب لمقابلة جلالة الحاكم وكان من جملة ما قاله لجلالته: «إن أمور الحكم لا تخلو من أن تشتمل على النافع والضار جميعًا والمسئول المُخلص هو الذي ينسب جوانب التقصير إلى نفسه ويعزو النجاح والحكمة لجلالة الملك، ومِن المأثور في ذلك أن حاكم دولة سونغ لمَّا أجبر عُمَّاله على الاشتغال ببناء القصور الملكية وكانوا من المزارعين الذين تركوا وراءهم أرضًا عطشى وحقولًا تكاد تبور، استهجنت الناس تصرُّفه وتناولته الألسن بالنقد والتجريح، وما كان ذلك مُمكنًا إلا لعدم وجود الوزير المخلص الذي يأتي في الوقت المناسب ليحمل عن جلالته أوزاره فيلتئم به الصدع، وتتوارى به سوءة الأخطاء، فإنه لمَّا حدث أن الوزير الأعظم في دولة سونغ (السيد تسيهان) أقيل من منصبه وخفضت درجته الوظيفية حتى عُيِّن مشرفًا على الحرفيين والعمال، صارت الناس تنحي باللائمة على تسيهان نفسه، وتستقبح مسلكه الذي أوصله إلى تلك الحال، بينما كانت في الوقت ذاته تمتدح هيبة وحكمة وحزم جلالة الإمبراطور، وقيل إن الملك «تشيهوان كو»، كان يُبالغ في الاحتفاء بأبهة العرش وفخامة الجاه الإمبراطوري، فزيَّنت له نفسه أن يبتني القاعات الفسيحة داخل المقر الملكي الكبير حتى بلغ عددها سبع قاعات لا مثيل لها على وجه الأرض.

ثم إنه شيد صالات الملاهي وبيوت الرقص والبغاء، فبلغت جملتها سبعمائة صالة، لكن سرعان ما عمَّ السخط بين الأهالي، وضجَّت الناس بالشكوى، حتى لم يبقَ في الدولة فرد واحد غير ساخط على تصرفات البلاط الحاكم، وهنالك بادر المستشار الأكبر كوان شونغ إلى تشييد ثلاثة قصور شامخة فوق ثلاث إقطاعيات هائلة، كان أهداه إيَّاها جلالة الملك وصار يُبالغ في فخامة البناء وزخرف التشييد حتى تناقلت الناس أخباره وصار مَضرب المثل في البذخ والإسراف، وكان قصده من وراء ذلك كله أن ينشغل الناس بسيرته هو ويلهون عن نقائص البيت الحاكم.

إن من يُطالع السجلات التاريخية لفترة «الربيع والخريف» يجد صفحات مطولة تتحدَّث عن مؤامرات لا حصر لها قام بها الوزراء لاغتيال الملوك والأباطرة، وإذا تقصيتَ الأسباب وجدتَ أن معظم هؤلاء الوزراء هم من الذين نالوا عظيم المدح والثناء من مواطنيهم، لذلك يُقال إن ما يعود على الوزراء ورجال الدولة من جميل الثناء يجلب على البلاد أهوالًا وكوارث. وبناءً على ذلك، لم يُقدِم البلاط الحاكم على تنحية لو سانغ عن منصبه.»

لمَّا ذهب رجل من بلدة ون

لمَّا ذهب رجل من بلدة «ون» بمملكة «وي» قاصدًا دويلة جو الشرقية، ووقف عند البوابة طالبًا الإذن بالدخول فوجئ باعتراض أحد الموظفين على طلبه، فأنبأه بأنه من مواطني دولة جو، وهنا سأله الموظف عن محل إقامته، غير أن الرجل لم يُحِر جوابًا، فأُلقي القبض عليه وأُودِع الحبس، فبعث إليه حاكم دولة جو بمن راح يسأله عن سر ادعائه بأنه من مواطني الدولة دون الإقرار بحقيقة أنه وافد غريب عن البلاد، فأجاب الرجل بقوله: «كنتُ قد قرأت في مُقتبل عمري كتاب الشعر القديم، وكان مما ورد في هذا السفر الجليل ما مفاده أن كل ما تحت السماء من الممالك إنما هي إرث لوارث العزة والجلال سيدي فخامة الحاكم الأعظم ملك الملوك، وكل من سعى على قدمَين فوق تلك الممالك فهو — بالتبعية — أحد رعايا جلالته، وما دام حاكم جو هو المشار إليه بوصفه سلطان الممالك وعظيم الملوك، فلا بد أن ها هنا واحدًا من رعاياه الذين يستظلُّون بجلال عِزته وسطوة ملكوته، فلماذا يُنظَر إليَّ بوصفي ضيفًا على البلاد مع أني، كما قلتُ آنفًا، واحد من بين الرعايا المُخلصين؟» وعند ذلك أصدر جلالة الحاكم أمره إلى موظفي الحدود بإطلاق سراح الرجل والسماح له بدخول البلاد من أوسع الأبواب.

لمَّا ذهب رسول من جوتسوي إلى رئيس الوزراء

لمَّا ذهب رسول من جوتسوي يحمل رسالة من جلالة الملك إلى رئيس وزراء دولة جاو يقول فيها: «إن مملكة تشين قد قرَّرت إيفاد جوتسوي إلى دولة «تشي» بهدف إشاعة الذعر في قلوب ملوك وأمراء باقي الممالك كلها، مما قد ينجم عن اتحاد المملكتين المشار إليهما، ثم إن مملكة تشين كانت تعلم عِلم اليقين استحالة قيام الحرب بين كلٍّ من دولة جاو ومملكة تشين، وذلك لخشية جاو من أن تُبادر كلٌّ من دولتي تشي وهان إلى الاتحاد مع مملكة تشين وإلى تطبيع العلاقات بينهما، فإذا ما قامت الوحدة بين تشين وتشي، تحوَّلت مملكتكم (مملكة جاو) إلى أنقاض وخرائب، فالأفضل لكم أن تهُبُّوا لنُصرة دولة تشي، وأن تتحالفوا مع مملكة تشين وتدعموها بالمشاركة معها في إرسال قواتٍ تأديبية إلى كلٍّ من دولة هان ووي، ومن ثم يمكن لدولة جاو أن تضم إلى أراضيها جزءًا لا بأس به من أرض دولة هان. وهكذا تحصل بلادكم من جهة الشرق على هدايا ونفائس مملكة تشي، ومن جهة الجنوب تضم أراضي متاخمةً لها من دولة هان، مما يضع دولة وي في مأزق صعب، هذا ولا يخفى على جنابكم الكريم أن مملكتكم سيتوجب عليها مسالمة دولة تشي، إذا ما بدا لكم توسيع حدودكم جهة الشرق».

لمَّا تحدَّث جوتسوي إلى رئيس وزراء دولة جاو

تحدث جوتسوي إلى رئيس وزراء دولة جاو، فقال له: «إن سندكم الأساسي في حربكم مع دولة جاو الكبرى التي يعرف الجميع مقدار قوتها يتمثل في تحالُفكم مع مملكة تشين، فإذا ما تم لكم النصر، فلسوف تمد مملكة تشين سلطانها إلى أجزاء من أراضي دولة جاو، وبخاصة المناطق المحاصرة فيها، وهكذا فسترغم دولة جاو على التنازل عن تلك المناطق إلى أطراف أخرى، وهو الأمر الذي سينجم عنه وقوع الأمراء والحكام في الممالك والدويلات المختلفة في مناوشات وحروب متبادلة، أما إن لم يكن النصر حليفكم، فستكون عاقبة ذلك تدهور أحوالكم وذهاب قوتكم وهيبتكم. ومعنى ذلك أنكم سترضخون آخر الأمر لسطوة مملكة تشين وتمتثلون لما تمليه عليكم، ثم إنها تخطط لاحتلال مناطق ذات أهمية سياسية في كل من دولتي هان وجاو، مما سيجعل من مملكة تشين إمبرطورية ذات سيادة على نصف الأرض التي تحت الشمس، ويبسط لها مديد السطوة فوق الدويلات الآتية: تشي - جو- هان- وي، ثم إنها ستصبح في موقع يسمح لها بتهديد الأوضاع القائمة في دولة جاو وعندئذٍ ستجدون أنفسكم عاجزين عن توفير أسباب الاستقرار في بلدكم وهو وضع لا يفي بمتطلبات التخطيط السديد.»

لمَّا تكلَّم شيشين مع أحد قادة مملكة تشين

التقى شيشين مع أحد كبار القادة العسكريين في مملكة تشين، وقال له ما نصه: «إن كنت تسعى حقًّا لبلوغ مرتبة أمير الجيوش، فأنصحك بالتلطُّف والكياسة في معاملة الاستراتيجيين والنابهين في دولتي جاو الشرقية والغربية»، ثم إن شيشين استطرد قائلًا: «والأفضل من ذلك أن تطلب إلى أولئك المُخطِّطين السياسيين والنابهين أن يسعوا لتدبير وظيفة مرموقة لك في مملكة تشين».

لمَّا التقى الناس بالسيد شوكون

التقى رجل بالسيد شوكون تيان ون، وقال له: «برغم كل المآثر الكريمة والأيادي البيضاء التي كانت ﻟ «جو تسوي» على تشي مين وانغ (حاكم دولة تشي) فإنه أُقصِي عن البلاد وذلك بجريرة أنه أخذ بنصيحة جوفو وقام بتعيين ليولي رئيسًا للوزراء آمِلًا بذلك أن يَحظى بنُصرة وتأييد مملكة تشين، مُتصورًا أنه لو قامت الوحدة بين دولتي «تشين» و«تشي» فسيُنظَر بعَين الاعتبار لكلٍّ من ليو لي وجوفو، ولو حدث أن حظي ليو لي بدعم وتأييد كلٍّ من الدولتَين جو وتشي، فسوف تسقط هيبتك من عين دولة تشين، ولا أرى لك سوى أن تزحف بجيشك ناحية الشمال، ممَّا سينجم عنه تقارُب كلٍّ من دولة وي وتحالف تشين وجاو ثم تقوم بتعيين جوتسوي مساعدًا لك ليشتدَّ به أزرك، وبهذه الطريقة وحدها، تسترد هيبتك وسمعتك وتضع حدًّا لتبدُّل الأوضاع السياسية السائدة. واعلم أنه إذا فقدت دولة تشي مساندة تشين لها، فسوف تتَّجِه كل رءوس الحراب ناحية دولة تشي، وهو ما سيدعو جوفو للفرار ناجيًا بنفسه، وبذلك يخسر حاكم تشي أكفأ رجلٍ يمكن أن يضبط أحوال بلاده».

لمَّا سمع تشي مين وانغ كلام جوفو

لمَّا سمع تشي مين وانغ كلام جوفو واقتنع بمنطقه وقام بإقصاء جوتسوي عن منصبه، جاء إليه من قال له: «الآن وبعد أن أقصيتَ جوتسوي عن منصبه، وقد وجدت كلمات جوفو لديك آذانًا صاغية، عينتَ ليولي رئيسًا للوزراء وتبين أنَّ غرضَكَ من هذا استمالة دولة تشين لضمان مُساندتها لك، وبعد أن خطبتَ ودَّ دولة تشين وتقربتَ إليها — على هذا النحو — فسوف يزيد وزن وأهمية تلك الأخيرة ويعلو قدرُها بين الممالك، مما يمكن أن يمَسَّ مكانة بلادكم ويضر بمصالحها، أضف إلى ذلك أنه لو قامت الوحدة بين بلادكم ودولة تشين، فسوف يُثير ذلك فزَع دولة جاو وخشيتها من أن تُصبح عرضةً للغزو من قبل تشين، وهو ما سوف يدعوها لتعبئة قواتها وشنِّ هجومٍ مُباغت على أراضيكم كتحذيرٍ ضمني لدولة تشين. ولئن كانت هذه الأخيرة تُحاول أن تستغل دولة جاو لضرب تشي، بينما تقوم باستفزاز الثانية ضد الأولى، فإنما هي تهدف من وراء ذلك كله إلى غرضٍ واحد وهو زعزعة استقرار دولة تشي، لذلك رأيتَ أن تعيين جوفو في هذا المنصب ينسجم مع المنطق السائد بين الممالك الذي يولي اعتبارًا ظاهرًا لمكانة ونفوذ دولة تشين.»

لمَّا تحدَّث سو لي إلى سوتشين

تحدث سو لي إلى سو تشين بشأن جوتسوي، فقال له: «أرى أن تأخذ بنصيحتي وتُقنع حاكم دولة تشي بأن يُصغي جيدًا لما يراه جوتسوي، وذلك بأن يتنازل عن قطعةٍ من أرض بلاده لدولة وي، إذا كان ذلك هو ثمن إقامة الوحدة معها، وهو ما سيدفع دولة جاو إلى الخوف من أن تجد نفسها معزولة، ومن ثم تطلب هي الأخرى الانضمام إلى صفِّ الوحدة مع تشي، وهكذا تسعى هذه الدويلات الموحدة إلى التحالُف مع دولة تشو مما سيعود بالخير على مواطني الدول الثلاث وأبنائهم جيلًا بعد جيلٍ فينهض الحرث ويتزايد النسل في الدول الثلاث من الجد إلى الحفيد، وإذا بَدَا لجنابكم الكريم أن تأخذوا برأي جوتسوي فلَكُم أن تُعلنوا أن اقتراح إقامة الوحدة والتحالف بين الدول الثلاث صادر عن سيادتكم، ثم إن اقتراح التنازل عن الأراضي لصالح الدولة المجاورة صادر عن جوتسوي نفسه.»

لمَّا جاء رجل إلى جوتسوي

جاء رجل إلى جوتسوي، وقال له: «إن السبب وراء قبول تشو هي لمنصب رئيس الوزراء هو عزمه على مراقبة الكيفية التي تنوي بها دولة تشين تلبية دعوة كلٍّ من دولتي «جاو» و«تسونغ» لدَحر التحالف الثلاثي القائم بين تشين، وي، هان. فإذا صمدت هذه الدول الثلاث ولم تنجح معها محاولات فك أواصر الوحدة القائمة بينهم فسوف يحاول — أى تشو هي — أن يدفع كلًّا من دولتي جاو وسونغ للتحالُف مع الدول الثلاث: تشي، وي، هان، المتاخمة لها من جهة الشرق، وذلك لعزل دولة تشين وحدَها، ثم يقوم بعد ذلك بالإشراف على العلاقات بين كلٍّ من هان، ووي، فإذا لم تثبت أواصر الود بينهما، فسوف يعمل على استشارة دولة تشين للتحالف مع سونغ لضرب الدول الثلاث: تشي، وي، هان، ثم يتآمَر على جاو وسونغ، ويكشف خططهما للدول الثلاث، فلماذا لا تُرسل رسولًا إلى حكام كلٍّ من هان ووي ليُبلغهما بأنه: إذا كنتما تدبِّران للوقيعة بين تشين وجاو بحيث تغدر كلٌّ منهما بالأخرى فإني أقترح عليكما قبول تعييني مساعدًا لرئيس وزرائكما، حتى يتأكد الجميع من مبلغ الودِّ ومتانة العلاقات بين دولتي وي وهان، وهكذا فسوف تنفصم عُرى الثقة بين تشين وجاو ولا تلبث أن تتخلى كلٌّ منهما عن الأخرى، وتلجآن إلى التحالف مع جلالة الملك المُعظم».

لمَّا ذهب رجل إلى الملك ويشانغ وتحدث إليه

ذهب رجل إلى جلالة الملك ويشانغ وتحدث إليه بشأن دولة جاو التي تخشى من اندلاع الحرب بينهما، وهو ما سيعني ضرورة قيام تشين في السر بدعم ومساندة جاو، وبما أن جاو تُدرك من الأصل عجزها عن الاشتباك في حربٍ قتالية، وتخشى كذلك من تقاعس تشين عن مساندتها فهي لا بد ستلجأ أولًا، إلى الوحدة مع تشي، وهنا سيتبدى واضحًا ما تُحاوله كل من تشين وجاو للتقرُّب من تشي ومخاطبة ودِّها، فإذا ما أقدم جلالة الملك على عزل جوتسوي عن منصبه، فلن يبقى هناك من يسعى بجدٍّ واهتمام لإقامة الوحدة مع تشي، وهو ما أراه بعيدًا عن الصواب، وما لم يسرع جلالة الملك بإيفاد جوتسوي لكسب تشي إلى جانبه، فسيأتيه بغتة خبر قيام تشين بالإغارة على تشي، وساعتئذ يخسر الملك أهم سند له وتفوت الفرصة، ولات ساعة مندم.

لمَّا ذهب رجل إلى جوتسوي وقال

ذهب رجل إلى جوتسوي وقال له: «إن جلالة الملك ويجاو يُنهي إلى سيادتكم تزكيته لكم بإدارة الشئون العُليا للبلاد في وقتٍ يريد فيه مساعدتكم له على إقامة تحالُف مع دولة تشين تمهيدًا لإرسال حملةٍ تأديبية إلى دولة تشي، ثم إن الوالي «تيان ون» أمير إقليم شيون غدر بمليكه (ملك تشي) بعد أن هانت عليه كل الاعتبارت بما في ذلك الولاء والشرف والمكانة وحتى الإقطاعات التي كان يملكها، وقبل ذلك كله تاريخه وتاريخ أجداده الأقدمين، وها أنت ذا — برغم ذلك — تركب رأسك وتتقاعس عن التحالف مع دولة تشي والاشتراك معها في حملةٍ هجومية ضد تشي غافلًا عما سيسطره التاريخ لك من مآثر لو قمتَ وما يُمليه عليك الواجب والنبل والعرفان للقادة والأمراء والأماجد الأقدَمِين من بني قومك، ثم إن تقاعُسك عن الخروج مع تشين في حملتها ضد تشي سيثير عليك غضب المملكة العظمى وهو أمر أنت في غِنًى عنه، فاحذر الغيَّ وارجع إلى صوابك، ولتقُم من فورك وتذهب إلى ملك وي والوالي شوكون وقل لهما ما يلي: «ألتمس موافقتكما لي بالذهاب إلى تشي نيابة عن جلالة الملك، وهو ما سيُجنب تشي الكثير من المتاعب التي يمكن أن تتعرَّض لها على يد أمراء الممالك، فإذا ما نجم الأمر عن أية أحداث طارئه فائذن لي جلالتك بالدفاع عن تشي بوصفي مندوبًا عن جلالة ملك وي، أما إذا بقِيَت الأحوال على ما هي عليه، فلننتظر حتى تحكم العزلة سوارها حول دولة تشين، وعندئذٍ تسنح الفرصة لشن حملةٍ هجومية كاسحة عليها، ثم إني وبرغم كوني توليتُ منصب رئيس وزراء دولة تشي فيما مضى فإني لا أقبل لنفسي أن أكون عقبةً في طريق الخطة التي انتهجها جلالة الملك الإمبراطور للتصالح مع الممالك جميعًا وهو أقل ما أستطيع أن أفعله تعبيرًا عن امتناني لأفضاله الكثيرة عليَّ، وهكذا فإن ذهابي إلى تشي يزيح عن كاهل جلالته كثيرًا من القلق الذي ينتابه إزاء ما تُمثله تشي من عقبةٍ كئودٍ في طريقه».»

لمَّا استولت دولة جاو على الساحة المقدسة

لمَّا استولت دولة جاو على الساحة المقدسة تكدَّر خاطر حاكم دولة جو، وراح يبثُّ شكوكه وهمومه لرئيس وزرائه (السيد جنشاو) الذي أنصت إليه جيدًا، ثم قال له: «لا عليك يا سيدي، لا تدَعْ هذا الأمر يشغل بالك، فأنا أستطيع أن أردَّ إليك الساحة المقدسة إذا أعطيتني من الخزانة العامة خمسة عشر كيلو جرامًا من الذهب (النحاس في حقيقة الأمر).» فأجابه الحاكم إلى طلبه، فتوجَّه رئيس الوزراء بالذهب وتسلَّل خفيةً طلبًا للقاء كبير العرافين لدولة جاو، وتحدث إليه بشأن ساحة القرابين، ثم حدث أن أُصيب ملك جاو بمرض عضال، وطلب إلى العرَّاف الأكبر أن يُطالع له أسرار البروج بشأن ما أصابه من مرض مُبرح، فعاد إليه العراف وراح يلومُه ويُحذره من مغبَّة استيلائه على الساحة المقدسة، قائلًا له: «ما كان يصحُّ الإبقاء على الساحة المُقدسة التي تم ضمُّها والخاصة بدولة جو، ذلك لأن شيطانًا رجيمًا يتلبَّسها ويعيث فسادًا في الأجواء ولعلَّه هو الذي مسَّ جسد جلالة الملك بأذًى خطير». فما كان من الملك إلا أن أصدر أوامره بالانسحاب من الساحة المقدسة وإعادتها إلى دولة جو.

لمَّا أوصى دوها بتعيين جين تسوي

لمَّا فكر دوها في أن يطلُب إلى دولة تونجو أن تقوم بتعيين «جين تسوي» في وظيفة مرموقة، فقد ذهب إلى حاكم تونجو وقال له: «إن بلادكم يا جلالة الملك ليست فسيحة الأرجاء واسعة الامتداد، فليس مرغوبًا، والأمر كذلك، أن تهَبَ للأمراء والحاشية ما منحته البلاد إيَّاك من أثمن الحُلِي والجواهر دون أن تتساهل في توزيع ما منحته إياك من حُلي وجواهر وأحجارٍ كريمة على الأفراد والحاشية، بل ينبغي التروِّي والتدبر، ولأضرب لك مثلًا من عالَم القنص وصيد الطيور، الذي يَنصب شِباكه بعيدًا عن أسراب الطير، سيعود في انقضاء اليوم خالي الوفاض، وحتى إذا نصب الشَّرَك على مرأًى من جماعات الطير المُحتشدة، فستحلق عاليًا في السماء دون أن تسلم إليه رقابها، فينبغي إذن على الصيَّاد الماهر أن يضع أشراكه في الموضعَين معًا، عساه يعود بصيد وفير.

أما وإن جلالتك تُريد أن تتكرم بالعطايا على كبار رجال الحاشية فربما استصغروا قيمتها إزاء ما يملِكون من مغانم وثروات، ثم إنك إذا أهديتَها إلى العامة والبسطاء فلن ينفعوك بشيءٍ وقتَ الحاجة، أليس في ذلك إهدار للكنوز الثمينة في غير طائل؟ فمِن ثم أرى أن ما ينبغي على الحاكم أن يفعله هو أن يهَب عطاياه لمن هلكت حظوظهم بسبب الفقر والفاقة، أولئك الذين ينتظِرهم مع سوء حظهم مستقبلٌ باهر يرفعهم فوق الناس درجات، ويتحقق بهم الأمل المنشود.»

لمَّا تُوفِّي وليُّ العهد لحاكم دولة جو

لمَّا تُوفِّي ولي العهد «كونغ» ابن حاكم دولة جو (جلالة الملك أوكونغ) وكان هو الوحيد من بين أبناء الحاكم الذي وضعته له إحدى الأميرات ذات النَّسَب الملكي الأصيل، أما أبناؤه الخمسة الآخرون فكانوا من أبناء المَحظيات وخليلات العرش، وبرغم أن الأمير كان يُحبهم جميعًا ولا يُفاضل بينهم في شيء، فإنه لم يتوصَّل إلى قرار نهائي بشأن ترشيح أحدِهم ليُصبح وليَّ العهد الجديد، ثم إن رئيس الوزراء صاجيان ذهب إلى حاكم دولة تشو وقال له: «لماذا لا تُسارع يا مولاي بمنح ولدك كونزي إقطاعاتٍ وعطايا ملَكية عامرة، ثم تتكرم عليه بالترشيح لمنصب ولي العهد خلفًا للفقيد في دولة جو؟» وعندئذ، تدخَّل الوزير الأعظم تزوشينغ، رئيس وزراء دولة تشو، ليقول لرئيس الوزراء: «فماذا إذن لو رفض جلالة الملك مثل هذا الترشيح؟ ألا تُحبط خطتك عندئذٍ وتجد نفسك في موقفٍ مشين؟ ألا يمكن أن تكون نتيجة مثل هذا الرأي أن تتوتَّر العلاقات بين دولتي تشو وجو الشرقية؟ خذ برأيي واسمع نصيحتي، واذهب إلى جلالة الملك الأعظم حاكم جو واسأله عمَّن يُفضل أن يرشح لمنصب ولي العهد، على أن يهمس بذلك سرًّا في أُذنَيك، ثم تنقل إليَّ رغبة جلالته كي أُبلغها إلى حاكم تشو، أما إذا بلغك أن حاكم جو يرغب في تعيين الأمير كونزرو وليًّا للعهد، فما عليك إلأ أن تُرسِل رسولًا بهذا الخبر لرجال بلاط تشو ليقول لهم: «إن حاكم تشو يبدو وكأنه يُفضل من جانبه أن يكون ولي العهد الجديد هو كونزرو غير أنه من المؤسِف أن هذا الأمير بالذات هو أكثر الأمراء عنادًا وجموحًا، ولعلَّه إذا ما بلغ سُدة الحكم واعتلى العرش الملكي أن يضرَّ بالعلاقات بين البلدين».» ثم إن حاكم تشو تمكن بهذه الطريقة، من أن يحُول دون تنصيب كونزرو وليًّا للعهد.

لمَّا أغلقت الدول الثلاث الطريق

قامت الدول الثلاث: هان - جاو - وي بإغلاق الطريق العام بينها وبين دولة تشين، وكان حاكم جو ينوي إرسال رئيس وزرائه في مهمةٍ رسمية إلى تشين، ثم إنه خشِي ألا تَلقى هذه الزيارة الرسمية الحماس اللائق من جانب تشين، مما يُعَد إهانةً واستصغارًا لشأنه، فأصدر قرارَه بإلغائها.

وجاء لرئيس الوزراء من قال له: «من الصعب يا سيدي التكهُّن بما إذا كانت دولة تشين ستلقى زيارتكم بالتوقير أو بالتحقير، وعلى أية حالٍ فالأمر الشائك والمُهم بالنسبة ﻟ «تشين» في هذه الأيام هو معرفة الصورة الحقيقية للأوضاع في الدول الثلاث، وهكذا فإذا أسرعتَ من فورك للقاء حاكم تشين وألمحتَ إليه أن بإمكانك مراقبة أحوال غُرَمائه واستطلاع دخائلهم لتفتح عينَيه على ما خَفِي عنه من خباياهم، فلا بد أنه سيُولي زيارتك كل تقدير، وهو ما سيجد صداه من اهتمامٍ بالغ بدولة جو الشرقية، مما يفتح لها الطريق لأن تكسب تشين في صفِّها، وأنت تعرف أن دولة تشي تُولي جو الشرقية كل احترامٍ وتقدير، وهو ما يُعطي تشي حجمًا هائلًا من الثقة بين الدول وهو الأمر الذي يجعل جو الشرقية قادرة باستمرار على الحفاظ على علاقات متينة مع الدول الكبرى».

لمَّا هرب تشانغ تو من دولة جو الغربية

لمَّا هرب «تشانغ تو» من دولة جو الغربية إلى جو الشرقية وقام بإبلاغ الشرقيين بدقائق وتفاصيل الأحوال والأسرار في جو الغربية، اغتبط كثيرًا حاكم الدولة الشرقية، بينما وقعت الهموم والأحزان في نفس الحاكم الغربي، ثم إن الوزير الأعظم فنغ تشي (وزير دولة جو الغربية) ذهب إلى جلالة الحاكم، وقال له: «أستطيع يا مولاي أن أُخلِّصك من «تشانغ تو» بتصفيته جسديًّا»، فوافق الحاكم وأعطاه ثلاثين أوقية من الذهب الخالص (النحاس في ذلك الوقت)، وكانت حيلة الوزير تتمثل في بذر الشقاق بين تشانغ تو وحلفائه الجُدد، ومن ثم فقد أرسل رسولًا يحمل في طيِّ الخفاء خطابًا قصيرًا مُرفقًا بالثلاثين أوقية المشار إليها آنفًا، وذلك لإرسالها ﻟ «تشانغ تو»، وكان الخطاب يحوي هذه السطور: «حضرة المحترم/تشانغ تو، تحياتنا المخلصة، نود إبلاغكم بأن مهمتكم في سبيلها إلى التنفيذ حسب الخطة المرسومة بدقة، فقط نريد منكم الالتزام الحرفي بأدق التفاصيل، فإذا وجدتم الظروف غير مواتية، فالرجاء الإفلات سريعًا والهرب بكل وسيلة ممكنة، وإلا حدث ما لا تُحمد عقباه، وأصبحتم عرضة للخطر الداهم والمُحقق». ثم إنه أرسل من توجه سريعًا إلى رجال الاستخبارات بدولة جو الشرقية ليُبلغهم القول إنه قد عبر إلى حدودكم اليوم أحد أخطر العملاء على الإطلاق وهو ما يعني سرعة القبض على تشانغ تو والتحفظ عليه لحين الحُكم بإعدامه.

لمَّا ساءت العلاقات بين دولة جو والوزير

حدث أن ساءت العلاقات بين دولة جو الشرقية وبين الوزير جاوجيان من دولة تشو، فذهب رجل وقال ﻟ «جاوجيان»: «أريد أن أضع لك خطة سرية»، فسأله جاوجيان: «بخصوص أي موضوع تضع تلك الخطة؟» فأجابه الرجل: «قد بلغت الكراهية مبلغها بين دولتي جو الشرقية والغربية، وهكذا فقد دأبت الدولة الغربية على زرع بذور الشقاق بين الدولة الشرقية ودولة تشو لإيقاع الفتنة بينهما، ولا بد أن الدولة الغربية ستُرسل مَن يقوم باغتيالك غدرًا وغيلة، وذلك للنَّيل من سمعة جو الشرقية، ثم يشتعِل لهيب الفتنة بين الدولة الشرقية وحاكم تشو»، وهنا ردَّ عليه جاوجيان بقوله: «نعم، إني أخشى حقًّا أن تَطولني يدُ الغدر من جو الشرقية».

لمَّا قام يانجون بالتحريض على الاغتيال

حدث أن قام يانجون بتحريض هوتشين على اغتيال رئيس وزراء دولة هان، وكان من بين المشاركين يانغ شو (نائب هوتشين)، فلمَّا كان الرجلان مارَّيْن بدولة جو الشرقية، قام الحاكم بالتحفُّظ عليهما لمدة أربعة عشر يومًا، وبعد انقضاء هذه المدة، أطلق سراحهما وأركبهما عربةً تقودها أربعة خيول، وأرسلت دولة هان إلى جو الشرقية احتجاجًا رسميًّا على هذا التصرُّف، مما أثار شعورًا بالقلق لدى البلاط الحاكم، وعندئذٍ تقدَّم أحد ضيوف الدولة الرسمِيِّين إلى حاكم جو الشرقية باقتراحه قائلًا: «أرى يا مولاي أن تذهب مباشرة للقاء رسول دولة هان، وتقول له بنفسك: إن جلالتك تعلم علم اليقين أمر خطة الاغتيال التي أعدها يانجون بالاشتراك مع يانغ شو، وهو ما دفعك إلى إصدار الأوامر بالتحفظ عليهما طوال الأربعة عشر يومًا انتظارًا لما يفد إلينا من جانبكم بشأن التصرُّف معهما، أما وأننا دولة ضئيلة المساحة ضعيفة الشأن بين الممالك، فلم نكن نملك أن نُبقي طرفنا قتلةً مأجورين، فأنتم تعرفون جيدًا مدى ما يمكن أن يصل إليه ذلك من عواقب وخيمة، أضف إلى ذلك أن بلادكم تلكَّأت كثيرًا في إرسال مبعوث في هذا الشأن، فما كان منَّا إلا أن قُمنا بترحيلهم خارج البلاد.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤